مسقط - العُمانية
يشير الناقد المصري الدكتور أحمد الصغير إلى أن علاقته بالحركة الأدبية في سلطنة عُمان بدأت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما كان طالبًا في جامعة عين شمس، في محاضراته عن الشعر في سلطنة عُمان بدءًا من مرحلة القصيدة الكلاسيكية والتفعيلية وقصيدة النثر وقراءاته المبكرة عن الشعر من خلال مؤلفات الدكتور أحمد درويش، والرحلة لاكتشاف أعمال عبد الله الطائي وعبد الله الخليلي وسليمان الكندي، ثم سماء عيسى وسيف الرحبي وهلال العامري وغيرهم.
وفي سياق الحديث عن الشعر في سلطنة عُمان، أوضح "الصغير" أنه اكتشف أرضًا جديدة في الأدب؛ فأعمال الشعراء الرواد في القصيدة التقليدية العمودية ارتبطت بالأحداث السياسية والاجتماعية في سلطنة عُمان، وهناك الشعراء المجددون أمثال سماء عيسى، سيف الرحبي، هلال العامري، حسن المطروشي، ناصر البدري، محمد الشحي الذين يمثلون التجديد في مسيرة القصيدة العمانية محاولين استلهام التراث العماني في القصيدة الجديدة وبخاصة قصيدة التفعيلة على سبيل المثال لا الحصر عند هلال الحجري وبدر الشيباني، وخرجت قصائدهم عن طور التقليد والمحاكاة إلى الانفتاح الدلالي والسيميائي للتعبير عن موقف عُمان الحضاري والتراثي في الشعر بين أقطار الوطن العربي.
ووضح "الناقد الصغير" أن القصيدة العمانية أصبحت صوتًا مشرقًا في بنية الوعي العُماني خاصة والعربي عامة، واتسعت مساحاتها لتشمل تجارب شعرية جديدة، تكتب بأشكال شعرية مختلفة: الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وقصيدة النثر. هذا التنوع شكل مصدر خصوبة، وتميز في البناء الشعري العُماني، من خلال تعدد الأشكال الشعرية، حيث يضفي على التجربة ثراءً، تسبب في تعايشها وعدم إلغاء بعضها الآخر؛ بل تحول بعضها من شكل لآخر، وبخاصة في توجه عدد من شعراء التفعيلة إلى قصيدة النثر، التي تشهد اليومَ انتشارًا واسعًا استقطب معظم المواهب الشعرية الجديدة.
ويشير الناقد الدكتور أحمد الصغير إلى قراءته النقدية المعنونة بـ"أدوات الصورة البصرية في الشعر العماني. ـ سيف الرحبي نموذجًا"، والتي صدرت في كتاب هذا العام، الفائزة بجائزة صحار للدراسات البحثية والنقدية.
لقد أسهمت هذه الجائزة بشكل جاد في إلقاء المزيد من الضوء على الأدب العُماني شعرًا ونثرًا وسردًا وتاريخًا وثقافة عريقة، وتؤدي دورًا مهمًّا في تشجيع النقاد والأكاديميين العرب والباحثين في قراءة الأدب العماني القديم والجديد، وجاء كتابي عن أدوات الصورة البصرية في الشعر العماني، "سيف الرحبي نموذجا" ليطرح أدوات الصورة البصرية في الشعر العُماني من خلال مقاربة سيميائية تأويلية، فقد يجنح خطاب الحداثة الشعرية في سلطنة عُمان إلى تعدد الأشكال البصرية في الكتابة الشعرية، أو فيما عرف بالتشكيل البصري /الصورة البصرية في القصيدة الحداثية/ النثرية التي كتبها الشاعر سيف الرحبي ــ تحديدًا ــ منذ سبعينات القرن الماضي، وهو لا يزال يمارس فعل الكتابة حتى اللحظة، منطلقًا من حالة التمرد على التشكيل البلاغي القديم في بناء الصورة الشعرية، مرتكزًا على أبعاد الصورة البصرية وأدواتها الجمالية في بناء نصه الشعري، محاولًا الوقوف على أرضية متجددة، ومستقرة في الشعريات العربية، منذ أكثر من نصف قرن تقريبًا، متأرجحة ما بين القبول والرفض.
