ازدهار تجارة وسياحة الحلال في العالم

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٣ ص
ازدهار تجارة وسياحة الحلال في العالم

حيدر عبد الرضا اللواتي

أصبحت المنتجات الاسلامية يزداد الطلب عليها في العالم لتشمل اليوم منتجات سياحية متعددة، بجانب منتجات الأغذية والمصارف والمال والتأمين،وأيضا منتجات قطاع السفر والسياحة العائلية. وهذا الطلب المتزايد أدى إلى تأسيس العديد من الشركات والمؤسسات التجارية والسياحية التي تعمل في منتجات الحلال لتلبية احتياجات الناس منها.
والقطاعات الاقتصادية من جانبها بدأت تتأثر بالقيم الإسلامية والأسلوب اليومي لحياة المستهلكين من المسلمين وممارساتهم التجارية، بحيث أضحت المؤسسات المصرفية تهتم بالتمويل الإسلامي وكذلك صناعة التأمين بدأت تدعم هذه التوجهات في ضؤ الأهمية التي تكتسبها الكثير من هذه القطاعات الاقتصادية الهامة، الأمر الذي يوفر فرصاً هائلة في مجال الاستثمارات والنمو الجماعي التعاوني على حد سواء. فاحتياجات المسلمين من واقع قيمهم تحرّك بعض القطاعات الاقتصادية للمساهمة في التمويل الإسلامي سواء لأغذية الحلال أوالملابس المحافظة، أوالسياحة العائلية، أو في الممارسات الدينية الأخرى، بحيث أصبح القطاع المصرفي العالمي يرنو أيصا إلى هذه القطاعات بنظرة تفاؤل للحصول على حصة التمويل والتعامل اليومي معها.
وهناك اليوم عشرات الشركات الأجنبية التي تتعامل في صنع الأغذية الحلال في العالم، وتمتلك مئات من المصانع والمحلات التجارية لتسوق بضائعها في العالم الاسلامي وخارجه. ففي مجال الأغذية، تمتلك شركة نستله 150 مصنعاً حاصلا على شهادات لصناعة الأغذية الحلال من بين 468 مصنعاً تمتلكها الشركة والمنتشرة في كافة ارجاء العالم، وتقدم اليوم أكثر من 300 صنفا من الأغذية والمشروبات الحلال في أكثر من 50 بلدا. كما أن سلسلتي المحلات التجارية العالمية كارفور وتيسكو وغيرهما من العلامات التجارية العالمية الكبرى تسجل اليوم نموا متزايداً في تقديم الأغذية الحلال في العديد من الأسواق. وفي الأسواق الرئيسة، فإن شركة الإسلامي للأغذية التي تصنّع الأغذية المجمّدة الحلال والتي تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها تستقطب الزبائن في دول مجلس التعاون الخليجي، ولديها خط المنتجات الغذائية الحلال ذو المستوى العالي. ومن ماليزيا، تبرز سلسلة المطاعم الحلال للوجبات السريعة ماري براون والتي تتوسع في الانتشار على الصعيد العالمي وباتت تملك حالياً 380 مطعماً. وهناك العديد من المؤسسات الاخرى التي تقوم بإنتاج الأغذية الحلال في عدد من الدول العربية والاسلامية الأخرى.
وينسحب هذا الأمر اليوم أيضا على مجالي قطاع السفر والسياحة كجزء من استراتيجية تلك المؤسسات السياحية لتلبية احتياجات المسافرين متعددي الثقافات بما يحتاجون إليه فور وصولهم من صحف القرآن الكريم، وسجادات الصلاة، والأغذية الحلال، ومراحيض شطف للاغتسال والوُضوء في مواقع محدّدة، بجانب وجود مؤسسات سياحية تخلو من المشروبات الكحولية، وتراعي الأجواء العائلية، وتقدم خدمات السباحة المنفصلة للذكور والاناث وكذلك توفير منتجعات صحية مخصّص للنساء.
في المجالات الانتاجية تبحث المسلمة اليوم من مستحضرات التجميل الحلال التي بدأت تكتسب أهمية ورواجاً كبيراً في الأسواق، بجانب اتجاهها للحصول على تصميم ملابس تلبي احتياجات المرأة المسلمة من الأزياء المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بحيث أصبح اليوم تقام معارض تجارية تعرض فيها مجموعات متنوعة من التصاميم العصرية التي تتلاءم والتقاليد الإسلامية المخصّصة للمرأة المسلمة. وكذلك الحال في مجال الإعلام والترفيه حيث يتم تأليف عروض سينمائية وكتب للاطفال تناسب وقدراتهم وفهمهم العقلي من الواقع الديني والاسلامي للشخصيات التي لعبت دورا ايجابيا في تلك المجالات. وكما هو معلوم فان تلك الرغبات تتسع اليوم لتلبية احتياجات نحو 1.6 مليار نسمة من المسلمين من مختلف الأعمار حيث يشكّل الاطفال والشباب نسبة كبيرة منهم.
ومع الاحتمالات الكبيرة لميل أعداد كبيرة من غير المسلمين لطلب المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فان هذه الرؤية تحتاج إلى من يقوم بدراسة تلك الطلبات و إعداد دراسات الجدوى اللازمة لتأسيس المزيد من المؤسسات والشركات التي تستطيع تلبية الطلبات المقبلة للاجيال القادمة. ووفقا للتقديرات الواردة في هذا التقرير، فان حجم إنفاق المستهلكين المسلمين في العالم على قطاعَات الأغذية الحلال وأسلوب الحياة من المتوقع أن يبلغ 2.47 تريليون دولار بحلول العام 2018، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل سوقاً رئيسة محتملة لقطاعَات الأغذية الحلال وأسلوب الحياة.
بالإضافة إلى ذلك، فان حجم الأصول المالية الإسلامية تزداد عاما بعد عام، وإذا ما توفرت الظروف المناسبة، فإن حجمها في الأسواق الرئيسة في العالم سوف يبلغ 4.1 تريليون دولار قريبا. وهناك فرص النمو والاستثمار بشكل جماعي وتعاوني قد تكون أكبر وتعتبر ضرورة ملحة لتحقيق تلك الرؤى. فاليوم فان النمو السكاني في الدول الاسلامية كبيرا وأسرع من الذي يحصل في بقية دول العالم، فيما تتوزع الجماعات الاسلامية وتنتمي للكثير من الدول والاسواق الناشئة سواء في إندونيسيا، او ماليزيا أو مصر أو السعودية، أو تركيا أو غيرها من الدول الاسلامية الأخرى، حيث هناك اليوم 57 دولة أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فيما يرتبط معظم هؤلاء الناس بالقيم الأخلاقية الإسلامية التي يتزايد دورها في تشكيل نمط الحياة والممارسات التجارية بشكل ملموس.