عيسى المسعودي يكتب: ماذا نريد من الطيران العماني ؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٦/فبراير/٢٠٢٥ ١٥:٠٨ م
عيسى المسعودي يكتب: ماذا نريد من الطيران العماني ؟
عيسى المسعودي

الطيران العماني الناقل الوطني لسلطنة عمان ومنذ بدأ عملياته التشغيلية في بداية التسعينات قام بتنفيذ العديد من الخطط المتعلقة بتعزيز مكانته كشركة طيران أقليمية وعالمية موثوقة تقدم افضل الخدمات في مجال الطيران والسفر والسياحة .

ولقد قامت الحكومة بدعم هذه الشركة طوال السنوات الماضية بمئات الملايين من الريالات ولايزال هذا الدعم يتواصل سواء بشكل مادي مباشر او بطرق أخرى متعددة لقناعة الحكومة بالدور الكبير والمهم الذي يجب ان تلعبة الشركة في تطوير وتعزيز القطاع السياحي في السلطنة من خلال استقطاب المزيد من السواح والمسافرين سنوياً ومن مختلف دول العالم وكذلك دور ومساهمة الطيران العماني ايضا في نمو وتقدم القطاعات الاخرى مثل السياحة والسفر والفنادق ومساهمة الشركة في تنشيط الحركة التجارية وعلينا ان نتصور المكاسب التي تحققها مثلا سلطنة عمان من وجود طيران محلي يربطها بدول العالم حيث يقوم الطيران العماني بنقل السواح والزائرين من والي السلطنة وبالتالي المشاركة في تعزيز الحركة الاقتصادية والتجارية لباقي القطاعات الاخرى فقطاع الطيران مرتبط ارتباط كبير بهذه القطاعات وفي حالة تأثرة تتكبد مؤسسات وشركات القطاعات الاخرى خسائر كبيرة وايضا الحكومة تتأثر لانها تقوم بتحصيل الضرائب والرسوم من عمل هذه الشركات فكلما كانت الحركة التجارية نشطة وتنمو في هذه الشركات كلما ارتفعت الرسوم والضرائب وزاد دخل الحكومة منها والعكس صحيح ليس هذا فقط بل ان تقدم وتطور هذه القطاعات السياحية المختلفة بما فيها قطاع الطيران يساهم في توفير المزيد من الوظائف للشباب العماني والعكس صحيح فان تأثر وتراجع هذه القطاعات لاي سبب يعني التقليل من الدخل ومن الفرص الوظيفية وهذا للاسف مايحدث الان في مختلف هذه الشركات ومن بينها الناقل الوطني الطيران العماني .

لقد مرت على الطيران العماني عدد من مجالس الادارات والادارات التنفيذية وفي كل مرحلة تختلف الاهداف والخطط وللاسف كل ادارة تاتي تلغي ماقامت به الادارة السابقة وتبدأ من جديد بحجة التطوير والتحديث واختلاف الاهداف والخطط ودائما مانسمع بين فترة واخرى عن اعادة هيكلة الشركة وكل مجلس ادارة جديد ياتي بادارة تنفيذية جديدة تقوم بتنفيذ خطط وبرامج واستراتيجية وتصور جديد لعمل الشركة وبلاشك يتم تحديد اهداف اولوية للشركة خلال الفترة المقبلة ولعل مايلفت الانتباة من خلال هذه المرحلة هي التأكيد على التقليل من الانفاق وتنفيذ الخطط التي تساهم في عدم اعتماد الشركة على الدعم الحكومي المالي ولتحقيق هذه الاهداف وغيرها لاحظنا قيام الشركة بعدة خطوات من بينها وقف بعض الوجهات السياحية التي يطير لها الناقل الوطني والتقليل من اعداد الموظفيين سواء كانوا عمانيين او اجانب وطرح بعض الطائرات المملوكة للشركة للايجار لصالح شركات طيران اخرى وغيرها من الخطوات التي تساهم في تحقيق هدف واحد رئيسي وهو وقف الاعتماد على الدعم المالي الحكومي بغض النظر عن اي اعتبارات اخرى متعلقة بتطوير وتقدم الشركة او بتطوير القطاع السياحي او القطاعات الاخرى التي ذكرناها سابقاً لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسة : هل هذه الخطوات و النهج الذي يتبعة الناقل الوطني حالياً صحيح وسيحقق اهداف رؤية عمان 2040 ؟