ووضح "الصغير": في ظني أن هناك أسبابًا عدة لاختيار عنوان الكتاب منها ندرة الدراسات النقدية الجديدة والجادة التي تحاول مقاربة الشعر العماني الحديث من خلال تجربة شاعر ثري ومهم في الشعرية العربية مثل سيف الرحبي، كما أنني لاحظت تنوع الصورة البصرية في الشعر العُماني بشكل واسع عند حسن المطروشي وزاهر الغافري رحمه الله، وعائشة السيفية وبدر الشيباني وغيرهم؛ لأنهم يطرحون في قصائدهم بصرية المكان ومشهدية الجبال وبحر عُمان والصحراء في الربع الخالي، والجبل الأخضر. كما أن القصيدة العُمانية تتميز بحضورها السينمائي والتشظي والانفلات المشهدي في الكتابة والإفادة من الأنواع الأدبية الجديدة.
وعن اهتمامه بواقع ما يقدمه الشاعر سيف الرحبي من نتاج شعري، يقول الناقد "الصغير": يمثل سيف الرحبي حضورًا شعريًّا لافتًا وأحد رموز الحداثة الشعرية في الوطن العربي، فهو صوت شعري مائز يحقق ولا يزال حضورًا مهمًا وواسعًا في الشعرية العربية، حيث انفتحت قصيدة الرحبي على الفنون الإنسانية، وهي ذات خصوصية فنية لم تتحقق لغيرها، حيث يمتد صوت الشاعر عبر الإنساني واللحظي واللامكاني، فصارت فضاءً كبيرًا تمتد الأمكنة عبر مساحاته المشرئبة بالخيال مرة وبالواقع مرات عديدة. وجاءت قصيدة الرحبي، لتمثل نموذجًا شعريًّا ناضجًا، ومتحققًا في الشعرية العُمانية الغزيرة التي تمدُ الحقول الشعرية في الثقافة العربية بينابيع الشغف الوجداني تارة والانفلات الشعري الحداثي تارات أخرى.
وأضاف: ينتمي الشاعر سيف الرحبي إلى ما عرف بجيل شعراء السبعينيات في الوطن العربي، ذلك الجيل الشعري الخارج عن المألوف في متن القصيدة العربية القديمة، بل خرج شعراء السبعينيات العرب في كل مكان معلنين انتصارهم للقصيدة الحداثية/ قصيدة النثر العربية، ولهذا ظهر مجموعة من الشعراء الذين آثروا على أنفسهم الخروج على قصيدة صلاح عبدالصبور، ونازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وأحمد عبدالمعطي حجازي، محاولين بذلك تكريس نوع شعري جديد (قصيدة النثر) يحتفي هذا النوع بالذات الإنسانية على كل الموجودات البشرية وغيرها، منطلقًا من تنظيرات أوروبية كانت تروج لقصيدة النثر، بوصفها قصيدة إنسانية تخترق حواجز الحدود الجغرافية واللامحدود في الوقت نفسه.
وأشار "الصغير" في أثناء ذلك كله إلى أن الشاعر سيف الرحبي قد خرج من قرية سرور بسمائل متوجهًا إلى القاهرة ( 1970/ 1971) ، ليكتشف الحياة فيها، فهي البوابة المكانية الأولى التي انطلق من خلالها إلى عوالم التجريب والحداثة الشعرية، وتلاقي الأفكار، وراح الشاعر متفاعلًا ومشاركًا شعراءها في الدخول في تدشين كتابة شعرية مختلفة، خارجة عن ثوابت القصيدة التقليدية، محاولًا بذلك تأسيس نوع شعري جديد (قصيدة النثر) فكان قد استقر الرحبي في القاهرة أكثر من ثماني سنوات متتالية، حيث شرع في استكمال دراسته في مصر، وفي اللحظة نفسها لم ينفصل الشاعر "الرحبي" عن جيل شعراء السبعينيات في مصر لحظة واحدة، فقد شارك، وتفاعل بقوة روحية مع أبناء جيله.
