هل من الممكن أن يكون الإكتئاب أشد فتكا بصحة الإنسان من داء السرطان ؟
بنبرة صوت هادئة وبعبارات ملهمة تحدثت المهندسة المصرية أيمان الله إلى محاورها الذي أستضافها بإحدى البرامج التلفازية كفتاة حاربت السرطان ثم أختارت العلاج بالطبيعة لتقضي على الإكتئاب الذي داهمها بعد الشفاء التام من مرض السرطان قائلة:
عندما تكون النفس راضية ومتفائلة فأن الجسد لا يهزمه مرض بمشيئة الله ، قاومتُ مرض السرطان في عمر مبكر بمرحلة الثانوية العامة وشفيت منه بإستصال الغدة الدرقية وأثناء رحلة العلاج الجسدية تفوقت دراسيا وحصلت على درجة 96% في شهادة الثانوية العامة.
ومع غياب الغدة الدرقية بدأت رحلة من نوع أخر رحلة سلامة النفس وليس الجسد فإستصئال الغدة له تداعيات شُخصت لاحقا بأنها أعراض إكتئاب تعيق صباحاتك وتجعلها مثقلة بكلمة (لا) لا أستطيع الذهاب للجامعة لا أستطيع مراجعة الدروس ، لا ولا ، تخطيطي ليومي كان هزيلا وحريصا على إدراج الأفكار السوداوية تلو الآخرى بذهني.
أيمان الله العشرينية ترى من خلال تجربتها أن الإكتئاب أكثر شراسة على الأنسان من مرض السرطان لذا قررت الخروج منه لا بالأدوية ولكن بأن تتعلم كيف تفهم أن تعبر عن مشاعرها وأفكارها وتتواصل مع الطبيعة لقضاء أوقات هادئة تنسجم فيها مع الشجر والزهر وتفضفض بوعي للمقربين إليها بشرط أن ينظروا إليها بمنظور الناجي من سواد الإكتئاب وليس ضحية له.
محاولات المهندسة أيمان الله تذكرني بتجربتي العلاجية الغير مخطط لها مع الطبيعة الخلابة في موطني سلطنة عمان عقب إنتهاء فترة كوفيد19 مباشرة ، كنت أجوب مناطق وولايات السلطنة لتوثيق جمال السلطنة ونقله للسياح المهتمين عبر وسائل التواصل الإجتماعي، كانت هذه هي الغاية ولكنها تحولت إلى هدوء نفسي سرى في ذاتي وإمتلئت مساحاته بداخلي بمقدار عدد الرحلات الأسبوعية التي توجهت فيها لعمق الطبيعة ومواسمها المختلفة ولعلى الأكثر تأثيرا لبلوغ صفاء النفس هي ولاية جزيرة مصيرة بشواطئها البكر وتضاريسها التي لم تطالها المدنية ، ومن حولها جزر أصغر حجما مثل جزيرة مرصيص التي تهبك تجربة العزلة التامة ومشاهدة تعشيش الطيور المهاجرة.
أيمان الله أختارت الشجر والزهر ( البستنة ) كبرنامج علاجي لشفائها من الإكتئاب لأنه يعكس إحساسها بسفر روحها بين الحياة والموت كما هو الحال في دورة حياة النبات وقررت أن تشارك تجربتها مع آخرين يعانون من الإكتئاب ولا يعلمون أو يعلمون و للأسباب أجتماعية تمنعهم من طلب مساعدة الدعم النفسي يكتمون شكواهم ، لكل هؤلاء أسست إنطلاقة جديدة أطلقت عليها أسم سفر الروح تنظم فيها رحلات للعلاج بالبستنة في بلدها مصر.
لما لانعزز فكرة العلاج بالطبيعة للإستشفاء من أعراض الإكتئاب بمؤسساتنا العامة والخاصة فعلاج البستنة الذي أستندت إليه أيمان الله في رحلتها مع المرض أشارت إلى أنه بحث للدكتور محمد نجيب من جامعة القاهرة حيث يقوم هذا العلاج على تقييم الإعاقات الجسدية والنفسية والعقلية وتصميم برامج مخصصة لتعزيز العلاج من خلال التعرض للطبيعة وإعادة التأهيل والاسترخاء، للعودة للحياة واستطاعة التعامل مع روتين الحياة اليومي من جديد، مع إستعادة الشغف لتحقيق المزيد من الناجح والتقدم المهني والأكاديمي.
إن حدث هذا التعزيز في موطني أو موطنها أو بالعالم العربي ككل فأن جمال طبيعة البلدان العربية من المحيط للخليج كفيل بنجاح هذه البرامج الإستشفائية وأن يثمر من الإكتئاب وردا.