أصدر معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي ، رئيس مجلس إدارة صندوق الحماية الإجتماعية القرار رقم (د/11/2024) بشراء مدد الخدمة الإعتبارية لمن لم تُسعفه الظروف لإكمال 15 عامًا من الخدمة ، وهو يُعد فرصة لشراء السنوات المتبقية – وفق حسابات دقيقة – ليتمكن المواطن من الحصول على معاش تقاعدي مبكر غير خاضع لنسب الخصم ، وذلك استنادًا إلى المادة (81) من قانون الحماية الإجتماعية .
جاء القرار ليعالج فجوة واقعية في سوق العمل ، وهي حالات الموظفين الذين انتهت خدماتهم قبل إكمال 15 سنة خدمة مستمرة ، سواء بالتسريح أو لأسباب أسرية أو صحية الخ ، ويمنح خيارًا قانونيًا وإنسانيًا للأفراد لاستكمال المدة المطلوبة للتقاعد المبكر دون خصم ، بدلًا من أن يُحرموا من معاش مستحق لهذا السبب ، ويدعم ذلك مبدأ المرونة والعدالة في منظومة الحماية الإجتماعية الجديدة ، الأمر الذي يفتح آفاقا أوسع امام الكثيرين من الراغبين في التقاعد والمسرحين خاصة في إستلام راتبا تقاعديا مدى الحياة وتوفير معين يسهم في تخفيف الأعباء الحياتية عن الكثيرين ممن إضطرتهم الظروف إلى مغادرة مواقع العمل ، وهو ما يجب على صندوق الحماية الإجتماعية ان يمضي قدما في تكريس مثل هذه التوجهات التي تضفي المزايا والتسهيلات للأعضاء الموظفين في الدولة أو المتقاعدين وتسعد المنضوين تحت مظلته وأن يكون نظام الحماية الإجتماعية مستوعبا للمتغيرات الإقتصادية التي يجب ان تنعكس إيجابا على من هم تحت مظلته .
بلاشك أن تطوير انظمة الحماية الإجتماعية وإضفاء المزيد من التسهيلات والحوافز التي تسهم في خدمة المنتسبين الى هذه المنظمومة يجب ان تكون احد اهداف صندوق الحماية الإجتماعية لما يمثله ذلك من اهمية كبيرة في تعزيز سبل الحياة الكريمة للمواطنين والإسهام في خفض حدة التضخم الذي يجتاح العالم من خلال مزايا إضافية تخفف من وطاءة الحياة ، ومنها الكثير الذي يجب على الصندوق دراسته لفائدة الأعضاء لديه في الحصول على عروض وتخفيضات كثيرة تسهل عليهم مجابهة مشاق الحياة وأعباءها المتزايدة ، كما أن هذا القرار يندرج ضمن منظومة المرونة التي يجب ان يتمتع بها الصندوق في مواكبة المتغيرات الحياتية المتسارعة ويعمل بشكل اكثر دينامكية وقدرة على خدمة اعضاءه بشكل مستدام يبعث على الإرتياح .
وتتجلى أهمية القرار في كونه يفتح نافذة من الأمل لفئات واسعة من موظفي القطاعين العام والخاص ، الذين أنهوا خدماتهم قبل بلوغ الحد الأدنى ، دون أن يكون ذلك بإرادتهم أحيانًا ، بسبب ظروف كالتي أشرنا إليها أعلاه ، ويتيح لهم إستعادة حقهم في التقاعد وما يشكله ذلك للكثيرين كفرصة سانحة تضمد جراح فئات اضطرت للتوقف عن العمل لظروف خارجة عن إرادتهم ، ويحقق جزءا من متطلبات الحياة الأساسية ويمنح الفرص لإعادة ترتيب أوضاعهم بأستثمار طاقاتهم في مجالات أخرى.
ومن اللافت في هذا القرار أنه لم يُترك مفتوحًا للتقدير أو التفاوض ، بل جاء مصحوبًا بملحق اكتواري دقيق يُحدد تكلفة شراء كل سنة اعتبارية بناءً على عمر المؤمن عليه عند التقديم ، مع مراعاة الفروق بين الذكور والإناث .
بالطبع مثل هذه القرارات العامة وتطبيقها من الطبيعي ان تواجه عقبات قد تحد من الإستفادة منها تتمثل في أن الكثيرمن المواطنين لا يعرفون معنى المعامل الاكتواري أو كيفية حساب التكلفة ، وهذا أمر طبيعي إزاء أي فكرة جديدة غير إنه من السهولة تجاوز هذه العقبة ألا كأداء بتقديم محاضرات وتوعية للموظفين والمتقاعدين المحتملين وتبسيط الإجراءات والنماذج مع توفير أدوات حساب واضحة ومباشرة لفهم التكلفة والعائد كتسهيلات في السداد ، مثل التقسيط الميسر أو خيار الخصم حتى يصل الجميع لمعرفة كاملة وكافية لكيفية إحتساب المعامل الإكتواري كما ينبغي .
البعض قد يرى المبالغ المطلوبة كبيرة مقارنة بوضعه المالي بعد التقاعد ، والبعض الاخر قد لا يعرف أصلاً أن القرار يشمله وبإمكانه "شراء" سنوات ، لذلك فإن عقد المحاضرات ودورات التوعية التي اكدنا عليه ضرورية في هذه المرحلة كل ذلك يفرض ان تكون هناك جهودا للتوعية بهذه الجوانب كجزء من استحقات إرساء القرار على الأرض ، وهذه إحدى أهم مرتكزات العمل في المنظومة لحفز المجتمع وتنويره بأهمية الحماية الإجتماعية ودورها خاصة للفئات التي تعمل لحسابها الخاص والتي مابرحت بعيدة عن هذه الأضواء الباهرة الجديدة ، وتحتاج للمضي بها إلى دائرة الضوء لتعلم بأن هناك بون شاسع بين ما كان وبين ماهو واقع الآن .
نأمل أن يكون هذا القرار بداية لسلسلة قرارات إصلاحية تالية له تُنصف من أُغلق أمامهم باب الخدمة فجأة ، وتفتح لهم نافذة أمل على حديقة التقاعد ، والاستفادة من المزايا التي يوفرها بشراء مدة الخدمة ، وحتى يتسنى لهم الإستفادة من نظام تقاعدي مريح يساعدهم في سعيهم النبيل لتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم .