تحقيق: حمود العبري
تعد اللغة الانجليزية في الوقت الحالي لغة العالم بلا منافس، وأصبحت الأكثر انتشارا من بين اللغات الأخرى، فهي لغة العلم والتكنولوجيا في جميع جامعات العالم. وجامعة السلطان قابوس ليست ببعيدة عن ذلك المحيط، حيث أصبحت معظم التخصصات تدرس باللغة الانجليزية مثل تخصص السياحة والمكتبات وغيرها من التخصصات الإنسانية. وفي المقابل هناك بعض التخصصات تدرس باللغة العربية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية مثل تخصص علم الاجتماع.
بين تغلغل اللغة الانجليزية إلى كل التخصصات ومقاومة هذا التخصص لرياح التغير، ما مصير هذا العلم مستقبلا في ظل ابتلاع اللغة الانجليزية لكثير من لغات العالم، وقد أصبحت اللغة الرسمية لمعظم شعوب العالم؟ وكيف سيواجه خريجو هذا التخصص المستقبل المهني في ظل اعتماد معظم المؤسسات على اللغة الانجليزية؟ وما هو رأي أكاديميي القسم في هذا التوجه؟
ويظهر اختلاف في وجهات النظر حول هذا الموضوع حيث يؤكد عدد من الأكاديميين أهمية تعلم اللغة الانجليزية وإدخال مقررات باللغة الأجنبية إلى القسم وخصوصا في الوقت الحالي لما لذلك من ضرورة في المجال العملي، بينما يؤكد عدد منهم أهمية أن تقوم المؤسسات الأخرى مثل المدرسة والأسرة بتعليم الطالب اللغات الأجنبية حيث يكون الطالب مستعدا لتعلم لغة أخرى عندما يصل الى المرحلة الجامعية وليس اللغة الانجليزية فقط، أما مؤسسات سوق العمل فركزت على أن الكفاءة والمهارة هي المعيار للتوظيف. واتفق الطلبة الخريجون من هذا التخصص على ضرورة إدخال مقررات باللغة الانجليزية إلى التخصص بشكل تدريجي حتى يكون الطالب قادرا على العمل في كل الفرص التي يطرحها سوق العمل وضرورة الالتحاق بالدورات التدريبية التي تعرضها مختلف المؤسسات.
توجه عام
د. مجدي محمد الحاج، أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس قال: طرح موضوع إدخال مقررات باللغة الانجليزية إلى القسم عدة مرات في لجان مختلفة من أهمها مجلس القسم، وكان هناك توجه عام بضرورة إدخال مقررات باللغة الانجليزية الى الخطة الدراسية، وكان هناك اتفاق بتحويل بعض المقررات إلى اللغة الانجليزية مثل علم اجتماع الطبي كون الطالب سيتعامل مع محيط العمل باللغة الانجليزية، وسيتم إدخال مقررات أخرى بشكل تدريجي، وسيتم تطبيق الخطة الجديدة في الفصل القادم.
وقال د. محمد عزيز النجاحي، أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس: يجب إدخال بعض المقررات بالغة الانجليزية إلى الخطة الدراسية كون اللغات الأجنبية توسع مدارك الطالب وتفتح أمامه آفاقا بعيدة المدى، ويجب تضمين بعض المصطلحات إلى الطالب في المقررات التي تدرس بالغة العربية، حتى يكون الطالب قاعدة معرفية واسعة في مجال علم الاجتماع ويستطيع أكمال دراسته المستقبلية في كل المستويات وبسهولة.
نظريات فلسفية
وقال د. مصطفى أبا بكر، أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس: يجب أولا تأسيس الطالب منذ البداية، وهنا نركز على دور المدرسة في تعليم اللغة الانجليزية تحدثا وكتابة وأيضا يجب على الأسرة أن تقوم بدورها في هذا الجانب والغرض من ذلك هو تكوين قاعدة ثقافية واسعة عند الطفل منذ البداية، وعندما يصل إلى المرحلة الجامعية يكون مستعد لتعلم لغات أخرى وليس اللغة الانجليزية فقط، حيث الطلبة في قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي يدرسون مقرر واحد فقط باللغة الانجليزية، وزيادة مقررات أخرى بهذه اللغة يمكن أن تشكل عبئا إضافيا للطالب كون تخصص علم الاجتماع يحتوي على نظريات فلسفية يصعب فهمها من قبل كل الطلبة فتحتاج مجهود أكبر، وهنا يجب على الطالب أن يتعلم اللغة الانجليزية من خلال الاعتماد على ذاته وقراءة القصص والكتب الانجليزية.
بشكل تدريجي
وقال د.حمود النوفلي، أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس: تعتبر اللغة الانجليزية لغة العصر في الوقت الحالي ولا يختلف اثنان على ذلك، ولكن يجب علينا نركز على أهمية الرغبة الذاتية في تعلم الطالب للغة الأجنبية، فإذا كانت هناك رغبة عميقة لدى الطلبة في تعلم اللغة الانجليزية فيستطيع تعلمها وبسهولة.
