مسقط - العُمانية
استعرض ملتقى الدقم الخامس الذي نظمه فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الوسطى، بالشراكة مع وزارة الخارجية والهيئة العامة للمناطق الاقتصاديّة الخاصة والمناطق الحرة بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض أهم الفرص الاستثمارية المتاحة بالاقتصاد الأزرق وقطاعات الأمن الغذائي واللوجستي والسياحي والطاقة المتجدّدة في سلطنة عمان بشكل عام ومحافظة الوسطى بشكل خاص.
رعى افتتاح الملتقى صاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد مساعد الأمين العام لمجلس الوزراء للمؤتمرات.
وأشار سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية إلى أن سلطنة عمان بما لها من تاريخ عريق مرتبط بالبحر وموقع استراتيجي على البحار المفتوحة أتاح لها التواصل وإقامة علاقات تجارية وثقافية مع الكثير من الدول والشعوب في العالم عبر العصور المختلفة، وهو ما تقوم الحكومة باستثماره وتعزيزه عبر بناء موانئ حديثة وشبكة طرق سريعة تقدم خدمات لوجستية متميزة في مجال توزيع ونقل الحاويات في المنطقة ما يؤهلها لتكون حلقة ربط رئيسية في شبكة النقل العالمية.
وقال سعادته في كلمته إن إقامة مثل هذه الندوات تتيح الفرصة لتبادل الخبرات العالمية والاستفادة من الأبحاث والتطورات الجديدة واستكشاف مزيد من الفرص في مجال الاستثمار والسياحة والسلامة البيئية والملاحية في البحار والمحيطات، وسلطنة عمان لديها الكثير من المقومات والموارد المتعلقة بالاقتصاد الأزرق والتي تشكل فرصًا واعدة للاستثمارات الأجنبية، والعلاقات العمانية المتميزة مع معظم دول العالم والتي تتسم بالنماء والتطور والاحترام المتبادل بجانب الاستقرار السياسي والمالي تشكل بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، موضحًا أن وزارة الخارجية ومن خلال تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية تشكل حلقة وصل بين الجهات المعنية والدول أو الكيانات والأفراد الراغبين في الاسثتمار في سلطنة عمان".
وأوضح سعادته أن سلطنة عمان ممثلة بوزارة الخارجية سوف تستضيف النسخة الثامنة من مؤتمر المحيط الهندي، في مسقط في فبراير 2025م، بهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير الحلول المبتكرة التي تسهم في استدامة واستقرار منطقة المحيط الهندي.
من جانبه أوضح سعادة الشيخ أحمد بن مسلم الكثيري محافظ الوسطى أن المحافظة تعد من المراكز الوطنية الاقتصادية الهامة وشريكًا فاعلًا في تنفيذ مستهدفات رؤية عمان 2040، لما تزخر به من مقومات متنوعة و موارد غنية متعددة ، يأتي في مقدمتها قطاع النفط والغاز و هو القطاع الأبرز من حيث القيمة الاستثمارية والأثر الاقتصادي على مستوى سلطنة عمان والفرص الاستثمارية المتاحة في هذا القطاع، كما أن المحافظة تواصل تطوير ورفع مستوى كفاءة المشاريع التنموية لدعم المقومات الاقتصادية وتعزيز الرفاه الاجتماعي من خلال تطوير البنية الأساسية ومستوى الخدمات العامة بقيمة 7.5 مليون ريال، وزيادة فاعلية المشاريع الترفيهية ودعم الأنشطة السياحية بقيمة تصل إلى 13 مليون ريال عماني، وتشكل المحافظة مركزًا إقليميًّا مهمًّا لقطاع اللوجستيات البحرية بولاية الدقم التي تتميز بموقعها الاستراتيجي الواسع الأفق نحو الموانئ العالمية، والمناطق الصناعية المتكاملة التي تمثل ركيزة أساسية لدعم تحقيق أولويات رؤية السلطنة الهادفة إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وايجاد فرص عمل مستدامة.
وقال سعادته في كلمته إن إجمالي الاستثمارات القائمة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بلغ أكثر من 6 مليار ريال عماني مسجلة في الربع الثالث من عام 2024 و كذلك مشروع مصفاة الدقم، حيث أصبحت من أهم المصافي على مستوى المنطقة وتقدر بكلفة مالية أكثر من 8 مليار دولار وبطاقة إنتاجية تبلغ 230 ألف برميل يوميًّا، أما في مجال الطاقة المتجددة، تحتوي المحافظة على 5 مشاريع من أصل 8 مشاريع وطنية مطروحة على مستوى سلطنة عمان بقيمة استثمارية بلغت 49 مليار دولار في مشاريع الهيدروجين الأخضر ومجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمشاريع المتعلقة بها مما يجعل سلطنة عمان ضمن المنافسة الدولية.
وأضاف سعادته أن المحافظة تعمل على مشاريع ذات الأثر العالي في مجال الكربون الأزرق لتوفر الأراضي الرطبة، من خلال إنشاء بحيرات صناعية ملائمة لزراعة أشجار القرم جاءت من أجل تحقيق عوائد بيئية واقتصادية من خلال استثمار رأس مال يقدر بـ 100 مليون دولار لاستصلاح أراضٍ على مساحة 20 ألف هكتار تستوعب أكثر من 100 مليون من أشجار القرم، بالإضافة إلى مشاريع الثروة السمكية والأنشطة المتعلقة بها حيث يشكل هذا القطاع نسبة 37 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي مما يشكل ثروة وطنية استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل.
