التأشيرة الخليجية الموحدة للسياحة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص
التأشيرة الخليجية الموحدة للسياحة

فريد أحمد حسن

طالبت منظمة صناعة السياحة والسفر العالمية أخيرا دول مجلس التعاون بسرعة تطبيق التأشيرة الموحدة للسياحة ، أسوة باتفاق دول الاتحاد الأوروبي الـ 26 التي تطبق تأشيرة شنغن الموحدة لدخول جميع الدول الأوروبية ل"تحفيز السياحة الإقليمية في المنطقة وجذب المسافرين الدوليين" وذلك بعد أن "طال النقاش حول هذا الموضوع" .
"ديفيد سكوسيل" الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس السياحة والسفر العالمي قال في حديث على موقع المنظمة إن الهدف من تطبيق نظام التأشيرة السياحية الموحدة هو تمكين السياح والمغتربين الذين يعيشون في دول المجلس ليكونوا قادرين على التحرك بحرية بين أي من الدول الست ، ودعا إلى إعطاء هذا الموضوع الأولوية القصوى والبت فيه سريعا .
ولأن الموضوع ليس جديدا ، حيث المعلوم هو أن دراسات ومقترحات قدمت بشأنه منذ نحو عشر سنوات ، لذا فإن السؤال الذي يشغل بال الجميع هو عن مصيره والمحطة التي وصل إليها خصوصا وأن المدة الزمنية التي استغرقها حتى الآن ليست قليلة وربما لا يحتاج إليها كلها حتى يرى النور . من هنا فإن المعلومة التي نسبتها إحدى الصحف الخليجية إلى مصادر في مجلس التعاون من أن الموضوع "لا يزال قيد الدراسة ومحل نقاش مستفيضين وأنه رفع إلى الجهات المختصة" تبدو عديمة القيمة لأنها تدخل في الكلام العام وغير المسئول .
منذ سنين والجميع يسمع ويقرأ أخبارا عن أن "هنالك عديدا من الدراسات المتنوعة والمشاريع الحيوية لتنشيط واستهداف قطاع السياحة في منطقة الخليج" وأن الموضوع "محل اهتمام" وأنه "من المقترحات المهمة" ، ولكن لأن كل هذا لم ينتج مفيدا بعد لذا فإنه يندرج في الكلام العام الذي لا يتحمل قائله مسئوليته بل لا قيمة له .
أهمية الدعوة إلى التوصل إلى نهاية إيجابية لهذا المشروع الآن تكمن في أن قطاع السفر والسياحة ، كما يؤكد كل ذوي العلاقة ، بديل مهم يعين على تحمل مرحلة انخفاض سعر برميل النفط ويفتح بابا أوسع لانتهاج أسلوب التنوع الاقتصادي ، حيث يذكرون أنه "طبقا لإحصائيات بحثية أعدتها المنظمة العالمية للسياحة فإن نسبة إنفاق الحكومات لهذا القطاع بلغ نموه بنسبة 2.6% خلال عام 2016 وبنسبة 3.5% سنويا خلال العشر سنوات المقبلة ، فيما يتوقع أن تصل نسبة المستهدف من نمو الأموال الاستثمارية في هذا القطاع إلى 5.2% هذا العام وبنسبة 5.4% سنويا حتى عام 2026، ما يجعل متوسط النمو في المنطقة يفوق متوسط النمو السياحي العالمي بقليل" . وحسب التقرير الذي أوردته الصحافة أخيرا فإن منظمة السفر والسياحة العالمية تتوقع "في حال تطبيق التأشيرة الموحدة للسياحة في الخليج أن تزيد من صعود التوقعات بالنسبة لمعدل متوسط النمو في قطاع السفر والسياحة ، الذي سيكون أعلى من المتوسط العالمي لصناعة السياحة" ، بينما كشف ديفيد سكوسيل إنه " في غضون عشر سنوات سيسهم قطاع السفر والسياحة بـ 11% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ويوفر وظيفة واحدة من كل عشر وظائف مطروحة في كل الوظائف" وأنه "بحلول عام 2035 فإن أكثر من مليار شخص سيعبرون الحدود الدولية سنويا" .
كل هذه أسباب ومعلومات تدفع – أو ينبغي أن تدفع – نحو إعطاء موضوع التأشيرة الجماعية أهمية خاصة والاستعجال في اتخاذ القرارات المؤدية إلى ترجمته إلى واقع ملموس ، يضاف إليها – حسب سكوسيل – أن "هنالك مناقشات تجري حاليا لتطوير تأشيرات موحدة في بعض البلدان في أمريكا اللاتينية من خلال تحالف المحيط الهادئ ومن دول إفريقية أخرى" وأن "اتفاق دول شنغن يعد أول نموذج كبير من هذا النوع ، وقد أوجد نموا هائلا تمثل في نمو شركات الطيران الاقتصادي المنخفضة التكلفة الذي ربط معظم مدن الاتحاد الأوروبي الإقليمية" .
كل ما سبق يعني أن دول التعاون وهي تمر بهذه الظروف غير العادية عليها أن تفكر في بدائل عملية وخصوصا في مجال السفر والسياحة . ليس الطموح الآن إلغاء التأشيرات أو تطبيق التأشيرة الإلكترونية ، كما يحلم البعض ، حيث يكفي أن يرى مشروع التأشيرة الموحدة النور ولو على مراحل .
بالتأكيد هناك الكثير من العقبات والكثير من الأمور التي ينبغي دراستها جيدا من قبل مختلف الدوائر ذات العلاقة في الدول الست لضمان نجاح التجربة ولمنع المسيئين من استغلال مثل هذا الأمر للإضرار بدول المجلس ، فهذا حق لكل هذه الدول ، وواجب عليها تجاه شعوبها ، ولكن مثل هذه المخاوف أيضا لا بد أن تكون قد طرحت في أوروبا قبل وبعد اعتماد الشنغن ، ولا بد أن هذه الدول تراجع بين الحين والحين ، وبناء على المستجدات والمتغيرات ، كل ما يتعلق بموضوع التأشيرة خصوصا من الناحية الأمنية التي من الطبيعي أن تتقدم على الناحية الاقتصادية .
ربما حان الوقت لتوفير إجابات عن كل التساؤلات التي تشغل بال الخليجيين قبل غيرهم وتشغل بال العاملين في قطاع السفر والسياحة بشكل خاص عن ظروف التأخر في "إنتاج" هذا المشروع المهم ، وكذلك عما إذا كان الاعتقاد بأن انخفاض سعر برميل النفط سيكون معينا على إنتاجه أم أن تطورات الأحداث في المنطقة وما أفرزته من حالة أمنية غريبة على دول المجلس ستكون سببا إضافيا يعيق إنتاج هذا المشروع ؟ ربما استدعى كل هذا "إنتاج" لجنة متخصصة تدرس كل هذا - الذي هو حق وواجب - ولكن بشرط ألا تحتاج إلى عشر سنوات أخرى لتقرر أن مشروع التأشيرة الموحدة لدول المجلس مشروع طيب وقابل للدراسة !

· كاتب بحريني