وأضاف: إدخال مقررات باللغة الأجنبية إلى تخصص علم الاجتماع من وجهة نظري غير مجد في الوقت الحالي إلا في حالة إذا تم بشكل تدريجي حيث سيواجه الطالب صعوبة كبيرة في فهم النظريات الاجتماعية المعقدة، وأيضا لا ننسى أن الطالب في مرحلة البرنامج التأسيسي لم يدرس الى المستوى السادس وبالتالي يصب على الطالب أن يتأقلم مع مقررات باللغة الانجليزية في ليلة وضحاها، فالعملية يجب أن تبدأ بالتدريج، ويجب في هذه الحالة معرفة احتياجات سوق العمل فمثلا إذا التحق الطالب بالمجال الطبي فيجب عليه تعلم اللغة الانجليزية كون الطالب يعيش في بيئة العمل تتكلم باللغة الانجليزية.
آراء الطلبة
وعن رأي طلبة علم الاجتماع قال الطالب أحمد العبري: يجب أولا أعداد الطالب بكل كفاءة منذ البداية ولا سيما المرحلة التأسيسية حتى يتمكن من تكوين قاعدة معرفية واسعة. وإضافة مقررات باللغة الانجليزية بشكل تدريجي حتى لا نواجه إشكالية في التغير المفاجئ للمقررات وتعلم الطالب للغة الانجليزية أمر في غاية الأهمية.
وقالت الطالبة مريم الحجري: في الأساس التخصص يدرس باللغة العربية والطالب يختار هذه التخصص باعتباره سوف يدرسه باللغة العربية وإذا تم تغييره إلى اللغة الانجليزية فسوف يواجه الطالب مشكلة في الفهم وعلم الاجتماع قائم أساسا على النظريات الفلسفية القديمة.
وعن الصعوبات التي تواجه الطلبة الخريجين من قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي، قال الطالب ناصر اليحمدي خريج قسم علم الاجتماع: أصبحت اللغة الانجليزية مهمة للغاية في الوقت الحالي، وفي سوق العمل لا يمكن الاستغناء عنها، وفي الحياة العامة بشكل عام، وعندما يتخرج الطالب من هذه الأقسام وبدون إتقان للغة الانجليزية فيجب عليه أن يعتمد على قدراته وأن يبادر من نفسه ويلتحق بدورات تدريبية في مجال تعلم هذه اللغة، فالطالب عندما يلتحق بإحدى المؤسسات الخدمية سوف يتعامل مع مختلف الشخصيات من خارج البلد وهنا تكمن حاجة الطالب في قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي الى اللغة الانجليزية لتكون جسرا للتواصل بينه وبين الآخرين وبالتالي فإن تعلم اللغة الانجليزية أمر ضروري وليس اختياري تفرضه معطيات العصر الحالي.
وقالت نصراء المعمرية خريجة قسم علم الاجتماع: الطالب عندما ينهي دراسته الجامعية يجب عليه أن يستعد للمرحلة القادمة وهي البحث عن الوظيفة المناسبة، وسوق العمل هنا يضع عدة معايير للاختيار بين الخريجين من حيث الكفاءات والإلمام باللغات الأخرى، فإجادة الطالب للغة الانجليزية معيار مهم لتوظيفه في سوق العمل وهنا يجب عليه أن يستعد منذ البداية حتى يتمكن من إتقان هذه اللغة من الأسرة والمدرسة والجامعة، فتخصص علم الاجتماع هو تخصص بالغلة العربية، وهذا من وجهة نظري ليس عائقا أمام الطالب لعدم إتقانه للغة الانجليزية فأصبح التعليم أمر سهل للجميع من خلال الالتحاق بدورات تدريبية وغيرها، وطبيعة علم الاجتماع أنه علم قائم على النظريات والفلسفات التي وضعها العلماء السابقين وبالتالي تحويل هذه المقررات باللغة الانجليزية هو أمر يقف عائق أمام الطالب كونه لاستطيع فهما ويجب هنا يدرس بشكل تدريجي وجزئي.
مؤسسات سوق العمل
وعن وجهة نظر بعض مؤسسات سوق العمل التي تحتاج الى هذا التخصص، قالت منى الزدجالية، مديرة الموارد البشرية في إحدى المؤسسات الخدمية في السلطنة: يجب رفد الطلبة في هذا القسم بكل المهارات والخبرات حتى يتمكن الطالب من تأدية واجبه الوظيفي بكل كفاءة، حيث يجب وضع نسبة معينة من مقررات هذا التخصص باللغة الانجليزية على الأقل 50% حتى يتمكن الطالب من الإلمام باللغة الانجليزية، ويجب على الطالب في المرحلة الجامعية أن يكون هناك لديه دافع قوي لتعلم هذه اللغة، وكل السبل متاحة أمامه.
وقال محمد النهدي مدير قسم الموارد البشرية في إحدى شركات القطاع الخاص: تخصص علم الاجتماع مهم بالنسبة لنا، وكفاءة الطالب مطلوبة في كل المستويات ولكن ما نلاحظه هو عدم الإلمام باللغة الانجليزية وهذه ليست مشكلة المقررات الدراسية فقط بل يجب على الطالب أثناء دراسته الجامعية أن يبادر ويتعلم ذاتيا واليوم أصبحت كل الوسائل متاحة لتعلم اللغة الانجليزية.