من الواضح أن كل حاكم عربي يحكم دولة جمهورية يتصرف وكأنه ورث البلاد التي يحكمها من أبيه ويجب أن يظل في السلطة حتى وفاته فيطبع أوراق النقد ويضع صورته عليها وينصب تماثيل لنفسه في بعض ميادين البلاد.
وتحمل بعض المؤسسات الحكومية اسم الرئيس وهو يعين أخوته وأقاربه المقربين على رأس الجيش، وتذهب أغلب الوزارات إليهم وقد تجرى الانتخابات البرلمانية، وفي كل الأحوال يحصل حزبه على أغلب الأصوات، والبرلمان ورئيس الوزراء ينفذان مشاريع الرئيس ولا يملكان الحرية في إدارة البلاد.
ويورث رئيس الجمهورية السلطة لابنه من بعده، وهذا ما حدث في سوريا وكان يمكن أن يحدث في مصر حيث مهد حسني مبارك الطريق لابنه "جمال" لتولي السلطة من بعده. كذلك في ليبيا حيث مهد القذافي الطريق لابنه "سيف الإسلام" لتولي السلطة من بعده.
وفي العراق مهد صدام الطريق لأبنه "قصي" لتولي السلطة من بعده وفي اليمن مهد علي بن عبد الله صالح الطريق لابنه "أحمد" لتولي السلطة من بعده. وهذا النمط من الحكم يعرف بالنظام الدكتاتوري. ورئيس الجمهورية يتصرف كأنه "أنا ربكم الأعلى".
لا توجد انتخابات لاختيار رئيس الجمهورية، وإذا أقيمت في أي بلد فهناك قوانين صارمة لدخول المنافسة، حيث يجب على المرشح الحصول على عدد من الأصوات في البرلمان قبل قبوله كمنافس، مما يعني أنه لن يكون هناك من ينافس الرئيس الحالي.
وفي العراق لم تجر أي انتخابات رئاسية منذ الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1958 وحتى عام 2004. وهنا أريد من كل رئيس جمهورية في العالم العربي أن يأخذ بعين الاعتبار ما حدث في العراق ومصر وليبيا و تونس واليمن وأخيراً وليس آخراً في سوريا. في البلدان التي تعينون فيها رؤساء بأي شكل من الأشكال، يجب أن تعتبروا أنفسكم وكأنكم موظفين لدى الشعب، وليس ملوكاً عليه، ولا تتصرفوا وكأنكم ورثتم البلاد من أبائكم!
ضعوا في دساتيركم فترتين فقط للحكم، وبعد انتهاء الفترتين يجب أن تسلموا الحكم لشخص آخر لأن بلاد بها أناس قادرون على الحكم. ضعوا أمامكم صورة صدام والقذافي وعلي عبد الله صالح وما حدث لهم، وكيف تم طرد حبيب بورقيبة وحسني مبارك وزين العابدين علي وبشار الأسد من قصورهم المنيعة.
أحد أسباب تخلف العرب هو طريقة حكم الجمهوريات العربية. يزعم الحكام أن البلاد جمهورية ديمقراطية، فهل يمكن أن تكون البلاد ديمقراطية ويحكمها الرئيس لعقود من الزمن حتى وفاته؟