ويذهب الناقد أحمد الصغير إلى النقاط التي رصدها النقد الأدبي من خلال التحولات التي يمر بها وأبرز الأطروحات النقدية التي يجب أن يتفاعل معها الناقد /عمومًا/ وتأثر الشعر العربي المعاصر بالثقافات غير العربية وقال: تتشكل النقاط في مجموعة رئيسية أولها، حركة المجتمع العربي وفق التحديات التي تواجه الإنسان في الوطن العربي فقد تطرح الأعمال الأدبية قضايا المجتمعات العربية في ظل الدخول إلى عوالم الإنترنت والتواصل الاجتماعي والذكاء الصناعي، وغيرها من التحولات الذاتية التي أسهمت في تغيير سلوك الفرد والجماعة، ورصد النقد الأدبي تحولات الخطاب من البحث في القضايا عامة إلى البحث الذاتي في النفس البشرية فكل منتج للنص الأدبي يسافر منكفئًا على ذاته حتى يكشف عن جراحاته التي تمزق أوصال حياته الخارجية، كما ارتبط المبدع بالمكان والوطن الذي ينتمي إليه ، فصار النص الأدبي معبرًا عن حياة الناس والهوية والثقافة والتراث العربي، على الرغم من موجات الحداثة المتتابعة.
وأشار إلى أن الشاعر العربي لم ينفصل لحظة واحدة عن محيطه الثقافي والتراثي، حيث تتبع النقد العربي المراحل الكبرى التي أسهمت في تطوير نظرية الشعر العربي الحديث حيث يعتمد الشعر العربي على التراكم المعرفي والثقافي الذي صار موروثًا واسعًا في بنية القصيدة العربية. ومن النماذج الشعرية الثرية في حركة الشعر الشاعر العماني الكبير سيف الرحبي، وزاهر الغافري، وحلمي سالم من مصر، ومحمود درويش من فلسطين، وعلي الدميني من السعودية.
ووضح: أبرز الأطروحات النقدية التي يجب أن يتفاعل معها الناقد في الوقت الراهن، منها ما طرحه أدونيس في معظم كتاباته النقدية مثل زمن الشعر وكتابه المهم الثابت والمتحول في الثقافة العربية ، وكتابات محمد لطفي اليوسفي، الشعر والشعرية والعربية، وكتابات الناقد والبلاغي العُماني د. إحسان صادق اللواتي ، وترجمات الدكتور عبدالله الحراصي حول الاستعارات المفهومية في النص الأدبي، ولا سيما المكان للدكتورة عائشة الدرمكية، وكتابات الدكتور خالد المعمري وناصر الحسني ، والدكتور محمد الشحات ومحمد عبدالباسط عيد وترجمات سعيد الطارشي، وغيرها من الأعمال النقدية التي لها أثرها في الكشف عن الجديد في قراءة النص الأدبي ، ومن الملحوظ أن الأطروحات النقدية المعاصرة التي تتميز بالجدية قليلة لأننا مغرمون بالمستهلك، والنقد عملية إبداعية تحتاج للتأني والصبر والتراكم المعرفي والفكري.
وعن تأثر الشعر العربي المعاصر بالثقافات غير العربية، يقول الناقد الدكتور أحمد الصغير: الشعر العربي المعاصر تأثر بالكثير من الثقافات غير العربية، فنلاحظ حضور الثقافة الأوروبية في بنية النص الشعري من خلال حضور الآخر مثل نصوص الشعراء المعاصرين أمثال ( صلاح عبدالصبور، محمود درويش، سيف الرحبي، زاهر الغافري، حسن المطروشي )، أعتقد أن الشعر العربي المعاصر انفتح على جل الثقافات الإنسانية ، من خلال تعدد الأصوات، والشكل الشعري الذي يعتمد السطرية الموسيقية، والأفكار التي تمزج بين الشرق والغرب ، والأساطير الإغريقية ، بل تطرق الشعر العربي إلى الحديث عن الميتافيزيقيا وما وراء الحلم ، وارتكز على توظيف المفردات اليومية والحياتية والتفاصيل الذاتية، وصار الخطاب الشعري المعاصر خطابًا جوانيًا ، يكشف عن جراحات الذات العربية داخليًّا، فيربط المتلقي بين الهم الذاتي / الداخلي بالهم العام / الخارجي .
