الفرنسي برونو دومون يصنع الدهشة في فيلم «ما لوت»

مزاج الاثنين ١٦/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٤ ص
الفرنسي برونو دومون يصنع الدهشة في فيلم «ما لوت»

كان –
حكاية تبدو بسيطة وتقليدية ويمكن حدوثها في أي مكان وزمان يلعبها المخرج الفرنسي برونو دومون معتمداً على سيناريو اصلي قام بكتابته عن حكاية تجري أحداثها في العام 1910 في مطلع القرن العشرين بكاليية بشمال فرنسا حيث يتم اختفاء عدد من الشخصيات في ظروف غامضة لتبدأ بعدها عملية البحث والتقصي.

هكذا هو المحور الأساسي لفيلم «مالوت» وهو اسم صبي ينتمي إلى أسرة فقيرة الحال تعيش على جمع الأصداف والقواقع البحرية وبيعها وهو يعيش مع والده القاسي ووالدته الأقسى وأخوته الصغار الثلاثة. والذين نكتشف انهم وراء اختفاء تلك الشخصيات من أجل اكل لحمها.
مع بداية موسم الصيف تصل أسرة أحد الأثرياء الذي يمتلك فيلا فخمة صممت على الهندسة الفروعونية وتضم أسرة الزوج أندرية « فابريس لوكيني» - أحد أهم نجوم المسرح والسينما الفرنسية – وزوجته ايزابيل و»فاليريا بروني تاديشي» وبناتهم بالإضافة إلى ابنه شقيقته رالف «بيللي» وتلتحق بهم لاحقاً شقيقته اود «جولييت بينوش».
في البداية يختفي احدهما ثم واحد آخر وثالث ليجد المحقق الضخم الجثة نفسه في حيرة بفك رموز الحكاية وأسرارها في الوقت الذي يذهب الفيلم ومن قبله برونو دومون في توجيه شحنة من النقد والسخرية على ممارسات الطبقة البرجوازية عبر طريقة حديثها واكلها وشربها وأزياءها وتقاليدها اليومية الحياتية.
مجموعة من الحكايات على خلفية جرائم اختفاء عدد من الشخصيات، والجاني يعرفه المشاهد والذي يتمحور حول «مالوت» وأسرته الذين نشاهدهم وهم يتلذذون في التهام لحم الإنسان بل أن هناك مشهد يلتهم خلالها الأطفال أصابع احدهم وكانهم يأكلون مقبلات !
وتتصاعد الأحداث خصوصاً حينماً تنشأ علاقة بين مالوت والصبية بيلي وهي علاقة تبدو منذ اللحظة الأولى مرفوضة من قبل العائلتين. لأن عائلتها البرجوازية تريدها لنسب اكبر بينما تراها عائلة الصبي مالوت مجرد وجبة خصوصاً وأن لحمها لايزال طرياً.
وفي الوقت الذي تتطور به العلاقة نرى كما من الحكايات التي يظل المحقق يطاردها بالذات تلك التي تتعلق في اختفاء عدد آخر من الشخصيات وسط أجواء المنطقة الساحرة بجمالها وتضاريسها الجغرافية وكم من الشخصيات الثرية بتفاصيلها وانتماءها الطبقي خصوصاً وأن المنطقة تعيش بين الأثرياء الذين يزورونها صيفاً الفقراء الذين يرزحون تحت خطوط الفقر مما أوصل عائلة مالوت إلى استباحة اكل لحم البشر.
وسط تصاعد الأحداث يقرر «مالوت» التراجع عن تقاليد أسرته، حيث يقوم بإعادة بيلي وأمها وعمها إلى منطقة قريبة من منزلهم وكأنه يحاول التكفير عن أخطائه ومؤكداً بأن الحب قادر على التغيير، حتى وإن ظل يواجه الجوع الحاجة والفقر.
فيلم يدهشنا في مقدرته على مسك وجذب المشاهد حتى ونحن أمام حكاية مفتوحة الرموز يعرفها المشاهد ولكننا نظل نشعر بالمتعة العالية عبر أداء فابريس لوكنتي وجولييت بينوش وأيضاً أجيال الفيلم من النجوم الشباب الذين ادهشونا بحضورهم.
وأيضاً تلك اللغة السينمائية الثرية بالمشهديات الخاصة بالبحر والشاطئ والتقاليد والوجوه والظروف والفوارق الطبقية وغيرها من الأحداثيات التي تحول الفيلم إلى عمل سينمائي كبير قريب جداً من جمهور السينما وعلى ذات المستوى النقاد.