وأشار سعادته إلى أن المشاريع القائمة لهذا القطاع بإجمالي استثمارات بلغت 611.5 مليون ريال عماني، ومن أهم هذه المشاريع ذات الأثر العالي مشروع الجازر لاستزراع الروبيان بقيمة استثمارية 462 مليون ريال عماني وبقدرة إنتاجية تصل إلى 220 ألف طن سنويًّا، ومشاريع الصناعات السمكية والغذائية والتي بلغت كلفتها 105 مليون ريال عماني، ومشاريع موانئ الصيد البحرية بولايات الدقم ومحوت والجازر بإجمالي تكلفة بلغت 102 مليون ريال عماني، بالإضافة إلى مشاريع تطوير الأسواق السمكية وقرى الصيادين بولايتي الدقم والجازر بتكلفة بلغت 4 ملايين ريال عماني.
من جانبه أشار المكرم الدكتور سالم بن سليم الجنيبي رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة الوسطى والمشرف العام للملتقى إلى أن الملتقى يمد جسور التعاون الاقتصادي بين الشركاء ويجمع الخبراء لرسم مسارات النماء والتطور ليحقق جزءًا من مستهدفات رؤية عمان 2040.
وبين في كلمته إن ما تملكه سلطنة عمان من شريط ساحلي وبنى أساسية بقطاع الموانئ والشحن البحري وما تستشرفه من نمو في قطاع الطاقة البديلة يجعل منها أحد أبرز المؤثرين في خطط الاقتصاد الأزرق ويؤهلها بأن تشكل مركز استقطاب لرؤوس الأموال في مشاريعه المختلفة، لذا جاءت النسخة الخامسة لهذا الملتقى لترسم بعض المسارات التي يمكن من خلالها وضع خارطة عامة واستراتيجية واضحة للاقتصاد الأزرق ليكون وجهة جديدة للاستثمار بسلطنة عمان.
وتطرق صالح بن حمود الحسني مستشار رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة إلى السياسات والخطط الاستثمارية التي تعمل عليها الهيئة لتطوير الاقتصاد الأزرق، حيث تؤدي الهيئة دورًا مهمًا في تطوير الاقتصاد الأزرق من خلال مجموعة من السياسات والمبادرات أهمها تشجيع الاستثمارات المستدامة وتوفير حوافز للمستثمرين في مشاريع الاقتصاد الأزرق، مثل (تربية الأحياء البحرية، والطاقة المتجددة، وإدارة الموارد المائية)، وتحفيز الابتكار وإنشاء مراكز بحث وتطوير لدعم الابتكارات في التكنولوجيا البحرية، مثل (نظم مراقبة الجودة وتطوير تقنيات صيد مستدامة)، إضافة إلى توفير البنية الأساسية وتحسين الموانئ والمرافق اللوجستية لدعم أنشطة النقل والتجارة المتعلقة بالاقتصاد الأزرق، وتطوير السياسات البيئية وضع معايير بيئية صارمة للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري وتقليل التلوث.
وأوضح أن دور الهيئة في نمو الاقتصاد الأزرق يأتي من خلال تسهيل الاستثمار، حيث تقدم هذه المناطق حوافز مثل الإعفاءات الضريبية والرسوم المخفضة، مما يشجع المستثمرين على ضخ الأموال في مشاريع مرتبطة بالاقتصاد الأزرق، مثل الصيد المستدام، وتربية الأحياء البحرية، والسياحة البحرية، وتطوير البنية الأساسية والتي تساعد المناطق الاقتصادية الخاصة في تحسين البنية الأساسية اللازمة للنشاطات البحرية، منوهًا إلى أن الهيئة تقوم بتشجيع الابتكار من خلال توفير بيئة مرنة، وتشجع هذه المناطق الشركات على الابتكار في مجالات مثل التكنولوجيا البحرية والتقنيات النظيفة، مما يعزز من استدامة الموارد المائية، كما تعمل على دعم التعليم والتدريب، حيث تساهم في إنشاء برامج تدريب وتعليم تركز على المهارات المرتبطة بالصناعات البحرية، مما يساهم في تحسين الكفاءة وتعزيز الوظائف في هذا القطاع.
وتناولت أولى جلسات الملتقى محور ركائز واستراتيجيات الاستثمار في الاقتصاد الأزرق، وناقشت الجلسة الثانية فرص الاستثمار في قطاعات الأمن الغذائي، اللوجستي، السياحي، والطاقة المتجددة، مما يبرز الأهمية المتزايدة لهذه القطاعات في دعم التنمية الاقتصادية.
وتطرقت الجلسة الثالثة إلى محور التقنيات والتجارب العالمية المعززة للاستثمارات في الاقتصاد الأزرق، وقدم بالملتقى خبراء دوليون رؤى حول الابتكارات والتجارب الناجحة في هذا المجال، سلطت الضوء على الفرص المتاحة وتأكيد دور الاقتصاد الأزرق كمحرك رئيسي للنمو والتنمية في سلطنة عمان.
يذكر أن ملتقى الدقم الاقتصادي الخامس يعكس التزام سلطنة عمان بتعزيز بيئة الاستثمار وتطوير الاقتصاد الأزرق، حيث يجمع بين القطاعين العام والخاص لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل الاستثمار في هذا المجال. إن هذا الحدث يمثل منصة فريدة لرواد الأعمال والمستثمرين لاكتشاف الفرص المتاحة وبناء شراكات استراتيجية تسهم في تحقيق النمو المستدام، ومن المتوقع أن يحقق الملتقى نتائج إيجابية تدعم الجهود الوطنية نحو تحقيق رؤية عمان 2040، مما يجعل من الاقتصاد الأزرق أحد العوامل الحيويّة في مسيرة التنمية الاقتصاديّة لسلطنة عُمان .