وفيما يتعلق بسيمياء القصيدة العربية وتحولاتها، وكيف يمكن للشاعر العربي المعاصر أن يعبّر عن قضاياه باستخدام أدوات شعرية جديدة دون التفريط في هويته الشعرية العربية الأصيلة، يقول الناقد "الصغير": من خلال المقاربات السيميائية للقصيدة العربية المعاصرة، نلاحظ أن النص الشعري يطرح الكثير من القضايا الإنسانية مثل الحرية والسعادة والعدالة والأمن الاجتماعي ، والتقدم المعرفي والتكنولوجي ، فيقوم الشاعر المعاصر بالتعبير عن هذه القضايا دون التفريط في هويته الشعرية العربية الأصيلة، بل يحفر الشاعر العربي بقوة في التاريخ والجغرافيا بحثًا عن هويته محافظًا على عاداته وتقاليده وطقوسه العربية التي تحتمي بثقافة أصيلة تمتد إلى قرون عديدة ، فعلى الرغم من انفتاحه على قضايا عصره ، فإنه يقبض بروح الفارس العربي على الهوية التي تميزه عن سائر الشعوب، حيث يعيش الشاعر العربي في قلب العالم متخذًا من حضاراته القديمة وسيلة للتعبير عن روحه وأهدافه وانتمائه إلى وطنه، ومن الملاحظ أيضًا أن الشاعر العربي انفتح خطابه الشعري على معظم الخطابات الإنسانية الكبرى ، فعلى الرغم من ذلك، لم يفقد النص الشعري هويته الأصيلة وأسسه الراسخة في بناء القصيدة كاللغة والوزن والقافية والموسيقى ، فالشاعر لم يتخل عن المعنى الاستعاري بقدر ما يجدد في الشكل الخارجي للنص ، بل صار النص الشعري في الأدب العربي نصًّا مشحونًا بالعلامات النصية التي تحمل طاقات التراث والهوية والثقافة ، فهي ما تمنحه الخصوصية الفنية في الكتابة.
ويشير "الصغير" إلى الموازنة بين الحداثة والتقليدية مع التداخل بين الشكل والمضمون في الشعر المعاصر قائلًا: أرى دائمًا أن الموازنة بين الحداثة والتقليدية هي معادلة جمالية لا تتأتى إلا لشاعر يعرف ذاته جيدًا فيقف على أرضية تراثية واسعة وثرية ، ويحلق في آفاق التجديد والحداثة كي يجدد الرؤى ويستعيد أمجاد الماضي بروح حاضرة تتناسب مع العصر والثقافة الكونية المحيطة بنا، فالأدب العربي ليس في خطر كما يدعي الفيلسوف الفرنسي "تودوروف" عندما طرح ذلك في مقالته بالفرنسية بعنوان "الأدب في خطر" في ظني أن تودوروف كان يحاول دق ناقوس الخطر حول الأدب الأوروبي الذي تنافسه أنواع أخرى من الخارج، أما الأدب العربي، فهو تكوين ثقافي ومعرفي تستمد منه الذات العربية حياتها وتاريخها وثقافتها الرصينة.
ويضيف: إن الفصل التام بين الشكل والمضمون صار من أعمال الماضي، فلم يعد النقد الأدبي يفصل بين الشكل والمضمون، بل صار الشكل هو المضمون ذاته وصار المضمون شكلًا في الكتابة، حيث إن الفكرة هي جزء من الشكل الذي ترتديه بل صار الشكل علامة سيميائية على المعنى والأفكار التي تطرحها القصيدة، وأعتقد أن الشكل الشعري هو أكبر من الأيديولوجيا، لأني أظن أن الشكل هو البلاغة العليا التي تحدث عنها الكاتب الأمريكي جون كوين في معظم مؤلفاته، وكان دائمًا يتحدث عن اللغة العليا في النص الشعري الحديث. كما أعتقد أن الموازنة بين الحداثة والتقليدية تحتاج إلى الكثير من التعبير عن مفهوم الحداثة أولا ، فالحداثة ليست هدمًا للقديم أو التقليد، بل هي إنتاج ثقافي ومعرفي تراكمي ، يبحث في التعبير عن قضايا أمتنا العربية بروح التجديد والتطور ، فنحن نعيش في مجتمع عالمي مفتوح تمتزج فيه الثقافات وصار العالم بيتًا واحدًا فانصهرت كل العوالم في عالم واحد ، أما التقليدية فهي نظرية معرفية تراثية أصيلة تمثل القاعدة الجمالية التي ترتكز عليها الحداثة ، فلكل حداثة لها قاعدتها التقليدية التي تنطلق منها وتتمرد عليها في الشكل والمضمون، وثمة إشكالية فنية في القصيدة العربية المعاصرة التي تعتمد على التداخل بين الشكل والمضمون، في ظني أنه لا يوجد فصل واضح بين الشكل والمضمون، بل صار الشكل مضمونًا في ذاته.
