يوم التروية.. انطلاقة أعظم رحلة إيمانية في مشعر 'منى'

مزاج الأربعاء ٠٤/يونيو/٢٠٢٥ ١٠:٢٤ ص
يوم التروية.. انطلاقة أعظم رحلة إيمانية في مشعر 'منى'

الشبيبة - وكالات 

مع فجر اليوم الأربعاء، الموافق 8 ذي الحجة، بدأ حجاج بيت الله الحرام، بالتوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، لتبدأ بذلك أولى شعائر رحلة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام.

ومن منى تبدأ رحلة الحج، مع أول أيام مناسك الحج، حيث يستعد حجاج بيت الله للوقوف بعرفة، الذي يوافق يوم الخميس، التاسع من ذي الحجة، في مشهد مهيب تتجلى فيه وحدة المسلمين من مختلف بقاع الأرض، وسط ترتيبات ضخمة واستعدادات استثنائية وفّرتها المملكة العربية السعودية.

روحانية اليوم

في هذا اليوم المبارك (يوم التروية)، يتفرغ الحجاج للذكر والدعاء والتأمل في مشعر "منى"، اقتداءً بسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث يُصلّون فيه الصلوات الخمس قصراً دون جمع، ويبيتون فيه حتى فجر اليوم التالي، قبل التوجه إلى عرفات لأداء الركن الأعظم من الحج.

ويُستحضر في هذا اليوم تاريخ المشعر وأهميته، حيث يُقال إن اسمه مشتق من "الارتواء"، لأن الحجاج كانوا يرتوون فيه بالماء قبل التوجه إلى عرفة، كما يُروى أن الحجاج يرتوون فيه إيماناً وطمأنينة.

رمزية خالدة

يقع مشعر منى على بُعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو وادٍ تحيط به الجبال ولا يُسكن إلا في فترة الحج.

ولـ"منى" رمزية خاصة في التاريخ الإسلامي، حيث رمى فيه نبي الله إبراهيم (عليه السلام) إبليس، وذبح فيه فداءً عن ابنه إسماعيل، كما أكد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تلك الشعائر في حجة الوداع، ومنها بدأت سنة رمي الجمرات وذبح الهدي.

يضم المشعر مسجد "الخيف"، الذي خطب فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويحتوي على الجمرات الثلاث: جمرة العقبة الكبرى التي تُرمى في يوم العيد، وجمرات أيام التشريق الثلاثة.

استعدادات ضخمة

أكثر من مليوني حاج بدؤوا بالتحرك نحو مشعر منى، لقضاء يوم التروية، إذ تشير الأرقام إلى أن عدد الوافدين من الخارج لأداء شعيرة الحج تجاوز مليوناً و650 ألف حاج، ولا يزال قابلاً للزيادة، إلى جانب 500 ألف من داخل المملكة.

ومع بدء أول أيام مناسك الحج، تتجه الأنظار إلى منى، حيث يستعد الحجاج للتوجه نحو عرفة لأداء شعيرة الوقوف هناك، وسط استعدادات ضخمة قامت بها السلطات السعودية لضمان أداء هذه الشعيرة بسلاسة وبدون حوادث.

وبينما توافدت قوافل الحجيج القادمين من المدينة المنورة وجدة، تسارعت التحضيرات الميدانية في منى، من مخيمات ومرافق تنظيمية لاستقبال الحجيج يوم التروية، حيث يبيت الحجاج استعداداً للصعود إلى جبل عرفات يوم الخميس.

كما أنشأت السلطات السعودية أكبر مدينة خيام في العالم بمشعر منى لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، الذين يبدؤون بالتوافد منذ ساعات الفجر الأولى يوم الأربعاء، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس".

خطة سلسة

وزارة الحج والعمرة السعودية أصدرت تعليمات واضحة بضرورة التقيد بالجداول الزمنية المعتمدة لعمليات التفويج، محذرة من التنقل العشوائي أو استخدام وسائل نقل غير معتمدة، في الوقت الذي تعمل فرق ميدانية من الوزارات المعنية لتنفيذ خطة سلسة لانتقال الحجيج من المدينة المنورة وجدة إلى مكة ومن ثم إلى المشاعر المقدسة.

وجرى، الثلاثاء (3 يونيو - 7 ذي الحجة)، تشغيل قطار المشاعر المقدسة، إيذاناً ببدء خدماته خلال موسم الحج لهذا العام، وفق "واس"، ومن المتوقع أن يقوم بأكثر من 2000 رحلة خلال الموسم، بهدف تحقيق أعلى كفاءة تشغيلية ممكنة.

كما انتهت صيانة أكثر من 62 جسراً و25,000 شارع في المشاعر المقدسة، بهدف حماية حركة الحجاج، سواء عبر المواكب أو المشي، وفق تقرير لقناة "الإخبارية" السعودية.

في سياق متصل أعلنت القناة تفعيل نظام صوتي حول مسجد الخيف، بعد الانتهاء من تطوير جميع المناطق المحيطة وتوفير مكيفات هواء لخفض درجة الحرارة وتقليل الضغط الحراري، كما جرى العمل على تركيب أكثر من 250 مكيفاً للهواء في مناطق شرق الجمرات، لتعزيز راحة الحجاج وأمانهم.

وخصصت المملكة 11 طائرة مخصصة لنقل الحالات الصحية الحرجة من الحرم المكي والمشاعر المقدسة، عبر 13 مهبطاً استراتيجياً، موزعة بعناية لضمان الاستجابة السريعة، في حين جرى تخصيص 120 كادراً مؤهلاً من أطباء وفنيي طلب الطوارئ، للتعامل مع حالات الطوارئ.

ومع انتهاء يوم التروية، يتحرك الحجاج في الساعات الأولى من صباح يوم التاسع من ذي الحجة إلى عرفات للوقوف في أروع مشهد تعبّدي، ما يجعل من يوم التروية نقطة الانطلاق الروحية الكبرى نحو إتمام مناسك الحج، بروح خاشعة وأجواء إيمانية تتجدد كل عام، في أعظم تجمع إسلامي على وجه الأرض.