أصبحت القرارات المتسرعة والعشوائية الي تصدر عن الرئيس الأمريكي ترامب أكثر خطورة على أسواق النفط ، خاصة إذا اختلط النفط بالسياسة واشتعال الأسعار أو انخفاضها نكاية في الآخرين في إطار الحروب التجارية والعقوبات الاقتصادية الجائرة على إيران وروسيا حتى وإن أبقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) على توقعاتها لنمو قوي نسبيا للطلب العالمي على النفط خلال 2025 و2026 .
الغريب هو التوقعات المتفائلة لأوبك بأنه لا تأثير بشكل ملموس للرسوم التجارية المحتمل أن تفرضها الولايات المتحدة على النمو الاقتصادي العالمي.
لذلك قد يكون من الصعب التنبؤ بكيفية تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على العرض والطلب في أسواق النفط وتأثير ذلك على المستهلكين حتى في أمريكا نفسها ، وإن كانت هناك منذ بداية عام 2025 عوامل عديدة ومتنوعة ضاغطة على الأسواق، ومنها فرض رسوم جمركية سوف تؤثر على الاقتصاد وتؤدي إلى تباطؤ الطلب العالمي على النفط
وهذا يؤدي حتما إلى عدم استقرار الأسعار، إلا أن إجراءات تمديد التخفيض الطوعي من "أوبك بلس" منعت تقلبات أسعار النفط بشكل كبير ، ولذلك يرى المراقبون أن أسعار النفط لن تشهد تذبذبات مؤثرة لتظل تتحرك حول 75 دولارا للبرميل في عام 2025 طالما كان التوازن قائما بين العرض والطلب، وبدون وجود ضغوط جديدة لم تكن في الحسبان عندما تنفجر بؤر الصراعات القائمة في أماكن مختلفة على خريطة العالم ،وأخطرها المواجهة المحتملة بين إسرائيل وإيران التي تلقى دعما واسعا من ترامب الذي سيفتح من جديد الملف النووي الإيراني لضمان أمن إسرائيل بعد أن قامت بتأمين حدودها مع بعض دول الجوار
وبالرغم من توقعات أوبك بارتفاع الطلب العالمي على النفط بــ 1.45 مليون برميل يوميا في عام 2025 وبمقدار 1.43 مليون برميل يوميا في عام 2026.
وهو مؤشر للاستقرار والتوازن النسبي في السوق النفطي ولو مؤقتا، في ظل تنامي مخزونات النفط الأميركية التي يلوح بها ترامب لإغراق السوق لخفض الأسعار للإضرار بالمصدرين وعلى رأسهم روسيا، بعد تصريحه بأن أسعار النفط المرتفعة تساعد روسيا على مواصلة الحرب في أوكرانيا بالإضافة إلى الدول النفطية العربية ،إلا أنه ليس مستغربا حدوث مفاجآت بعودة الإمدادات الروسية إلى السوق وسط محادثات السلام المحتملة بين أوكرانيا وروسيا ،بعد أن أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رغبتهما في السلام خلال مكالمات هاتفية .
وتتوافق وكالة الطاقة الدولية مع هذه الرؤية في أحدث تقرير لها عن سوق النفط وقالت :إن صادرات النفط الروسية قد تستمر إذا تم إيجاد حلول بديلة لمواجهة أحدث العقوبات الأمريكية، في ظل ارتفاع الطلب العالمي على النفط إلى 103.4 مليون برميل يوميا، بزيادة بلغت 1.4 مليون برميل عما كانت من قبل نتيجة لارتفاع أسعار الغاز في أوروبا الذي يدفعهم إلى التحول من الغاز إلى النفط مما يعزز نسبيا معدلات الطلب، ومن ثم تضييق الفجوة بين الطلب الفعلي والمتوقع ،خاصة مع رواج السوق السوداء للنفط التي تستمر في تحدي العقوبات التي تهدف إلى منع الدول المستهدفة من تصدير النفط ، مع نجاح روسيا وإيران وفنزويلا في استمرار التصدير بكميات كبيرة رغم العقوبات الصارمة التي فرضتها الدول الغربية، لأن السوق السوداء للنفط أكثر التجارة غير المشروعة ربحية على مستوى العالم واكبرها مخاطرة أيضا، مع وجود طرق جديدة للتحايل على قيود التصدير، ما يجعل المعادلة صعبة أمام إصرار الغرب على فرض عقوبات صارمة، في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على استقرار أسعار النفط العالمية