لقد كان عام 2024م عاماً حافلاً بالنجاحات لدار العطور العُمانية، أمواج، أضحت خلاله رمزًا للإبداع والتميّز عالميًا. وفي هذه المقابلة الحصرية، يسلط السيد خالد بن حمد البوسعيدي، رئيس مجلس إدارة أمواج، الضوء على العوامل الرئيسية وراء إنجازات الدار خلال العام، ويشارك رؤيته لمستقبلها حيث يكشف عن شراكة استراتيجية من شأنها أن ترسم ملامح الفصل القادم في رحلة أمواج العالمية.
مسقط - الشبيبة
واصلت أمواج ترك بصمتها على صناعة العطور الفاخرة عالمياً، حدثنا عن أداء الدار خلال عام 2024م وما الذي يمثله ذلك لمستقبلها؟
بالفعل كان عام 2024م استثنائيًا في أمواج، ويسرّني أن أعلن أنه ولأول مرة في تاريخ الدار الممتد على مدار أربعة عقود، تجاوزت مبيعات التجزئة في أمواج 260 مليون دولار أمريكي مسجلة نمو سنوي بنسبة 30%، وارتفاع في الطلب على منتجاتنا أعلى بمرتين ونصف من متوسط ما حققته العلامات التجارية الفاخرة. ولا تقتصر هذه الأرقام على كونها إنجازًا ماليًا، بل هي شهادة على المكانة المرموقة التي تحتلها أمواج عالميًا كدار تجسد أعلى معايير الحرفية، وخير مثال على الهوية العمانية الأصيلة.
وبالنسبة لي، يحمل هذا الإنجاز معنىً خاصًا. فمنذ أن أُسست أمواج، كانت رؤيتها أن تكون سفيرًا لعُمان وتراثها العريق في عالم العطور. اليوم، أن نشهد هذا التقدير العالمي المتزايد دون أن نحيد عن هويتنا أو قيمنا الأصيلة هو تأكيد على أن الإبداع المتجذر في الإرث والثقافة يمكنه أن يترك بصمته في كل أنحاء العالم، تمامًا كما حلمنا منذ البداية.
يمثل عام 2024م نقطة تحول في رحلتنا نحو المستقبل، حيث تؤكد هذه الأرقام على أن الإبداع القائم على الهوية يمكن أن يكون قوة عالمية مؤثرة. أمواج لم تكن يومًا مجرد دار عطور، بل رؤية تجسد عُمان في أرقى صورها، واليوم نرى هذا الطموح يتحقق، حيث أصبح يُنظر لأمواج كالدار التي تعيد رسم ملامح صناعة العطور الفاخرة وتحدد معاييرها. ما حققناه هو مجرد بداية لمرحلة جديدة من التوسع والابتكار، ونعد أن نواصل تجسيد قصة عُمان للعالم.
من وجهة نظرك، ما هي العوامل التي ساهمت في النمو المطرد الذي حققته أمواج في عام 2024م؟
يعكس النمو الاستثنائي الذي حققته أمواج في عام 2024م رؤيةً متكاملة تستند إلى نهج استراتيجي مدروس، يوازن بين التوسع العالمي والالتزام بالقيم التي تشكل هويتنا. منذ البداية، أدركنا أن عملاءنا لا يبحثون فقط عن عطور فاخرة، بل يسعون إلى تجربة تحمل بعدًا أعمق، تجربة تُجسد الأصالة وتروي قصةً حقيقية، فهم يقدرون العلاقات والروابط التي نبنيها، والشفافية التي نعتمدها في إبداعاتنا، والتميّز في التجربة الشخصية التي نقدمها. وهذا ما استندت عليه رؤيتنا، سواء في توسعنا الجغرافي، أو الرقمي.
ولم يكن توسعنا في الأسواق الرئيسية، مثل الأمريكتين، مجرد خطوة لتعزيز حضورنا في مواقع استراتيجية مثل بوتيكاتنا في سوهو وفي أمريكان دريم مول، بل كان تجسيدًا لرؤيتنا لتقديم مساحات حسيّة غامرة تتيح لعشاق الفخامة عيش تجربة أمواج بالكامل. أما في عُمان، فقد حققنا نمواً بنسبة 33% بفضل سعينا المتواصل للابتكار حيث افتتحنا عدد من البوتيكات الجديدة، منها بوتيك أمواج في صحار، وكذلك بوتيك مصغر في فندق ماندارين أورينتال، مسقط، وفيه نقدم أمواج بأسلوب جديد ومبتكر.
كما، ويعكس ارتفاع مبيعاتنا عبر الإنترنت بنسبة 54% والنمو الملحوظ في قنوات البيع بالتجزئة في مجال السفر قدرتنا على مواكبة التغيرات في سلوكيات العملاء دون تغيير أصالة تجاربنا. وبالطبع فإن هذا النجاح في مختلف القنوات هو ثمار التزام الدار المستمر بسرد قصص عطرية فريدة تجسد اعلى مستويات الحرفية، وتركيزها على تقديم تجارب حسية آسرة من عُمان لعشاق الفخامة حول العالم.
في ظل النمو الكبير الذي تحققه أمواج، ما هي الخطوات الاستراتيجية التي قمتم باتخاذها لتعزيز وضمان استمرارية هذا النجاح؟
تعتبر أمواج جوهرة تُزيّن صناعة العطور الفاخرة وواحدة من أكثر الدور تميزًا في فئتها بفضل رؤيتها الطموحة وفريقها المبدع الذي يقودها إلى آفاق جديدة. وقد قمنا بتحديد مجالات رئيسية لدفع عجلة النمو العالمي للدار تشمل تعزيز قدراتنا الإنتاجية في عُمان وتطوير مقرنا الرئيسي في مسقط، إضافة إلى توسيع انتشار بوتيكاتنا في أهم وأكبر المدن العالمية وزيادة استثماراتنا في سلسلة التوريد، كما ونسعى لتوظيف مختلف الفرص الواعدة لدعم المجتمعات، بما يضمن تحقيق النمو المستدام ويُرسخ مكانة أمواج عالميًا، دون تغيير جوهرها العُماني الأصيل.
وبينما نواصل التقدم في خططنا التوسعية العالمية، نظل ملتزمين أن نروي قصة عُمان العطرية للعالم. ومؤخرًا، تلقينا استثمار بحصة أقلية طويلة الأمد من مجموعة لوريال، الشركة العالمية الرائدة في مجال مستحضرات التجميل التي رأت في أمواج دارًا تعييد رسم ملامح الابتكار والفخامة في صناعة العطور. ويُعد هذا الاستثمار شهادة على التقدير العالمي الذي تحظى به أمواج ويترجم النمو الذي حققته خلال السنوات الأخيرة.
ومع هذا الاستثمار، ستظل أمواج دار عطور عُمانية مستقلة تعمل على تحقيق مستهدفات وطموحات رؤية عُمان 2040، إذ سيعزز هذا الاستثمار الاستراتيجي من مساهماتنا الاقتصادية من خلال تعظيم قدراتنا الإنتاجية في عُمان، وتسريع انتشارنا العالمي وزيادة صادراتنا مما يسهم في إيجاد قيمة مضافة في السلطنة. ويعد هذا الاستثمار الأول من نوعه لشركة عالمية رائدة في قطاع صناعة العطور في السلطنة، ما يعكس المكانة المتنامية للدار عالمياً.
ويبقى التزامنا بالتنمية المستدامة في مقدمة أولوياتنا إذ نهدف إلى الحفاظ على كنوز عُمان الطبيعية واستخدام هذه الكنوز بشكل مسؤول يعزز استدامتها. ولعل أبرز مثال على هذا هو وادي دوكة، حيث تتضمن مبادراتنا المستدامة في المحمية انشاء أول غابة ذكية في دول مجلس التعاون الخليجي واعتماد أحدث تقنيات التتبع، كما ونسعى إلى تعزيز نموذج اقتصادي دائري يعتمد على الطاقة المتجددة والممارسات الصديقة للبيئة.
وقبل كل شيء، ستتيح لنا هذه الخطوة خلق فرص جديدة للمواهب العُمانية، من خلال توفير المزيد من الوظائف، وتعزيز المهارات وأطر التعاون المتبادل مع المؤسسات المحلية لنواصل بذلك دورنا الفاعل في رسم ملامح مستقبل واعد لعُمان.
كيف ستؤثر هذه الشراكة الجديدة على عمليات أمواج وتوجهها الإبداعي وخططتها للتوسع عالمياً؟
ستواصل أمواج مسيرتها كدارٍ عُمانية مستقلة، محتفظة بسيطرتها الكاملة على توجهها الإبداعي وعملياتها التشغيلية وبراعتها الحرفية الفريدة التي أصبحت مرادفةً لاسمها.
وعلى الصعيد الإبداعي، فستظل أمواج ترسم ملامح هويتها الفنية بأسلوبها المتفرد، انطلاقًا من التزامها الراسخ بابتكار عطور تعبّر عن عمق الثقافة العُمانية، وسيبقى الإشراف الإبداعي تحت قيادة فريق الدار، لضمان أن يحمل كل ابتكار عطري بصمةً أصيلة تحكي قصةً تتناغم فيها الحرفية بالفن والإرث.
وسيتيح لنا هذا الاستثمار فرصة التوسع في أسواق جديدة من خلال بوتيكات مستقلة، مما يمنح عملاءنا تجارب أكثر تفردًا وعمقًا. لكن بالنسبة لأمواج، لم يكن النمو يومًا مجرد مسألة انتشار جغرافي، بل هو رحلة مدروسة تُبنى على أسس راسخة من الحرفية. كل سوق ندخله وكل خطوة نتخذها تنطلق من هويتنا العمانية، لنضمن أن يبقى حضور أمواج تجسيدًا للفخامة، ولإرثنا العطري العريق.
ما هي رؤية أمواج للمستقبل؟
تبقى رؤيتنا امتداداً لتاريخ عُمان العطري وانعكاسٌ لطموح يتجدد مع كل إبداع، وسنبقى أمناء على كنوز عُمان الطبيعية، سواء في التوريد المسؤول للّبان ظفار، أو في الرعاية المستدامة لزراعة الورد في الجبل الأخضر. وبينما نمضي قدمًا، سنعمل على توظيف الفرص لإرساء معايير جديدة في صناعة العطور الفاخرة معتمدين على الشفافية والأصالة والمسؤولية من أجل هدف واحد، وهو أن نروي قصة عُمان العطرية للعالم.