جامعُ السُّلطان قابوس الأكبر ..منارةٌ إيمانيّةٌ وأيقونةٌ معماريّةٌ

بلادنا السبت ٢٩/مارس/٢٠٢٥ ٢٠:٠٠ م
جامعُ السُّلطان قابوس الأكبر ..منارةٌ إيمانيّةٌ وأيقونةٌ معماريّةٌ

الشبيبة - العمانية 

يمثّل جامع السُّلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر بمحافظة مسقط منارة إيمانية وأيقونة معمارية وصرحًا دينيًّا ومركزًا ثقافيًّا يُعزّز الحوار بين الأديان ويُبرز قيم الإسلام السمحة والتسامح والوئام الإنساني ومعلمًا بارزًا في سلطنة عُمان.

واُفتتح الجامع في العاشر من صفر 1422هـ، الموافق الرابع من مايو 2001م، واستغرقت أعمال بنائه لأكثر من ست سنوات من العمل المتواصل والذي تمّ بناؤه بأوامر من السُّلطان قابوس بن سعيد /طيّب الله ثراه/ ليكون أبرز المعالم المعمارية في سلطنة عُمان.وبُني الجامع على مساحة تبلغ 416 ألف متر مربع على الطراز المعماري الإسلامي الأصيل، والطابع العُماني وبما يتناسب مع التصاميم والمواصفات الحديثة.

وشُيّدَ الجامع على أرضية متسّعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار 1,8 متر، وفي هذا التخطيط إبقاء على المبدأ العُماني السائد في رفع عمارة المساجد التقليدية القائمة في أحياء وقرى المدن القديمة عن مستوى العمارة السكنية والعامة وعن مستوى أرض الأموال العامة والأودية.وصُمم المصلى الرئيس ليتسع لأكثر من 6500 مصلٍ بينما تبلغ سعة مصلى النساء 750 مصلية مع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لـ 8 آلاف مصلٍّ، بالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة حيث يمكن أن تصل السعة الإجمالية إلى 20 ألف مصلٍ، وتجتمع المآذن الخمس في الجامع التي ترمز إلى أركان الإسلام الخمسة.

ويحتوي المصلى الرئيس على 36 ثريا، ويبلغ ارتفاع الثريا المركزية 14 مترًا وتُعدُّ من ضمن أكبر الثريات في العالم وسُجِّلت في موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية، وتزن 8 أطنان، وتشتمل على 1122 مصباحًا وقد تمّ صنع الثريات في ألمانيا وهي مصنوعة من الكريستال "سوارفيسكي" المستورد من النمسا، ومعادنها مطلية بالذهب.

وتُعدُّ سجادة الجامع من ضمن أكبر السجاد في العالم المفروشة من قطعة واحدة، وتبلغ أبعادها أكثر من 60 x 70 مترًا وتُغطي مساحة 4263 مترًا مربعًا مؤلفة من 1700 مليون عقدة ويبلغ وزنها نحو 21 طنًّا.ونُسِجت السجادة يدويًّا في مدينة نيشابور بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بمشاركة 600 امرأة وبإشراف خبراء مختصّين في تصميم ونسج السجاد، واستغرق صناعتها أربع سنوات، وهي مؤلفة من 58 قطعة، واستخدم في نسجها 28 لونًا بدرجات متفاوتة تمت صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية الطبيعية.

واستخدم في المصلّى الرئيس خشب الساج المستورد من بورما في تصميم مجموعة غنية من الزخارف الإسلاميّة والنقوش المحفورة على سقوف وأبواب المصلى التي يعلو كلٌّ منها آيات من القرآن الكريم بخط الثُلث.

كما أنّ جدران قاعة المصلى الرئيس للجامع مكسوة بالكامل من الداخل برخام "البيانكوبي" الأبيض و "البارديليو" الرمادي الغامق وتتألف الجدران من خانات مؤطرة في أقواس صماء تشكّل كل منها جدارية من خزف القيشاني مشغولة بزخرفة مورقة بنمط هندسي، إذ تشكّل الخانات مجموعة متكاملة من التصاميم.وتحتوي الخانات المؤطرة ضمن جدارية المصلى على فتحات تهوية لتنقية وتلطيف المكان، ويتمُّ من خلالها تطييب المصلى باللبان، وتتضمن الخامنات عددًا من المصاحف ذات اللونين الأحمر والأسود للتمييز بين المصاحف المجزأة والمصحف الكامل.

وتُشكّل الأروقة الشمالية والجنوبية أماكن للوضوء، ويمتد كل منها على مسافة داخلية طولها 221 مترًا، وتتوزع على طول الرواق الجنوبي وامتداده من الخلف أربع مواضئ مربعة الشكل وترتبط بأفنية مستقلة جذابة، وتشغل النافورات مراكز هذه المواضئ المربعة الشكل تحت قباب مثمنة مطعمة بألواح خشبية ينفذ من خلالها الضوء الطبيعي بطريقة هندسية جذابة في حين وزعت على امتداد جدرانها المرمرية صنابير المياه التي تعمل بجهاز آلي حساس وتسعُ لـ 365 شخصًا في وقت واحد وتمتد هذه الصنابير أمام مساطب مرمرية للجلوس عليها في أثناء الوضوء وتسقف فضاءات الأروقة سلسلة من القباب الهندسية المستلهمة من قباب مسجد بلاد بني بو علي التاريخي.وتمثّل المكتبة بجامع السُّلطان قابوس الأكبر أحد المرافق المهمة حيث تجمع في أركانها شتى المعارف والعلوم والثقافة الإسلامية والإنسانية، وهي مكتبة عامة ومرجع للطلبة والباحثين داخل سلطنة عُمان وخارجها، وتحتوي المكتبة على عدّة أقسام وتشتمل على أكثر من 30 ألف كتاب في شتى المعارف والعلوم، كما تحتوي أيضا على غرف المطالعة وتغطي مساحة إجمالية تقدر بـ 97 مترًا مربعًا إضافة إلى توفير الأجهزة السمعية والبصرية وأجهزة الحاسوب لرواد المكتبة.

ويعمل مركز المعلومات الإسلامية "مركز التعريف بالإسلام" بجامع السُّلطان قابوس الأكبر على الردّ على الاستفسارات المتعلقة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، كما يقوم بتدريب المسلمين الجدد وتعريفهم بأحكام الدين المختلفة مثل الطهارة والوضوء والصلاة والصوم والحج وغيرها.

ورسمت هندسة البستنة بحديقة جامع السُّلطان قابوس الأكبر على نحو في غاية الدقة والتفاصيل، وقد اختيرت نباتات الزينة لتشكل عنصرًا جماليًّا مليئًا بالألوان الجذابة وصُممت من ناحية الشرق مع امتداد التشجير إلى الجنوب، وفي ذلك تشبيه لتصميم الحدائق الإسلامية.

/العُمانية/

ياسر