سالم العبدلي يكتب: قضية التعمين تحت المجهر(1-2)

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١١/مايو/٢٠٢٥ ٢٠:٢٥ م
سالم العبدلي يكتب: قضية التعمين  تحت المجهر(1-2)
سالم بن سيف العبدلي – كاتب ومحلل اقتصادي

كتبنا كثرا عن قضية التعمين وأهمية وجود حلول ناجعة لها وكان اخر مقال قبل حوالي سنتين يحمل عنوان (توفير فرص عمل وإدارة الازمة ) قلنا فيه : "منذ اكثر من 50 سنة ونحن نتحدث عن التعمين وعن خطط الاحلال وعن تمكين الشباب للعمل في القطاع الخاص وفي كل خطة من الخطط الخمسية المتعاقبة يتم وضع هدف أساسي من الاهداف الطموحة والمرتبطة بالتعمين وهذا ايضا يذكرنا بموضوع تنويع مصادر الدخل والذي يعتبر هدف اساسي تسعى اليه الخطط الخمسية منذ الخطة الخمسية الاولى ونحن الان نعيش الخطة الخمسية العاشرة ولم نحقق لا التنويع الاقتصادي المنشود ولا نسب التعمين المطلوبة."

وسنظل نكتب ونذكر بهذا الموضوع نظرا لأهميته وقد أشرنا في حينه بأنه تم تنفيذ العديد من البرامج التدريببة وبرامج التأهيل وصرفت ملايين الريالات على هذه البرامج كما قامت الجهات المعنية بتنظيم ندوات وورش عمل خاصة بالتشغيل وأعدت برامج وطنية وظهرت مسميات كثيرة تعنى بالتعمين ، كما تم عقد ثلاث ندوات متخصصه لمناقشة قضايا التعمين والتشغيل الندوه الاولى كانت في اواخر عام 2001 والثانية 2002 اما الثالثة فعقدت في عام 2005 وخرجت تلك الندوات بالعديد من التوصيات والقرارات المهمة حيث تم وضع نسب محدده للتعمين في 12 قطاعا اقتصاديا يتم تحقيقها في اوقات محدده.

 وتم تشكيل لجان قطاعيه من عدة جهات حكومية لمتابعة تنفيذ التوصيات ، الا انه رغم تلك الجهود المبذوله الا ان التعمين لازال يصطدم بواقع مرير وسيطرة الشركات الاجنبية الكبرى على القطاع الخاص وشركات اخرى يملكها من هم كانوا في موقع القرار وربما البعض منهم لازال في قمة الهرم هذه الشركات لايهمها الا مصالحها الخاصة.

إطلاق البرنامج الوطني للتشغيل والذي باركه جلالة السلطان -حفظه الله - والذي يُعد من أهم البرامج الوطنية المنبثقة عن "رؤية عُمان 2040" وحسب المسئولين بوزارة العمل فإن البرنامج سيعمل على إيجاد حلول مستدامة لتوفير وظائف في كافة قطاعات الدولة (المدنية والعسكرية والأمنية ) وشركات القطاع الخاص، كما وسيقوم بتحليل البيانات الخاصة بالباحثين عن عمل حتى دخولهم إلى سوق العمل، وإيجاد الحلول التي تعمل على سد الفجوة المعرفية والمهارية التي يتطلبها سوق العمل لضمان جاهزية الباحثين عن عمل للتوظيف الفوري ، وقلنا بأننا نأمل أن لا يكون هذا البرنامج نسخة مكررة للمركز الوطني للتشغيل والذي لم يستمر طويلا ولم تكن اهدافه واضحه ولم يحقق المطلوب .

للاسف جميع هذه الجهود والاعمال لم تؤتي اكلها حتى الان فلا زالت نسبة عدد الباحثين عن العمل في تزايد حيث يتخرج من الشهادة العامة سنويا حوالي 50 الف طالب وطالبة ، وحسب المركز الوطني للاحصاء والمعلومات فإن عدد الباحثين عن عمل يصل الى 120 الف باحث بالاضافة الى أعداد الكبيرة من المسرحين والذين يمكن اعتبارهم ضمن الباحثين عن العمل.

