كان –
تستعيد السينما الأمريكية والمخرج جيف نيكولاس على وجه الخصوص واحدة من الحكايات الخالدة في مواجهة العنصرية من خـــلال فيلم «لوفينج» الذي يذهب إلى واحدة من حكايات التضحية والإرادة من أجل تحقيق العدالة والمساواة.
ويعتمد فيلم «لوفينج» على سيناريو قام بكتابته جيف نيكولاس بنفسة اعتمادا على كم من الوثائق التي ترصد حكاية ذلك الثنائي الذي واجه العنصرية، حيث حكاية الحب الكبير بين الشاب الأبيض ريشتارد لوفينج «جويل ادغارتون» والفتـاة ذات الأصول الأمريكية الأفريقية السمراء «ميلدريد لوفينج» روث نيجا، اللذين جمعت بينهما قصة حب تطورت إلى القرار بالارتباط الذي تم في ولاية تقبل الزواج بين البيض والسمر ولكن عند عودتهما إلى حيث إقامتهما في واشنطن تبدأ الممارسات العنصرية والتي أقلها الاعتقال والسجن والوصول إلى الحصول على حكم قضائي بعدم دخول الولاية لمدة 25 عاما عقابا على تصرفهم المنافي للقوانين والتشريعات في تلك الولاية، مما يضطرهم إلى الانتقال لولاية أخرى تقبل بهذا الارتباك حيث ينجبان ثلاثة أبناء ولدان وبنت ولكنهما في الوقت نفسه يبتعدان عن أهلهم وأصدقائهم مما يوجد لهما الكثير من المشاكل مع أسرهم.
وتمر الأيام والمحاولات من أجل الحصول على حكم يلغي الحكم السابق ولكن هيمنة العناصر العنصرية وغياب التشريعات والتعاطف اللهم من القلة راح يعطل كل شيء في مسيرتهم وحياتهم الاجتماعية وجعلهما يعيشان متخفين تارة وبعيدة على الأسرة والصحبة والأصدقاء.
نضال حقيقي ومكابدة من أجل الحصول على الاعتراف بذلك الزواج يتطور يوما بعد يوم خصوصا مع تزايد التظاهرات المناهضة للعنصرية.
رحلة بدأت منذ منتصف الخمسينيات حتى العام 1967 حيث كانت المواجهة الكبرى، والتي سبقتها مبادرة الزوجة بإرسال رسالة إلى المرشح الأمريكي روبرت كينيدي لطلب مساعدته والذي قام بدوره بتحويل الرسالة إلى أحد المحامين الشـــباب ضمن فريقة وسرعان ما تطور الأمر حيث صدرت العديد من الأحكام التي كانت دائما ضد ذلك الزواج بل إن بعض تلك المحاكم كانت تعتبر الأطفال نتيجة هذه العلاقة هم فاسدون.
وتصل القضية إلى المحكمة العليا «المحكمة الاتحادية العالية» والتي سبقها الكثير من الحملات الإعلامية والدعم الإعلامي الكــبير من كبريات الصحف ومن بينــها مجـــلة «لايف» والعديد من القنوات التلـــفزيونية والإذاعية التي طورت حملة مكثــفــة كان نتيجتها المساهمة فــي صـــدور الحكم العام 1967 بالاعتراف بالزواج والأطفال. بل ومباركة الزواج باعتباره أحد الحقوق الأساسية.
قصة حب ظلت صامدة ضد كل الإجراءات العنصرية وايضا ضد العنف والقوانين والتشريعات، والتي اقلها الرفض من الجميــــع ومــــن بينهم والدة الشــــاب التــي رفضــــت الأمـــر ولكنـــها لبت دعوة ابنـــها بأن تكون هي من تقوم بعملية توليد زوجته بوصفها جدة أبنائه.
مشكلة هذا العمل أن جميع نقاد السينما العالمية هم على علم ومعرفة تامة بالشخصيات والأحداث وهو أمر يقلل من حالة الترقب والمتابعة رغم أن المخرج جيف نيكولاس أو «نيكولا» كما ينطق بالفرنسية، اشتغل بأسلوب ومنهج عمل يختلف عن النسبة الأكبر من أعماله السينمائية السابقة.
ونشير هنا إلى أننا أمام مخرج كبير استطاع خلال زمن قصير أن يحقق بصمته السينمائية العالية ومن أفلام نشير إلى أفلام «حكاية إطلاق نار» 2007 و«الملجـأ» 2011 و«مود» 2012 و«منتصف ليلة خاصة» 2016 وفي ذات العام حقق فيلمه الأخير «لوفينج» .
سينما تذهب إلى قضية ومن أهم القضايا التي عصفت سنوات طويلة بالمجتمع الأمريكي عبر حكاية عن الإرادة والتضحية والتحمل لمواجهة القدر أمـام حب كبير وعلاقة زوجية ثرية بالمعاني والدلالات.