أحمد الشيخ عبدالله الفضالة يكتب : الكذب والشخصية المتسلطة

مقالات رأي و تحليلات الجمعة ٠٣/يناير/٢٠٢٥ ١٢:١٦ م
أحمد الشيخ عبدالله الفضالة يكتب : الكذب والشخصية المتسلطة
أحمد الشيخ عبدالله الفضالة - كاتب من مملكة البحرين - عضو جمعية الصحفيين البحرينية

الشخصية المتسلطة هي تلك التي تميل إلى السيطرة على الآخرين والتلاعب بالحقائق لتحقيق أهدافها الخاصة.

هؤلاء الأفراد يستخدمون الكذب كأداة لإخفاء نواياهم الحقيقية، وغالبًا ما يهدفون لتحقيق مصالح شخصية على حساب الآخرين. هذه الشخصيات قد تظهر في العلاقات الشخصية، أو العمل، أو حتى في المجتمع بشكل عام.

في هذا السياق، يصبح الكذب أداةً أساسية تُستخدم لتبرير تصرفات الشخص المتسلط، وتعزيز نفوذه، والتحكم في من حوله. ويبرز دور الكذب هنا على عدة مستويات.

لماذا يلجأ الشخص المتسلط إلى الكذب؟

​1. إضفاء الشرعية على تصرفاته: فيقوم المتسلط باختلاق مبررات زائفة لقراراته الجائرة حتى يُظهر نفسه في صورة القائد الحكيم الذي لا يخطئ. كما يعمد إلى لي الحقائق ليقنع الآخرين بأن أفعاله تصب في مصلحتهم، بالرغم من أنها تخدم مصالحه الخاصة.

. خلق صورة مثالية عن الذات: الكذب يساعد المتسلط على تعزيز صورته كفرد قوي أو مثالي، حتى لو كانت الحقيقة عكس ذلك.

يُخفي المتسلط نقاط ضعفه عن طريق الادعاءات الباطلة، ليبقى في موقع السيطرة بلا منافسة.

       3. يسعى هؤلاء الأشخاص إلى السيطرة على الآخرين لضمان حصولهم على ما يريدونه دون معارضة، سواء كان ذلك مالياً أو اجتماعياً أو عاطفياً.

​4. تقويض الثقة بين الآخرين: يعتمد المتسلط على نشر الأكاذيب والشائعات بين أفراد المجتمع أو ضمن بيئة العمل لتقسيمهم وإضعاف وحدتهم، مما يسهل عليه السيطرة عليهم. ولا يتمارى عن ممارسة “النميمة الكاذبة” لتحطيم سمعة أي شخص قد يهدد نفوذه.

​5. تجنب المساءلة: الكذب يصبح ملاذًا يستخدمه المتسلط للهروب من المساءلة أو لتحميل الآخرين مسؤولية إخفاقاته.فإذا واجه تحديات أو اعتراضات على أفعاله، يختلق أعذارًا لتبرير قراراته الخاطئة، ويُبعد التهمة عن نفسه.

الآثار النفسية والاجتماعية لكذب الشخصية المتسلطة:

   • فقدان الثقة في القيادة: عندما يعتاد الناس على كذب المتسلط، يفقدون الثقة في كلامه وأفعاله.

   • نشر الفوضى والإحباط: يؤدي الكذب المستمر إلى انعدام الشفافية، مما يولد شعوراً بالإحباط لدى من يتعاملون معه، سواء في بيئة العمل أو على المستوى الأسري.

   • خلق بيئة مليئة بالخوف والشك: يصبح الخوف من التعبير عن الرأي جزءًا من حياة الأفراد، خشية الانتقام أو التلاعب بهم.

   • تشويه القيم الأخلاقية: الكذب المتكرر من الشخص المتسلط يؤدي إلى تطبيع هذا السلوك في بيئته، مما يضعف القيم الأخلاقية بين من يخضعون لنفوذه.

السبيل إلى مواجهة كذب الشخصية المتسلطة:

​1.​تعزيز الشفافية: نشر ثقافة الصدق والمساءلة في بيئة العمل أو الأسرة للحد من نفوذ المتسلط.

​2.​الوعي بالسلوكيات السامة: من الضروري التعرف على أنماط الكذب التي يستخدمها المتسلطون والوقوف ضدها.

​3.​المطالبة بالمحاسبة: يجب أن يخضع الأشخاص المتسلطون للمساءلة عند كشف أكاذيبهم، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.

​4.​بناء الثقة الجماعية: من خلال تعزيز التضامن بين الأفراد، يمكن مواجهة تأثير الكذب الذي يهدف إلى تفريقهم.

ختاماً ان الكذب ليس مجرد عرض من أعراض الشخصية المتسلطة، بل هو أداة أساسية يستخدمها المتسلط لترسيخ هيمنته والحفاظ على نفوذه. والتعامل مع الشخصيات الكاذبة والمتسلطة يتطلب حذرًا وفهمًا عميقًا لنواياهم وأهدافهم. من خلال التزام الصدق ووضع حدود واضحة، كما إن التصدي لهذا النوع من الكذب يتطلب وعيًا جماعيًا وإرادة حقيقية لتعزيز قيم الصدق والشفافية في جميع مجالات الحياة. فكما أن الكذب يهدم الثقة، فإن الصدق هو أساس أي علاقة صحية ومستدامة