وفيما يخص ما تحظى به قصيدة النثر في الوطن العربي من اهتمام كبير في الأدب العربي المعاصر وتأثير ذلك على الأجيال الشعرية الجديدة، يشير "الصغير" بقوله: تعد قصيدة النثر في الوطن العربي أو الأدب العربي الحديث نوعًا شعريًّا من شعر الحداثة؛ فالحداثة كيان كامل ونظرية متعددة في المجالات الإنسانية كافة، فقد حظيت القصيدة النثرية باهتمام النقاد والشعراء في العصر الحديث، لاعتبارات مهمة وحيوية، ومنها انفتاح القصيدة على كسر نمطية اللغة الشعرية، وتوظيف لغة السينما والفن التشكيلي والنحت، والأساطير، والتركيز على صناعة إيقاعات شعرية مغايرة عن الإيقاعات العروضية وأعتقد أن قصيدة النثر لا تنفي الأنواع الشعرية الأخرى التي يكتبها آخرون ، لأنها تمثل نوعًا شعريًّا له سماته الفنية والجمالية، وليست السمات مرتبطة بما طرحته الناقدة الفرنسية سوزان برنار في كتابها حول قصيدة النثر الفرنسية من بودلير إلى أيامنا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، بل تطرح قصيدة النثر العربية خصائص جديدة تناسب الذوق العربي والتأسيس العربي الذي دشنته الذات الشاعرة في بدايات الأربعينيات من القرن الماضي على يد أدونيس، ويوسف الخال ومحمد الماغوط ، وأنسي الحاج ، وغيرهم من الشعراء العرب آنذاك.
ويتحدث الناقد الدكتور أحمد الصغير عن الانتقال بين ما هو شعر ونثر في سياق القصيدة وما إذا كان يشكل أزمة في مفهوم الشعر العربي، ويوضح: الأدب العربي المعاصر لم يعد أدبًا أحاديًا يخاطب ذاته أو يعبر عن ذاته التي تنكمش على نفسها ، بل صار آدابًا واسعة تتسرب عيونها في المجالات كافة، ليس الشعر في أزمة كما نظن، بل الأزمة في التلقي للنص الأدبي شعرًا ونثرًا كما أعتقد أن الانتقال بين الشعر والنثر لا يسهم في صناعة أزمة شعرية، بل على العكس تمامًا، قد يحدث هزة جمالية في ما اعتادت عليه الذات العربية التي تقوم بفعل التلقي والقراءة، ولكن على العكس تمامًا، يحث أسهم الانتقال بين الشعر والنثر في صياغة أنواع شعرية هجينة في ظل التقنيات الفنية التي رصدها النقد العربي الجديد وفيما يعرف بتداخل الأنواع الأدبية في القصيدة العربي المعاصر.
الجدير بالذكر أن الدكتور أحمد محمد الصغيـر، هو أستاذ مشارك في الأدب العربي الحديث، كلية الآداب، جامعة الوادي الجديد، وحاصل على جائزة صُحار للدراسات النقدية والبحثية، سلطنة عُمان 2023، كما حصل على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، السودان، 2023 وله عدد من الكتب النقدية والأدبية من بينها الخطاب الشعري في السبعينيات، دراسة في آليات تحليل الخطاب، وبناء قصيدة الإبيجراما في الشعر العربي الحديث، كتابات نقدية، والبنية الدرامية في قصيدة الحداثة العربية "دراسة تطبيقية، والقصيدة الدرامية في شعر عبدالرحمن الأبنودي" مقاربة نقدية، والقصيدة السردية في شعر العامية المصرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب.