دعوة المملكة العربية السعودية للقمة العربية –الإسلامية ، هي دعوة للتفاؤل بين خيوط الظلام التي تمتد وتُخيم على الوضع في غزة ولبنان وتنذر بعواقب كارثية على المنطقة بعد أن مر أكثر من عام على الحرب بدون تقدم نحو السلام الذي ينشده أو يحلم به العرب والمسلمون ، وما تكبدته شعوب ودول المنطقة من خسائر بشرية واقتصادية سوف تؤثر على مسيرة التنمية لسنوات قادمة ، وصعوبة جذب الاستثمارات واستقرار الأسواق المالية، في ظل غموض الوضع الاقتصادي .
لأن الأزمات الجيوسياسية تسهم في زيادة التضخم وزيادة تكلفة تمويل البضائع وتآكل القوة الشرائية للأفراد، وزيادة الأسعار، ً للسلع الاستراتيجية كالقمح والطاقة، خاصة في الدول المجاورة لمنطقة النزاع .
كما تأثرت الإيرادات السياحية، في مصر ولبنان والأردن وهي من مصادر العملة الصعبة، كما امتدت التوترات لتشمل مناطق أخرى مثل اليمن وسوريا وإيران، ما جعل المنطقة فوق صفيح ساخن، الأمر الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد العربي بشكل عام بعد أن تحول معظمه إلى اقتصاد حرب حتى بدون إعلان ذلك صراحة.
كما مر عام أيضا على المؤتمر العربي - الإسلامي المشترك الذي استضافته السعودية أيضا في شهر نوفمبر من العام الماضي لبحث العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية التي تصول وتجول فيها إسرائيل بحرية تامة لأنها تعلم عجز العرب والمسلمين عن محاربتها عسكريا وأنها تحت الحماية الأمريكية الصريحة والمعلنة من خلال القواعد العسكرية وحاملات الطائرات وقطع الأسطول المنتشرة في البحرين الأحمر والأبيض .
ولكن الدعوة الجديدة الآن لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي ليس على الأراضي الفلسطينية فقط بل وعلى الجمهورية اللبنانية أيضا
والآن فما هي الخيارات المتاحة أمام القمة إذا استبعدنا قرار التدخل العسكري ، بعد أن فشلت كل الأسلحة الضخمة والفتاكة التي وجهها العرب والمسلمون طوال العام الماضي ، التي تنوعت من بين الشجب والاستنكار والإدانة حتى بأشد العبارات في كل الساحات والمحافل والمؤتمرات والاجتماعات والمناسبات واللقاءات الدولية مرورا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي شارك أيضا في توجيه هذه الأسلحة من ماركة الشجب والاستنكار بعد أن طال السلاح الإسرائيلي قوات اليونيفيل التي تعمل بتفويض من الأمم المتحدة ،وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» والتي حظرها قرار الكنيست الإسرائيلي مؤخرا ،وقد ركّزت كلماتُ معظم القادة المتحدّثين في القمة العربية الإسلامية في العام الماضي على ضرورة الوقف الفوريّ لإطلاق النار، وإدخال المساعدات لسكّان قطاع غزة، ورفض فكرة التّهجير نحو جنوب القطاع أو مصرَ- كما كانت تدعو حكومة الاحتلال والتّأكيد على حقوق الشعب الفلسطينيّ، ومنها إقامة دولته المستقلّة ،
وعلى الرغم من مشاركة معظم الدول المؤثّرة على مستوى الرؤساء، ما أضافَ قوة من جمْع القمتَين في قمة واحدة، ما أدى إلى رفعِ سقف التوقّعات والتأثير العملي على أرض العمليات في غزة ـ خاصة أن مخرجات القمّة ركزت على العبارات الجوفاء المغلفة بالصيغ الخطابيّة الرنانة التي يتردد صداها داخل قاعات الاجتماعات فقط، وتحولت إلى فقاعات ودخان في الهواء بعد أن تحدت إسرائيل وبمساندة أمريكا ودول الغرب أصحاب القمتين العربية والإسلامية .
ومع ذلك جاء البيان الختامي هزيلا ،بعد أن تمخض المؤتمر وولد فأرا من خلال التأكيد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة، وهو مجرد كلام هلامي لا يقدم ولا يؤخر في مواجهة الصلف والتعنت الإسرائيلي المدعوم كليا وبلا شروط أو قيود من الجانب الأمريكي ـ وإن كان ذلك جاء متوافقا أو معبرا عن الإرادة العربية -الإسلامية المشتركة.
لنجد التجسيد العملي لحالة الوهن العربي و الإسلامي ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام بأننا أمة كغثاء السيل سوف تتكالب عليها الأمم برغم كثرتها
ولذلك وخوفا من الفشل فإن الأمل الآن في القمة المشتركة القادمة في أن تكون أكثر واقعية ووعيا بأنه لا يجدي مناشدة إسرائيل أو الحديث معها حول السلام ووقف إطلاق النار وإقامة الدولتين بدون الضغط العربي والإسلامي القوي والمباشر على الولايات الأمريكية اقتصاديا ، وتهديد مصالحها الحيوية في المنطقة باعتبار أن ذلك هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة ، قبل أن تلتهم إسرائيل الأراضي الفلسطينية بالكامل وتقضي على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته ، تمهيدا لتحقيق الحلم الإسرائيلي المعلن من النيل إلى الفرات ، وفرض خريطة الشرق الأوسط الجديد.
وأنه مع استمرار التصعيد وزيادة التوترات التي تنتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية سوف تشهد المنطقة تداعيات خطيرة من جراء الحرب الدائرة في غزة ولبنان ، والتي لم تقتصر آثارها على الجوانب الإنسانية أو تكاليف إعادة الإعمار في غزة التي تمثل ضرورة عاجلة تتطلب جهودًا دولية ضخمة ، كما ليس من المستبعد أن تطلب الإدارة الأمريكية الجديدة تعويضات عربية لإسرائيل في مقابل وقف إطلاق النار أو تعويض لأمريكا نظير ما قدمته من دعم لإسرائيل خلال الحرب في غزة.