سالم الحبسي يكتب : هل رأى المنتخب عشقًا مثلنا؟

الجماهير الاثنين ٢٨/يوليو/٢٠٢٥ ١٤:٥١ م
سالم الحبسي يكتب : هل رأى المنتخب عشقًا مثلنا؟

بالحبر السري..

أربعون عامًا نكتب..

والحب للأحمر لا يبرد

هل رأى الحب سكارى مثلنا؟

ربما لا… لكن الصحافة الرياضية رأت منّا ما لم تره قصائد العشق. فمن يظن أن الصحفي الرياضي مجرّد ناقل نتيجة أو راوٍ لمباراة، لم يعرف أن الكلمة كانت أحيانًا بطولة، وأن الحقيقة كانت ميدالية من نوع آخر.

كم بنينا من خيال حولنا؟

نعم، بنينا. لم تكن تغطياتنا مجرّد أخبار، بل عالمًا من التفاصيل، وذاكرة تحفظ لحظات لا توثّقها الكاميرا. كنا نصنع القصص من بين العرق والدموع، وننسج البطولة من حوار عابر، أو دمعة لاعب، أو احتفالية جمهور.

ومشينا في طريق مثمر؟

مثمر جدًا، وإن لم يكن معبّدًا دائمًا. طريق ممتد من الملاعب المحلية، إلى دورات الخليج، إلى القارات البعيدة. مشينا في الصحاري والشتاء والمطر، لا نبحث عن نجومية، بل عن صدق، وعن لحظة حقيقية تشهد أننا كنا هناك… نكتب، نؤرشف، ونحفظ للرياضة ذاكرة نزيهة.

أربعون عامًا وأنا أرى الرياضة بعدسة تختلف. لا تعنيني فقط النتيجة، بل ما بين السطور. أنظر إلى الركنية كأنها قرار، إلى الهدف كأنه حلم، إلى الهزيمة كدرس، لا كصفعة.

واليوم… في عصر السرعة والنشر الفوري، أعود لنفسي وأتساءل: هل ما زال هناك مكان للصحفي الذي يعشق؟

الإجابة عند من يقدّر المعنى لا العنوان… وعند من يعرف أن الصحافة ليست مهنة، بل حكاية عمر، كتبتها بقلبي، قبل أن أكتبها بحبري.

هل رأى الحب سكارى مثلنا؟

نعم… الصحافة رأت، والملعب شهد، ونحن كنا هناك. سكارى لا بخمرة، بل بحب منتخبٍ لطالما كتبنا عنه بالحلم، ثم بالدموع، ثم بالتاريخ.

منذ الثمانينات، وأنا أركض خلف المنتخب العُماني، لا بالكاميرا ولا بالقميص… بل بالكلمة. تابعته في دورات الخليج، عندما كان الحلم هدفًا يتيمًا… نحتفل به وكأنه بطولة. كان تعادلٌ مع خصم كبير يُعد إنجازًا، وكان الحلم أن نُسجّل… لا أن نُتوّج.

كم بنينا من خيال حولنا؟

بنيناه، وعشنا فيه. كتبنا عن منتخب يصعد درجات المجد ببطء، وعن جيلٍ يحمل الكرة كأمانة وطن، لا مجرد رياضة. تابعنا التحولات، من منتخب شاب طموح، إلى كتيبة تُقارِع وتُرهِب… حتى تحقق الحلم الأكبر: كأس الخليج.

لكن الطريق لم يتوقف هناك.

ومشينا في طريقٍ مثمر.

ثمرة اليوم… هي الثقة. الجيل الجديد يحلم لا بالكأس فقط، بل بكأس العالم. وصحفيًّا، بعد كل هذه السنوات، لم يعد دوري أن أصف المباراة فقط، بل أن أكون شاهدًا على هذه الرحلة الوطنية التي جمعتنا: جمهورًا، إعلامًا، ولاعبين.

اليوم، بعد أكثر من 40 عامًا من المرافقة، أقول: لم أعشق شيئًا كما عشقت لحظة أن ترى علم وطنك مرفوعًا، لا على منصة التتويج فقط… بل في قلب الحلم.

فتعلم كيف تنسى..!!

هذه اللحظات المتبقية أمامنا في الطريق إلى كأس العالم ليست للنسيان .. بل هي لحظات نختزل فيها تجربتنا الكروية لتنصب في هدف واحد ( كأس العالم ) 

فلا تقل شئنا فإن الحظ شاء.