يعد القطاع السياحي من القطاعات المهمة ويأتي ضمن اولويات رؤية عُمان 2040 والتي تضمنت عددًا من المستهدفات في القطاع والتي تتمثل في جلب الاستثمار والاستدامة المالية وإسهام القطاع في سوق العمل حيث من المتوقع ومن خلال الاستراتيجية الوطنية للسياحة والتي تم الاعلان عنها توفير أكثر من 500 الف فرصة عمل وزيادة حجم الاستثمارات بحيث يتوقع مع حلول عام 2040 زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 6% الى 10 % مع مكاسب اخرى من بينها تنمية الاقتصاد المحلي وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبلاشك أن قطاع الطيران والقطاعات الاخرى المرتبطة بالقطاع السياحي ترتبط ببعضها البعض فلا يمكن تحقيق هذه الاهداف في القطاع السياحي دون ان يكون لدينا ناقل وطني يعتمد علية ويقوم بدور حقيقي في استقطاب السواح والمسافرين من كل دول العالم فالجميع يعمل كحلقة واحدة مرتبطة ببعضها فاذا تراجعنا في محور او قطاع معين فان القطاعات الاخرى ستتأثر وخاصة القطاع السياحي الذي يتأثر بشكل مباشر من اقل الاحداث او النتائج ولعل ماقامت به الحكومة خلال السنوات الماضية من تنفيذ وانشاء مطار مسقط الدولي وتخصيص ملايين الريالات لهذا المشروع لهو دليل واضح باننا اذا اردنا النجاح فعلينا بالاستثمار وضخ الاموال حتى تتمكن القطاعات الاخرى من النمو والتقدم ومن استثمار وجود بنية اساسية متطورة تخدم تطور التنمية الاقتصادية فكيف تقوم الحكومة من جانب في تعزيز البنية الاساسية لقطاع الطيران وللقطاع السياحي وتنفذ المشاريع التي تكلف الملايين من الريالات ومن جانب اخر تعمل على وقف الدعم عن الناقل الوطني وتوافق على خطط الترشيد والتقشف بحجة الخسائر المترتبة من تشغيل العمليات وشراء الطائرات وغيرها من المصروفات رغم ان الجميع يدرك ان وجود شركة وطنية للطيران يعد من اساس نجاح قطاعي السياحة والطيران ونجاح القطاعات الاخرى المرتبطة بهم فمن وجهة نظري ليس ترشيد الانفاق او وقف الدعم المادي هو الحل الصحيح في معالجة خسائر الطيران العماني وانما النجاح والانجاز الحقيقي هو ايجاد الخطة والاستراتيجية السليمة التي تضمن تحقيق التوازن بين اهداف النمو والتطوير والمخصصات المالية بحيث لايكون هناك تراجع في مستوى الشركة وعملها كوجهة اقتصادية وسياحية مهمة تربط سلطنة عمان بالعالم وتقوم بدورها الحقيقي المباشر وغير المباشر للمساهمة في تطوير مختلف القطاعات الاخرى المرتبطة فالمكسب الحقيقي للطيران العماني ليس الوصول الي تحقيق الارباح فقط بدل تحقيق الخسائر وانما الاهم مساهمة الشركة في التنمية الاقتصادية ككل والعمل على استمرار تطوير وتقدم الشركة لكي تقوم بواجبها وهذا ماتقوم به اغلب شركات الطيران على مستوى العالم .

أن مسألة التقليل من خسائر الشركة وتعزيز مفهوم الحوكمة مطلب مهم وكلنا مع هذا التوجه ولكن في نفس الوقت لايعني التوقف عن التطوير وعن مواكبة المستجدات وعن قيام الطيران العماني بدورة الحقيقي في التنمية الاقتصادية لذلك فأن استمرار دعم الحكومة للطيران العماني كناقل وطني أمر في غاية الاهمية وعلى مجلس ادارة الشركة والادارة التنفيذية طرح خطة تطويرية مستقبلية تلبي اهداف رؤية عمان 2040 بدل الحديث المتكرر حول النجاح في تقليص الخسائر والتوقف عن طلب الدعم المالي وعلى الحكومة ان تنظر الى دعم الطيران العماني ليس على انه عبئ مادي وانما تنظر له كما تنظر على سبيل المثال الى دعم قطاع التربية والصحة فهذي القطاعات لاتحقق ارباح ولكن مهمين جدا لنا جميعا وفوائدهم ومكاسبهم كبيرة على المجتمع وهذا ينطبق على دور الناقل الوطني فنحن نحتاج الى شركة طيران وطنية تقوم بدورها وواجبها وعلينا ان نساهم في تطويرها لتحقق الاهداف الوطنية والتجارية اذا اردنا فعلا المساهمة في تحقيق اهداف رؤية عمان 2040 من خلال تطوير ودعم القطاع السياحي والقطاعات الاخرى المرتبطة به.

Ias1919@hotmail.com