إذا قال ترامب .. هل يقول له العالم آمين ؟.. وهم مكتوفو الأيدي عاجزون حتى عن الرفض باللسان لطرحه تهجير الفلسطينيين وكأنهم ُصُم عُمي بُكم لا ينطقون للوقوف ضد الظلم والتصدي للطغيان ، وعودة الاستعمار القديم ،ولذلك نطلب من المجتمع الدولي أن يكون منصفا لقواعد العدالة وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والإنساني ، ويعمل جادا على تهجير الإسرائيليين من فلسطين المغتصبة إلى موطنهم الأصلي والذي لا زال موجودا حتى الآن في "بيروبيجان" وهي مقاطعة يهودية في شرق روسيا وأول أرض تجـمّع فيـها اليهود مـن جميع أنحاء العالم في عـام 1928م، أي قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بـحوالي 20 عامًا، وعلى ضمير العالم المتقدم والمتحضر أن يصحو لتصحيح الوضع وعودة الحق لأصحابه، لأنه منذ وعد بلفور في عام 1917 الذي " أعطى من لا يملك حقا لمن لا يستحق أو يملك "ومنذ هذا التاريخ ومشاكل العرب في العصر الحديث بدأت مع اغتصاب اليهود للأرض العربية في فلسطين وبعد أن زرعتها إنجلترا بإعطائها هذا الوعد وبداية عمليات التهجير للفلسطينيين والاستيطان للإسرائيليين منذ نكبة 1948
وأن ما يُعيده الآن الرئيس الأمريكي ترامب يرسخ لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين كخيار في الخطاب السياسي الغربي- الأمريكي، الأمر الذي يمنح إسرائيل غطاء دوليا، ، ليفرض واقعا جديدا على الأرض.
ويمثل امتدادا للفكر الاستيطاني الاستعماري القديم الذي يمهد للهيمنة الصهيونية الأمريكية على خارطة منطقة الشرق الأوسط الجديد وتحقيق المصالح الأمريكية في مواجهة المد الصيني وإحياء طريق الحرير، والسيطرة على حقول النفط والغاز ،ثم التواجد العسكري الأمريكي على سواحل غزة وموقعها الاستراتيجي في البحر المتوسط من خلال احتلال فلسطين وأراضيها وتفريغها من سكانها الأصليين، لتصفية قضيتهم، بدلاً من اللجوء إلى التسوية العادلة التي تُرضي الطرفين..
وهذا يفسر أسباب ما يطرحه الرئيس ترامب الآن استكمالا لسيناريو تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن ، ليؤكد التوجه الصهيوني منذ المؤتمر الأول للمنظمة الصهيونية، الذي عقد بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بازل بسويسرا في عام1897. ليطلب من أغنياء اليهود المساعدة في تمويل مشروع إقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين، أو الأرجنتين، أو أوغندا وهذا يؤكد عدم وجود استحقاقات تاريخية لليهود في فلسطين كما يدعون ،لأنها كانت مجرد مقترحا ضمن بدائل في دول أخرى ، على الرغم من وجود الموطن الأصلي لليهود ،ووصل الأمر الآن إلى أن المغتصب الإسرائيلي هو المتحكم والمسيطر على الأرض الفلسطينية و يعمل وبإصرار على تهجير وطرد أصحاب الأرض وأصبح هو المالك والمتصرف الأوحد وأن أصحاب الأرض يعيشون في التيه والضياع وفي حالة رد الفعل ، ولا يقبل المُغتصب حتى بحل الدولتين الذي يتمناه العرب وارتضوا به لحل القضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية، وإن كان في الواقع هو تنازل من العرب و من الفلسطينيين عن جزء من أرضهم، ومع ذلك والغريب أن الدول العربية برغم الإمكانيات المادية والبشرية لا زالوا في مدرجات المتفرجين ، منذ عام 1948، في ظل الصمت المهين للمجتمع الدولي و العنصرية وازدواجية التعاملات في مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية ،على عكس مساعداتهم غير المحدودة المعنوية والمادية والعسكرية والإعلامية لإسرائيل وفي المنظمات و المحافل الدولية ،مع أن المُغتصب الإسرائيلي يُعربد ويُدمر ويٌقتل ويُشرد أصحاب الأرض بحماية ومساندة أمريكا والدول الغربية المنحازة لهم ، والتي تكيل بكيلين بعد أن فقدت بصيرتها الإنسانية والأخلاقية ،ولم تفرق بين الضحية والجلاد ، وجيشت غواصاتها ومدمراتها وحاملات طائراتها وقواعدها العسكرية الرابضة والمتمركزة للأسف في معظم دولنا العربية، للمساندة في تصفية الفلسطينيين من خلال ثلاث خيارات فرضت عليهم لا مفر منها وهي "الهجرة أو الموت أو الدمار الشامل باستخدام الأسلحة النووية لإبادة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهذه الخيارات مفروضة على العرب بكل أسف وأسى ، وهى من خطوات التنفيذ الدقيق لقرارات المؤتمر الصهيوني الأول بقيادة المفكر اليهودي تيودور هرتزل ، والتي نصت على أن «هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ومن النيل إلى الفرات "
وهذه الأهداف معلنة ومعروفة للجميع ومع ذلك لم يستعد لها العرب حتى جاءت هزيمة الجيش المصري وكسر شوكة جمال عبد الناصر والإعلان عن نكسة 1976 وبعدها تم القضاء على صدام حسين وتسريح الجيش العراقي بمباركة البعض ثم حرب غزة وتدميرها وهدم بنيتها الأساسية تماما وجعلها غير صالحة للحياة، و لتصبح طاردة لأهلها لعدم قدرتهم على العيش فيها، تمهيدا لنشر المستوطنات والاستيلاء عليها ، بعد تأمين الحدود مع لبنان بتصفية حزب الله ، ليصبح المشهد أكثر مأساوية بعد القضاء بسهولة وبدون مقاومة على الجيش السوري، لتصبح الأرض ممهدة لتحقيق هدف "من النيل إلى الفرات "،لذلك علينا أن ننتبه إلى ذلك وألا تقف مصر بمفردها ومعها الأردن - إذا صمدت - ضد التهجير ومخطط تصفية القضية الفلسطينية وصفقة القرن ، وأن تتحرك جامعة الدول العربية طبقا لمفهوم أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم وأن نكون فاعلين ومؤثرين في المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل حتى تتحول إلى مفعول به وتنشغل بالدفاع عن نفسها وعن وجودها غير الشرعي وغير القانوني ، ومن ثم علينا أن نخطط من الآن وفق استراتيجية عربية جديدة واضحة تضعها جامعة الدول العربية لطرحها على الرأي العام الدولي وتتبنى من خلالها رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين خاصة أنها لم تلتزم بتنفيذ كل القرارات التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المرتبطة بالقضية الفلسطينية وأصحاب الأرض الأصليين ،وذلك بالتنسيق مع مؤتمر منظمة الدول الإسلامية ، على أن تلتزم بها الدول الإسلامية والعربية للعمل على نشر فكر وثقافة تهجير الإسرائيليين إلى موطنهم الأصلي وضرورة أن يتبنى ذلك القادة العرب من خلال قمة طارئة ، وعبر وسائل الإعلام والمؤسسات البرلمانية والدينية الإسلامية والمسيحية والسفارات العربية والإسلامية في الخارج من خلال اللقاءات الثنائية والندوات والمؤتمرات وفي المحافل والاجتماعات في المنظمات الدولية ، لمواجهة أمريكا الداعم الأول والأساسي للمخططات الإسرائيلية ، ولتحقيق المطالب العربية التي تلبي طموحات الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة والاستقرار والأمن في دولته المستقلة وللمحافظة على المصالح الأمريكية مع العرب إذا كانت حريصة عليها، لأن إسرائيل ليست في جادة في السلام ولم ولن تقبل السلام العادل ،بل تهادن فقط ، انتظارا للحظات الضعف العربي حتى تعاود تحقيق أهدافا التوسعية "من النيل للفرات"
وأن تتناول مطالب العرب الواضحة والمباشرة للرئيس ترامب الراعي الرسمي لإسرائيل وهي تهجير الإسرائيليين إلى دولة اليهود القديمة والقائمة للآن "بيروبيجان" ، وأن يتعهد العرب بمساعدتهم للهجرة الآمنة ليستقروا فيها ، وحتى يتركوا الأرض لأصحابها ،وهو الحل الأمثل لإنهاء مشكلة الشرق الأوسط حتى تتفرغ دول المنطقة للتعمير والتنمية والعيش في أمان وسلام ، بعد أن تأثرت اقتصاداتها وأُنهكت في الإنفاق على التسليح والجيوش ، وكأنها في حالة حرب دائمة ،بل وتعيش اقتصاديات الحرب التي تستنزف مواردهم وثرواتهم وطاقتهم ، وتعوق حركة التنمية التي تؤثر على رفاهية شعوبها.