صلالة - العُمانية
تُعد حرفة صناعة البخور إحدى الموروثات العمانية الشهيرة التي تلاقي رواجا وطلبا متزايدا من الزوار والسياح خلال موسم الخريف في محافظة ظفار .
وعبر الأجيال تناقلت النساء خبرات متعددة في ولايات المحافظة في صناعة البخور ونوع المواد العطرية المستخدمة ومقاديرها وكذلك أسرار المكونات الخاصة التي تميز كل منتج في السوق عن المنتجات الأخرى وتكسب كل علبة من البخور الظفاري رائحة مميزة ، خاصة حسب المناسبة التي يستخدم فيها إضافةً إلى الاستخدام اليومي حيث تفوح الروائح الزكية من البيوت العمانية طوال اليوم .
أمل بنت علي صالح رائدة أعمال دخلت عالم صناعة البخور الظفاري محملة بأفكار مبتكرة لتطوير المنتجات العطرية التقليدية و إضافة لمستها الخاصة على منتجاتها من هذه الصناعة التي تقول إنها تكن شغفا لهذه الصناعة بحكم النشأة وسط عالم العطور والبخور الأخاذ قبل أن تتخذها مهنة وتقدم على إطلاق مشروعها لصناعة البخور لها عام 2013 بعد أن اجتازت عدة دورات تدريبية متخصصة في هذا المجال .
أمل تقول إن صناعة البخور "تحتاج خبرة وإبداع ومعرفة واسعة بأنواع العود والمواد العطرية و المواد الأصلية" ؛ بسبب وجود غش في هذا المجال ، مشيرة إلى أن البخور ينقسم إلى عدة أنواع منها (الدَّقة والمبثوث والمشحم والعود المعطر والعود المسقى ) وغيرها من الأنواع والمسميات المنتشرة في السوق ولكل صانع مميزاته الخاصة في صناعة البخور.
وأضافت : تتم صناعة البخور من خلال تصفية العود بالورد العماني أو الطائفي الأصلي والعطورات الثقيلة كي يتشرب لفترة طويلة لا تقل عن /6/ أشهر وبعدها يكون جاهزا للبيع، مشيرة إلى أن كل نوع من أنواع العود تختلف رائحته مع اختلاف جودته ؛ أما صناعة البخور المبثوث فتتمُّ عن طريق استخدام مادة اسمها "السحالة" وهي عبارة عن أعواد العود المطحونة بطريقة متوسطة ما بين الناعم والخشن الذي يتم شراؤها من محلات معروفة بكميات كبيرة وبعدها يتم تسقية السحالة بعطورات مركزة ويضاف لها الورد مع الهيل المطحون ومسك و حافور وبعض المكونات الخاصة ، حيث يتم مزجها إلى أن تصبح خليطا متماسكا ،بعد ذلك يتم تخزينه في علب زجاجية في مكان بارد ومظلم لفترة لا تقل عن /3/ أشهر وبعدها يتم عرض البخور في المحل الذي يشهد حركة شرائية نشطة خلال موسم الخريف، مقدرة أنّ أسعار البخور تتراوح بين 10 و 150 ريالا عمانيا حسب الأنواع والأذواق .
وحول التحديات التي تواجهها هي وغيرها من رائدات الأعمال في هذه الصناعة، أشارت إلى أن جلب المواد الأصلية المستخدمة في البخور من مصادر موثوقة وحرصنا على ذلك يُعد من أهم التحديات التي نواجهها ، وليس ذلك حفاظا على تقاليد الصناعة وحسب ولكن تجنبا للأضرار الصحية التي قد يسببها استخدام مواد مغشوشة ، مستطردة أنها بعد البحث والتقصي تمكنت من التعرف على العديد من منتجي المواد الخام الموثوقين من داخل سلطنة عمان وخارجها .
و أكدت أن هذا المجال تكثر فيه المنافسة التي انتشرت في السنوات الأخيرة في ولاية صلالة من قبل المحلات التي لا تمتلك خبرة ومعرفة بصناعة البخور، و بتقديم منتجات تم تجهيزها عن طريق تقليد ما يعرض على شبكة "الإنترنت واليوتيوب" دون تميز أو إبداع حقيقي وبما قد يؤثر على سمعة هذه الصناعة العمانية العريقة .. ولكننا دائما ما نتغلب على تلك التحديات من خلال الأفكار الجديدة في تنويع أنواع البخور بشكل دائم مع العطور وطريقة عرضها والحفاظ على الطريقة التقليدية في تركيب المواد العطرية وتزايد الوعي لدى الزبائن خاصة من خارج محافظة ظفار الذين يحرصون على شراء المنتجات الجيدة اعتمادا على خبرتهم وتجاربهم الشخصية والثقة في سمعة المحلات العارضة لهذه المنتجات .
وفيما يتعلق بالدعم الذي يتلقاه المشتغلون بهذه الحرفة ، أكدت أن العديد من الجهات الحكومية ومنها بلدية ظفار و إدارة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المحافظة لها دور فاعل في دعم مشاريع الشباب الراغبين في ممارسة المهنة من خلال تنظيم عملية الدخول في هذه التجارة ، وكذلك تنظيم المعارض وتشجيعنا على عرض منتجاتنا في منصات خاصة خلال موسم الخريف .
وقدمت رائدة الأعمال أمل بنت علي صالح مجموعة من النصائح إلى الشباب المقبلين على افتتاح مشاريع خاصة، أهمها التخطيط المسبق وعدم التردد أو التراجع أمام التحديات والعقبات التي قد تواجههم، مؤكدة أن الشباب يستطيعون الاستفادة من منصّات التواصل الاجتماعي في تسويق المنتجات؛ لأنّ هناك أفكاراً كثيرة للمشاريع الاقتصادية، كما أنّهم يستطيعون الحصول على دوراتٍ تدريبية في أي مجال يفضلونه .
وأشارت إلى أنها تسعى للوصول إلى المزيد من الأسواق خارج سلطنة عمان وإطلاق علامة تجارية عالمية مرموقة في صناعة العطور والبخور ومنتجاتها لاسيما بعد أن صار لديها عدد كبير من الزبائن الدائمين عبر محافظات سلطنة عمان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال التسويق في منصّات التواصل الاجتماعي .