الشبيبة - عباس الزدجالي
عندما غطس ناصر سالم محمد الفارسي - كعادته - للاستمتاع بالحيد الصخري الواقع على بعد حوالي ٤ كيلومترات شرقي جزيرة مصيرة لم يخطر بباله إطلاقا أنه قد يصادف واحدة من أندر الأسماك في السلطنة وغربي المحيط الهندي .
- صورة للغواص ناصر سالم محمد الفارسي اثناء ممارسته لهواية الغوص في مياه جزيرة مصيرة
فقد استحوذت السمكة المرقطة الساكنة التي يشاهدها للمرة الأولى وهي تحتمي بالصخور على اهتمامه وأثارت رغبته في معرفة نوعها فقام بالإمساك بها ونقلها إلى القارب من على عمق ناهز الثلاثين مترا حيث قام بتصويرها على عجل قبل أن يعيدها للبحر مرة اخرى دون أن يلحق بها أي أذى .
وبعيد نشر صورتها بحثا عن أية معلومات تفيده من زملائه الغواصين في مجموعتهم الخاصة بالواتساب عرضها أحد الأصدقاء في مجموعة للصيادين أشارك فيها فجذبت انتباهي على الفور وأثارت في نفسي الفضول المعتاد في البحث والتقصي .
وقد اتضح لي أن هذه السمكة الجميلة نادرة للغاية بالفعل وتم تسجيلها من مياه جمهورية الموزمبيق حيث استمدت اسمها العلمي (Spottobrotula mossambica) أي «ثعبان البحر الموزمبيقي المرقط» بعد توثيقها علميا من عينة وحيدة اصطيدت في مياه مضيق الموزمبيق عام ١٩٧٨م من على عمق ٤٥ مترا بواسطة مركب الأبحاث نيكولاي ريشتنياك .
وطبعا هي ليست من فصيلة ثعابين البحر الفرعية (Hydrophiinae) المعروفة كما يوحي اسمها ولكن من فصيلة فرعية هي (Neobythitinae) من عائلة (Ophidiidae) التي تضم نوعين آخرين ، (Spottobrotula persica) و (Spottobrotula mahodadi) .
ويجدر بالذكر أن مركز العلوم البحرية والسمكية في السلطنة أعلن في اكتوبر من عام ٢٠٢٢م عن توثيقه - لأول مرة - لسمكة (Spottobrotula persica) وتعني سمكة «ثعبان البحر الفارسية المرقطة» في مياه قرية كمزار الساحلية بمحافظة مسندم بعد اصطيادها بالخيط من على عمق ١١٦ مترا.
أما «ثعبان البحر الموزمبيقي المرقط» فقد جاء وصفه للمرة الأولى في ورقة علمية نشرت في مجلة «أبحاث الأحياء البحرية» الدنماركية (Marine Biology Research) العدد الثاني لعام ٢٠١٥م بعنوان (Review” of the Indo-West Pacific ophidiid genera Sirembo and Spottobrotula (Ophidiiformes, Ophidiidae), with description of three new species) من خلال عينات جمتعها سفينة البحث والتطوير البحري «المستقلة - 1» النيوزيلندية ضمن مشروع المسح البحري للموارد السمكية في بحر العرب عامي ٢٠٠٧ و ٢٠٠٨م لصالح وزارة الثروة الزراعية والسمكية.
يستوطن «ثعبان البحر الموزمبيقي المرقط» القيعان القريبة من الحيود الصخرية على أعماق تترواح ما بين ٢٢ - ٨٢ مترا عادة ويبلغ أقصى طول للذكور منها حوالي ٣٠ سنتيمترا ويتغذى عادة أثناء الليل على اللافقاريات والقشريات والأسماك الصغيرة الأخرى التي تعيش في القاع .
ويتميز عن أقرانه بشريط أسود عريض يمتد من العين إلى خلف الزعنفة الصدرية وعدة بقع فاتحة على الظهر وعلى الرأس والجسم وزعانف حوضية مدمجة أسفل نهاية الفك العلوي وزعنفة ظهرية بها ٣ عيون وبشريط أسود على الزعنفة الشرجية يترك هامشًا رقيقًا غير مصبوغ .
وبعد مرور ٤٦ عاما من توثيقه للمرة الأولى يتمكن الغواص ناصر سالم محمد الفارسي من اكتشافه وتصويره مجددا فيما تعتبر أول صورة له وهو حي يزهو بألوانه الرائعة قبل أن يعيده لبيئته في الحيد الصخري شرقي مصيرة