طهران - الشبيبة
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان، إن إيران لم تجر أي اتصال أو لقاء مع الولايات المتحدة، رغم أن إدارة الرئيس دونالد ترمب "طلبت التفاوض"، لكنه رفض ذلك قبل وقف الهجمات الإسرائيلية، وسط اعتراض تل أبيب على إلقاء طهران كلمة أمام المجلس.
وقال عراقجي في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، إن طهران لن تدخل في أي مفاوضات طالما استمر القصف الإسرائيلي على أراضيها ومنشآتها الحيوية.
وذكر أن "إيران لم تُجرِ أي اتصال أو لقاء مع الولايات المتحدة، رغم أن إدارة واشنطن طلبت التفاوض"، مشدداً على "ألا تفاوض قبل وقف العدوان الإسرائيلي على إيران".
وأشار عراقجي، إلى أن بلاده "ملتزمة بالدفاع عن سيادتها وأراضيها بكل قوة"، معتبراً أن الهجمات الإسرائيلية تشكل "حرباً غير عادلة تُشن على إيران"، وأن طهران "ستدافع بقوة عن أرضها وسيادتها".
وحذر الوزير من أن "جر الحرب إلى منطقة الخليج هو خطأ استراتيجي، وهدفه توسيع الحرب إلى كل المنطقة"، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في وقف التصعيد.
والشبيبة تنشر النص الكامل لخطاب لمعالي وزير الخارجية الإيراني أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي أُلقي عصر اليوم في جنيف، سويسرا:
السيد الرئيس،
السادة المندوبون المحترمون،
أنا عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، الدولة المحبة للسلام التي ترث إحدى أقدم الحضارات التي ساهمت بشكل كبير في مسيرة الحضارة والثقافة والأخلاق الإنسانية.
واليوم، تتعرض هذه الأمة التي يبلغ عدد سكانها مئة مليون نسمة لعمل عدواني فاضح من قبل نظامٍ ارتكب إبادة جماعية مروعة في فلسطين على مدى العامين الماضيين، ويواصل احتلال أراضي الدول المجاورة.
السيدات والسادة،
أقف أمام هذا المجلس الموقر لأُذكّركم بالمسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق كل دولة عضو ومراقب في مجلس حقوق الإنسان، وهي أن تقف ضد هذا الظلم الجسيم.
لقد شنت إسرائيل عدوانًا غير مبرر على إيران، في انتهاك صارخ للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، وتحدٍّ سافرٍ لجميع المبادئ والقواعد التي يقوم عليها هذا المجلس.
إنها حرب غير عادلة فُرضت على شعبي منذ الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة 13 يونيو، عندما نفذت إسرائيل مزيجًا من العمليات غير القانونية والإجرامية ضد عناصر عسكرية خارج الخدمة، وأساتذة جامعات، ومواطنين عاديين. لقد قُتل وأُصيب المئات من الإيرانيين جراء الهجمات المفاجئة والعمليات الإرهابية التي استهدفت المناطق السكنية والبنية التحتية العامة والمستشفيات والمراكز الصحية.
كما استُهدفت منشآتنا النووية السلمية، رغم أنها تخضع للرقابة الكاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورغم أن مهاجمة مثل هذه المنشآت محظور تمامًا بموجب القانون الدولي. وتُعدّ الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية جرائم حرب جسيمة، خاصةً لما تحمله من خطر كارثة بيئية وصحية نتيجة تسرّب إشعاعي محتمل.
السيد الرئيس،
إيران، العضو المؤسس في منظومة الأمم المتحدة، تتوقع بحق من كل واحد منكم أن يقف من أجل العدالة، وسيادة القانون، والمبادئ الأساسية للإنسانية والأخلاق. إيران تتعرض لعدوان وحشي لا رحمة فيه. ويجب ألا يُسمح بتحوير هذه الحقيقة الواضحة من قبل إسرائيل وداعميها. لا يمكن ولا يجب تبرير العدوان الإسرائيلي على إيران بأي معيار قانوني أو أخلاقي. وأي محاولة لتبرير هذه الحرب الجائرة والإجرامية إنما يُعدّ تواطؤًا.
إن إيران تدافع عن نفسها ضد هذا العدوان الهمجي. ومن حقنا، بل من واجبنا، أن ندافع عن وحدة أراضينا وسيادتنا الوطنية وأمننا بكل ما لدينا من قوة. وهذا حق أصيل لنا، كما نصّت عليه المادة 51 من الميثاق.
الزملاء الأعزاء،
إن السلام وسيادة القانون في خطر جسيم نتيجة الغزو غير المشروع الذي قامت به إسرائيل ضد إيران. فإسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. إن القانون الإنساني الدولي، الذي تم تقويضه بالفعل بسبب فظائع إسرائيل المستمرة في فلسطين المحتلة وأماكن أخرى، يتعرض الآن لخطرٍ جديدٍ وخطير، إذ تواصل إسرائيل انتهاكاتها الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
السيد الرئيس،
إن سويسرا، بصفتها الدولة الحاضنة لاتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، تتحمل مسؤولية هامة في هذا الشأن. بل إن كل دولة طرف في اتفاقيات 1949 يجب أن تتحمّل مسؤولياتها بموجب هذه الاتفاقيات، لا سيما المواد المشتركة 1 و3 منها.
الزملاء الأعزاء،
لقد تمّ الاعتداء علينا في خضمّ عملية دبلوماسية قائمة. كنا بصدد لقاء الأمريكيين في 15 يونيو من أجل التوصل إلى اتفاق واعد لحلّ سلمي للقضايا المختلقة بشأن برنامجنا النووي السلمي. لقد كان ذلك خيانة للدبلوماسية وضربة غير مسبوقة لأسس القانون الدولي ونظام الأمم المتحدة.
دعوني أكون واضحًا:
إذا كان ثمة جدوى حقيقية من الأنظمة والآليات المكلفة التي أنشأناها على مدى الثمانية عقود الماضية من أجل صون حقوق الإنسان وكرامته، فإن الوقت قد حان لتفعيلها الآن.
نحن بحاجة إلى تحرّك عاجل. وإلا فإن منظومة القانون الدولي القائمة على الأمم المتحدة ستتعرض لتآكل خطير.
نحن أمام لحظة تاريخية في مسيرة الحضارة الإنسانية، حيث تتعرض دولة متحضّرة لحرب عدوانية غير عادلة.
العالم بأسره — كل دولة، وكل آلية وهيئة تابعة للأمم المتحدة — يجب أن تستنفر وتتحرّك الآن لردع المعتدي، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، ومحاسبة المجرمين على فظائعهم وجرائمهم المستمرة في منطقتنا.
إنها صرخة يطلقها رجل كرس حياته كلها للحوار والدبلوماسية، لكنه أيضًا من قدامى المحاربين في الحرب التي فُرضت علينا من نظام صدام، ويعرف جيدًا كيف يدافع عن وطنه الحبيب.