 وفي حقيقة الامر لا يمكن ان نقول بأن لدينا نقص في الوظائف فسوق العمل يمكن ان يستوعب الباحثين عن العمل وزيادة في ظل وجود مليون و700 الف وافد يفترض ان اغلبهم يعملون في مؤسسات القطاع الخاص ، لذا نقول بأنه يبدو ان المشكلة تكمن في ادارة هذه الازمة وفي عدم اتخاذ قررات حاسمه بشأنها فإذا ما اردنا ان نحل مشكلة الباحثين عن عمل فلا بد من التضحية واتخاذ قرارات جريئة وحاسمة بتعاون الجميع.

ما داعنا للكتابة وإثارة الموضوع مرة أخرى واقتباس بعض الفقرات من مقال سابق هو ما اثير مؤخرا من نقاش وحوار مستفيض حول التوجيهات الجديدة الصادرة عن وزارة العمل والتي تدعوا المؤسسات وشركات القطاع الخاص والتي اكملت سنة من تاريخ تأسيس السجل التجاري بأهمية تعيين مواطن واحد على الأقل خلال شهر ، طبعا كعادة القرار او التوجيه غير واضح فمن هي المؤسسات المقصودة وهل يشمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر؟؟؟ وماهي القطاعات المستهدفة ؟ لذا هذا الغموض دفع الكثير من اصحاب العلاقة والمهتمين الى ابداء الرأي والتخمين وعدم القبول بمثل هذا الاجراء والذي لاشك اذا ما تم تطبيقه سوف يؤثر على العشرات من هذه المؤسسات والتي تصارع من أجل البقاء.

خلال السنوات الماضية تعودنا على تلقي قرارات قد تكون صادمة وبعضها ارتجالية أدت الى نتائج عكسية ولم تراعي الاثار السلبية على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني نذكر منها فقط على سبيل المثال للحصر قرارتعمين الوظائف في محطات الوقود والذي طبق قبل حوالي 25 سنة وبراتب زهيد لا يتجاوز 120 ريال والذي كان في حينه هو الحد الادنى للاجور و تقدم عدد من الشباب للعمل في تلك المحطات مضطرين الا انهم لم يستمروا إلا أشهر لعدة اسباب لعل أهمها الراتب البسيط إضافة الى حرارة الجو التي لم يتعدوا عليها خاصة في أشهر الصيف.

بعد ذلك تم تعمين الوظائف في قطاع بيع المواد الغذائية وايضا لم يثبت ذلك القرار بسبب سيطرة العمالة الوافدة على جميع العمليات فيه وتم محاصرة العماني حتى خرج من السوق كذلك صدر قرار بتعمين محلات بالتجزئة في سوق الموالح المركزي للخضروات والفواكه سابقا والذي كان في حينه هو السوق الرئيس قبل نقله الى خزائن وايضا هذا القرار لم يصمد طويلا وتم هجر تلك المحلات خلال زمن قصير واتذكر كتبنا في حينه مقال حول أهمية تأهيل الشباب وحمايتهم من اللوبي المسيطر على هذا القطاع قبل التعمين.

وتجارب اخرى أيضا في قطاع بيع الهواتف النقالة كما صدرت قرارات متعاقبة بوقف استقدام العمالة في عدد من المهن لفترات محددة وكل هذه الإجراءات والقرارات لم تأتي بنتائج إيجابية على سوق العمل ولم يتم توفير فرص عمل جديدة بسببها سوف نحاول في المقال القادم التعريج على أسباب ذلك من وجهة نظر شخصية ومن واقع ردود الافعال التي تابعناها عبر منصات التواصل الاجتماعي وللحديث بقية....