السمنة في الخليج

مزاج الاثنين ١٦/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص
السمنة في الخليج

لميس ضيف

أظهر مؤشر أمن الغذاء العالمي وجود 6 دول عربية بين الدول «العشر الأعلى سمنة في العالم» فقد احتلت سوريا -الدول التي تمزقها الحرب منذ 5 سنوات – في المرتبة التاسعة، وتفوقت عليها الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المرتبة الخامسة. وجاءت الأردن في المرتبة الرابعة إذ بلغت نسبة السمنة 34.3%من السكان بفارق بسيط عن جمهورية مصر التي بلغت نسبة السمنة فيها 35%في المرتبة الثانية جاءت السعودية أما المرتبة الأولى فكانت من نصيب الكويت التي يعاني 42.2%من سكانها من السمنة!

يُفسر لكم ذلك وجود ملايين المتابعين «الأوفياء» لحسابات الطبخ والحلويات في الخليج، فوسائل التواصل الاجتماعي التي قولبت المجتمع وكشفت عن ذائقته أيضاً تريك بجلاء كيف يستنكف الناس عن متابعة الحسابات الأدبية والثقافية -المحدودة أصلاً- وكيف يتقاطرون لمتابعة حسابات المطاعم والطبخ والموضة!

قطع كبير من المشكلة وليد الفراغ الذي تعيشه تلك مجتمعاتنا، ففي دول عدة تُوصد أبواب العمل والاستقلالية بوجه المرأة فتُقفل أبواب المنزل عليها؛ فأنى لها أن تفرغ طاقتها إلا بالطبخ والأكل والتحليق بخيالها مع المسلسلات والفن وأهله!
في دول أخرى تسبب البطالة المقنعة في وجود شريحة كبيرة من «الموظفين» غير «العاملين». فهو/‏هي رسمياً موظفون منطوون في وزارة أو شركة ولكنهم بلا مهام جدية لذا فهمهم منصب طوال اليوم في التفكير بالتسلية!
والتسلية في مجتمعاتنا مشكلة في حد ذاتها، فهي مرادف «للأكل»!
ففي دول لا نشاط مسرحي فيها ولا معارض ولا متاحف ولا متنفس حقيقي للهويات أين يذهب الناس؟ وعلام يجتمعون وكيف يملؤون أوقاتهم؟
بالاجتماع في المطاعم والمقاهي التي أصبحت التجارة الأكثر رواجا في وقتنا هذا.. لا عجب إذن أن «زاحمنا» دول العالم الشراهة وأبنتها الشرعية «السمنة». علماً بأن مشكلة السمنة لا تتمحور حول المظهر الذي يقلق الناس بل تكمن في أنها تحول البدين لخزانة أمراض تكلف خزينة الدول أكثر مما يكلفها التدخين لذا عمدت دول كالولايات المتحدة الأمريكية، التي اشتهرت بمطعمها الفقير بالفيتامينات والغني بالدهون، والتي تراجعت من المرتبة الأولى في السنوات الفائتة للمرتبة التاسعة. لرفع مستوى الوعي لدى الناس من خلال البرامج التلفزيونية وتوجيههم لنمط حياة صحي.
فالأكل الطيب متعة ونعمة نعم.. ولكنها لا تضاهي نعمة الصحة التي لا يشعر بثمنها.. إلا من يفقدها.