صادق بن محمد سعيد اللواتي يكتب: ظروف المعيشية بعد قرن من الزمان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/يناير/٢٠٢٥ ١٥:٠٤ م
صادق بن محمد سعيد اللواتي يكتب: ظروف المعيشية بعد قرن من الزمان
صادق بن محمد سعيد اللواتي

ما هي أكبر التهديدات والتحديات التي تواجه العالم؟ هل الولايات المتحدة، أم أسرائيل، أم النازيون الجدد، أم القنابل النووية هي أكبر التهديدات والتحديات؟ الإجابة على كل هذا هي لا، ولا شيء من هذا. ربما كانت للحرب النووية آثار إجابية على العالم وشعوبه. على سبيل المثال، من المتوقع أن تقتل الحرب النووية ثلاثة أرباع سكان العالم، وستكون وسيلة إجابية لتخفيف عبء النمو السكاني غير المنضبط. وبطبيعة الحال، لن يقبل جميع شعوب العالم هذا السيناريو.

في رأيي، فإن التهديد الأكبر هو القنبلة السكانية الموقوتة، أو بعبارة أخرى، النمو السكاني السريع في كل دول العالم تقريبًا. خذ عمان والهند كمثالين. قبل عام 1970، كان عدد سكان السلطنة يتراوح بين 600 ألف و700 ألف نسمة. اليوم في بداية عام 2025، أصبح عدد سكان السلطنة 5 ملايين نسمة، وهذا يعني أنه زاد سبع مرات أو أكثر خلال 54 عاماً. كان عدد سكان الهند غير المقسمة في عام 1947م حوالي 390 مليون نسمة، وبعد التقسيم كان هناك 330 مليون نسمة في الهند، 30 مليونًا في غرب باكستان، و30 مليونًا في شرق باكستان (بنغلاديش الآن). واليوم يبلغ عدد سكان الهند 1.450 مليار نسمة، وهو ما يتجاوز عدد سكان الصين. وبالتالي تعد الهند الدولة الأكثر سكانًا في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها سدس سكان العالم.

دعونا الآن ننظر إلى عدد سكان العالم في عام 2024 وما يمكن أن يكون عليه في عام 2037. نقلت مجلة عمان أوبزرفر في 31 ديسمبر 2024 الإحصائيات التالية المتعلقة بعدد سكان العالم:

(بلغ عدد سكان العالم نحو 8.156 مليار نسمة في عام 2024، بزيادة نحو 8 مليون نسمة عن العام الماضي (8.083 مليار نسمة)، حسب تقديرات مؤسسة سكان العالم الألمانية، وتتوقع الأمم المتحدة أن يتجاوز عدد سكان العالم تسعة مليارات نسمة في عام 2037، في حين من المرجح أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة في النصف الثاني من هذا القرن).

ويعني هذا أن عدد سكان العالم يزداد بنحو مليار شخص كل 12.5 سنة، ولكن الرقم 12.5 سينخفض تدريجياً إلى أقل من تلك الفترة. ويبلغ عدد الزيادة في المواليد نحو 22 ألف ولادة يومياً، حسب الإحصائية المجلة.

تخيلوا كيف سيكون وضع الغذاء والاقتصاد العالمي وحالة البطالة بعد 100 عام من الآن؟ في أميركا والغرب يعتقد أنه إذا لم يتم اكتشاف كوكب مشابه للأرض فلن يكون هناك خيار سوى إثارة حرب نووية يتوقع أن تهلك ثلاثة أرباع سكان العالم. لا شك أن خيار الحرب النووية لن يكون مقبولاً لدي أي دولة أو أي فرد في العالم، ولكن وقوعه وارد لدى من يمتلك مثل هذا السلاح. أما عن توزيع سكان الأرض على كوكب مكتشف له نفس بيئة الأرض، فإذا وجد، فما هي الوسيلة لنقل البشر من الأرض إلى هناك؟ لا شك أن هذا المشروع يعتبر فاشلا. فما هو الحل البديل لمكافحة النمو السكاني العالمي؟

لقد حان الوقت للتفكير بجدية والتخطيط السليم لتطبيق إجراءات صارمة لتنظيم النسل في حدود عدد الوفيات، على أن تقوم بها كل دولة على حدة، واستكمال تكنولوجيا سهلة ورخيصة لتحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب وللأغرض زراعية، مما يجعل المزيد من الأراضي متاحة للمنتجات الزراعية من أجل البقاء واستمرار الحياة لبضع مئات من السنين القادمة.

أتوقع أن العديد من البلدان لن يكون لديها خيار سوى تبني سياسات اشتراكية مثل تلك الموجودة في كوبا حيث تسيطر الدولة على كل شيء، حيث يتم توظيف جميع المهنيين والعمال المهرة وغير المهرة في القطاع العام بما في ذلك الحلاقون وسائقو سيارات الأجرة وغيرهم ممن يعملون في مهن مماثلة براتب موثق يغطي نفقات الأسرة، ولا يوجد قطاع خاص في الدولة ويعتبر جميع المواطنين العاطلين عن العمل موظفين يتقاضون رواتب أقل من العمال. مثل هذا الوضع سوف يواجهه سكان الأرض بعد مائة عام، قبلوا ذلك أم لا، لأنهم لن يكون أمامهم خيار آخر إلا إذا حدث تحسن في زراعة المحاصيل الغذائية وزيادة في إنتاج المياه العذبة.