محمد محمود عثمان يكتب: ترامب المُريب .. وسيناريوهات التخصيب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/يونيو/٢٠٢٥ ١٦:١٦ م
محمد محمود عثمان يكتب: ترامب المُريب .. وسيناريوهات التخصيب

يبدو أننا نشاهد سيناريو هزليا على المسرح العالمي أبطاله الرئيس الأمريكي ترامب وقادة إيران ورئيس الوزراء الإسرائيلي نيتنياهو بالإضافة إلى الكومبارس العربي الذي يلعب دورا خطيرا تحت خشبة المسرح، للتبشير بالشرق الأوسط الجديد وضمان خروج الجيش الإيراني - كضلع قوي- من مثلث المعادلة الذي تمثل أضلاعه تركيا ومصر وإيران ، بعد خروج الجيش العراقي والسوري وتقليم أضافر إيران وحزب الله وجماعة الحوثي ليصبح الطريق مُمهدا ومفتوحا أمام التطبيع والإبراهيمية لضمان السيطرة على الشرق الأوسط وثرواته الدفينة وتقسيمه من جديد، في ظل صمت عربي وإسلامي رهيب ومُريب من البعض

فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالما لوّح بالقوة ضد إيران، إذا لم يتحقق اتفاق نووي من خلال المفاوضات غير المباشرة بين طهران و واشنطن عبر الوساطة العُمانية التي احتضنت خمس جولات، قد اختار مسارًا غامضًا يجمع بين التناقضات و التصعيد العسكري والمفاوضات غير المباشرة ، والمناورات والخداع الاستراتيجي وتوزيع الأدوار والمشاركة في الجولة الأولى للقصف الإسرائيلي لإيران بدون إعلان ، عشية جولة المفاوضات في الجولة السادسة التي كان مُقررا عقدها في العاصمة العمانية مسقط ثم القصف الأمريكي المباشر للمنشآت النووية الإيرانية قبل انتهاء مهلة الـ 15 يوم التي أعطاها لإيران ،وانتهاج سياسة الضغط الأقصى، التي أعقبها الرد المسرحي الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية بدولة قطر ، والتي أعلن ترامب بأن إيران قد أخبرته بها مسبقا ،وكأن إيران تدفن رأسها تحت الرمال و تتجنّب الانزلاق إلى مواجهة شاملة مع أمريكا، بدون التنازل عن برنامجها النووي الذي تدعي بأنه سلميا.

و نجاح ترامب في تركيع وترويض إيران حيث سيفرض عليها المفاوضات تحت أسنة الرماح ،في ظل تصريحات وكالة الطاقة الذرية التي تنفي خروج إشعاعات نووية ملحوظة، 

والغريب هو إعلان كل الأطراف الإيرانية والإسرائيلية والأمريكية بأنهم جميعا منتصرون في هذه الجولة العسكرية بعد إعلان إيران وإسرائيل وقف تبادل الهجمات العسكرية 

وبدون تحقيق سلام دائم أو تبادل الاعتراف والتطبيع ،وهو سلام هش فوق صفيح ساخن، ولا يريد أي منهم أن يظهر أمام الداخل في صورة القائد المهزوم التي تفرض إقالته أو استقالته وفق الأعراف العسكرية والسياسية

كما أن التصريحات من طهران وتل أبيب تركز على وقف الأعمال العدائية "لفترة"، في ظل تناقضات إعلامية وسياسية حيث وصفت استخبارات أمريكية رسمية التقييم الأولي بأنه "ضعيف الثقة"، والتحليل لاحقًا أكد بقاء منشآت تحت الأرض ومخزونات يورانيوم ، وقول ترامب إن «المخابرات مخطئة»، و التصريحات الاستخبارات الإسرائيلية تؤكد «تدميرًا كاملًا» لمنشآت فوردو .

وفي المقابل تروج إدارة ترامب بتحقيق إنجازات كبرى بعد قصف كل المنشآت النووية الأساسية وتدمير البرنامج النووي الإيراني كاملا، - ولكن بدون وجود تأثيرات إشعاعية - في الوقت الذي تظهر فيه تقارير استخباراتية وتحركات وتصريحات إيرانية تُناقض هذا الطرح بأن البنية التحتية الأساسية لا تزال قائمة وتفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة لمستقبل التخصيب النووي الإيراني. 

خاصة أن التناقض بين التصريحات والسياسات وتقارير الاستخبارات يثير تساؤلات حول نوايا ترامب الحقيقية و هل كان يسعى لنزع التخصيب فعلاً أو مجرد قرصة أُذن كما يُقال ؟ أم البحث عن نصر إعلامي ؟ أم أنه يُعد المسرح للسيطرة الأجنبية؟ !

ولذلك تتعدد على المسرح سيناريوهات التخصيب بعد الضربات الأمريكية - الإسرائيلية كما نراها :

- السيناريو الأول: وجود تخصيب سري في منشآت تحت الأرض وهو قاب قوسين أو أدني من الإنتـاج الفعلي للقنبلة الذرية ، إذا لم تكم قد أنتجتها إيران فعليا ولكن سرا ،ولم تطالها الضربات العسكرية وتعده إيران انتصارا ، على ألا تعلن عن ذلك إلا بعد الإعلان عن الانسحاب من اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية 

 السيناريو الثاني : أنه تم إزالة المواد النووية مسبقًا مع اتفاق مرحلي جديد مقابل تخفيف العقوبات ، في حال استجابة إيران للشروط الأمريكية أو بعضها

- السيناريو الثالث: تصعيد نووي تدريجي عبر تخصيب بنسبة أكثر من 60 % ، حتى يمكن القول أنه ما بين مفاوضات مسقط، وقذائف قاعدة العديد، وموقع نطنز، يبقى التخصيب قائما 

حيث يمكن أن تسمح به أمريكا لاستثماره في إرهاب دول الخليج لحصول ترامب على المقابل المادي نظير توفير الحماية الأمريكية للعروش، واستمرار عملية حلب البقرة الحلوب 

- السيناريو الرابع : أن تحصل إيران على هدنة أو استراحة محارب لتعيد ترتيب الأوراق والحصول على دعم تقني من الصين أو روسيا أو كلاهما في ظل الغياب الغربي ، وتفضيل رفع العقوبات عن طريق الحوار غير المباشرفي إطار تكتيك البقاء وتجنّب الحرب وتبعاتها الاقتصادية