بيركس تكتل اقتصادي عالمي جديد تأسس في عام 2006، من 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي روسيا والهند والصين و البرازيل وجنوب أفريقيا. وكلمة "بيركس" (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار تضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول
أصبحت مجموعة بيركس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظرا لأرقام النمو المتصاعدة ،بعد أن حققت دول هذا التكتل أعلى نمو مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام الكثير من الدول ، التي ترغب في الانضمام إليها
فهل ينجح هذا التكتل الجديد في مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية الأقدم منها والأكبر لأن هذا هو التحدي ؟
وقد أعلن الرؤساء الذين أسسوا هذا التكتل الاقتصادي العالمي أنه من شأنه أن يكسر هيمنة الغرب وينهي نظام القطب الأوحد الذي تتزعمه أميركا، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية، وكذلك مناقشة الكيفية التي يمكن بها أعضاء بيركس أن تتعاون فيما بينها على نحو أفضل في المستقبل، حيث توقع الخبراء أن هذه الدول ستهيمن مجتمعة على الاقتصاد العالمي بحلول عام ، 2050 بعد أن تقر عملتها الموحدة الجديدة في مواجهة الدولار،
بعد أن وصلت مساهمة مجموعة بيركس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع الكبرى عند 30.7%.،بالإضافة إلى أن بيركس تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين دول المجموعة ، ولا شك أنها إذا نجحت في ذلك ، فإنها سوف تخلق نظاما اقتصاديا عالميا ثنائي القطبية، قادر على كسر هيمنة الغرب بزعامة أميركا خلال العقود القادمة ،
ومن هنا فإن اجتماعات قمة بيركس في روسيا التي اتجهت إليها أنظار العالم ، ربما تلعب دورا أساسيا لبداية حقبة جديدة في مواجهة هيمنة الدولار على كل المعاملات التجارية في العالم ، حيث توجد مقترحات روسية لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة "BRICS".. وإنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي والحبوب والذهب ، خاصة أن القمة جاءت وسط مناخ سياسي واقتصادي عالمي غاية في التعقيد ، و تسعى روسيا لحماية اقتصادها من العقوبات القاسية المفروضة عليها، لذلك اقترحت بناء شبكة من البنوك التجارية يمكنها إجراء المعاملات بالعملات المحلية للدول الأعضاء ضمن التحالف، بالإضافة إلى إنشاء روابط مباشرة بين البنوك، بما يساعد على التخلص من هيمنة الدولار، إما من خلال إصدار عملة موحدة لدول التجمع، يمكن الاعتماد عليها في حركة التجارة أو الاعتماد على العملات المحلية للدول الأعضاء، حيث يُؤيد البعض الأخذ بالنظام متعدد العملات الذي يحمي المشاركين فيه عن أي ضغوط خارجية مثل العقوبات العابرة للحدود التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية على روسيا،
إلى جانب استخدام نموذج التسوية بتكنولوجيا السجلات الموزعة للقضاء على مخاطر الائتمان المرتبطة بالنظام المصرفي التقليدي، ويمكن لتكنولوجيا السجلات الموزعة أيضاً تقليل أوقات المعالجة والتكاليف، بحيث يخلو من الكيانات الوسيطة وعدم الامتثال لبعض القوانين، ما سيوفر لدول "بيركس" ما يصل إلى 15 مليار دولار سنوياً إذا استخدمت نصف إجمالي هذه المعاملات عبر الحدود ، وإن كانت هذه المقترحات الروسية لا تفيد الكثير من الدول الأعضاء ، التي لم تتعرض أو تواجه آثار العقوبات الواقعة على روسيا ،ولذلك واجهت القمة بعض التحديات في رغبة بعض الأعضاء في عدم رفض التعامل بالدولار ،وإنما تسعى لإتمام التبادل التجاري بالعملات المحلية في بعض الأحيان لذلك تحتاج المجموعة للتوافق حتى تتمكن من اتخاذ خطوات جادة نحو وجود عملة موحدة لدول بيركس، بالإضافة إلى تباين وجهات النظر حول الحيادية على الساحة السياسية، أو تحوّل المجموعة إلى مجموعة اقتصادية - سياسية تواجه هيمنة الغرب، بعد النجاح في تأسيس بنك جديد للتنمية الذي تأسس عام 2015 برأسمال قدره 50 مليار دولار، بهدف توفر تمويلاً أسرع من البنك الدولي ، ودون فرض شروط صارمة، وقد استثمر بنك التنمية حتى الآن 33 مليار دولار في 96 مشروعاً داخل بلدان المجموعة، ولكن يحتاج البنك إلى أن يتوسع في التمويلات أسوة بالبنك الدولي وصندوق النقد حتى يحمي الأعضاء من قيود هذه المؤسسات الدولية التي يغلب على أهدافها المصالح السياسية لدول الغرب، ومن هنا نأمل من مجموعة بيركس عدم الخوض في الصراعات الجيوسياسية حتى تنفذ خططها التنموية للرقي بشعوبها ، إلا إذا ما فُرض عليها ذلك للدفاع عن مصالح أعضائها ، الأمر الذي يحتم عليها أن تصبح ندا قويا للتكتلات الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية، وأن تعزز دورها كقوة إقليمية مؤثرة.