40% حصة الادوية العمانية "البديلة" في السوق المحلية

مؤشر الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢٣:١١ م
40% حصة الادوية العمانية "البديلة" في السوق المحلية

مسقط- فريد قمر

خلال سنوات خطت السلطنة خطوات كبيرة في تأمين الأمن الصحي من خلال تطوير صناعة الأدوية في السلطنة مما يساهم في توفير الأدوية المكافئة (أو الجنيسة) التي تغطي معظم الحالات المرضيّة، بحيث تتيح للمرضى الحصول على أدوية شبيهة بالأدوية الأصليّة وبجودة ممتازة وبأسعار في متناول الجميع. مما يساهم في تخفيض التكلفة الاستشفائية على الأفراد والحكومة على السواء، ما فتح أمام الدواء العماني الأبواب إلى الاسواق المجاورة والمساهمة في رفد الاقتصاد الوطني وتنويعه.

ويقول رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للصناعات الدوائية غازي الزبيدي إن قطاع صناعة الأدوية يضطّلع بدورٍ حيوي ضمن المنظومة الاقتصادية الكليّة للبلاد من حيث توفير منتجات دوائية محليّة الصنع تتميّز بجودة عالية وكلفة منخفضة تستطيع تحمّلها كافة شرائح المجتمع. وكذلك قامت المصانع العمانية بتطوير المزيد من الأدوية مما ساهم في تخفيف الأعباء الناتجة عن شراء الأدوية التجاريّة عالية الكلفة. ومن هذا المنطلق، و"باعتبارنا الشركة الأولى في القطاع الدوائيّ في السلطنة فنحن نلعب دوراً غير مباشر في خفض الإنفاق ولو بنسب قليلة، وخصوصاً بالنسبة لذوي الدخل المحدود من أصحاب الحالات المرضيّة التي تتطلب تناول العلاج لفترات طويلة ربما تكون مرهقة من الناحية الاقتصادية في حال عدم وجود البديلّ المحليّ الفعّال والمتوفر دائماً وبأسعار معقولة".

مواصفات عالمية
لكن يبقى السؤال الذي دائماً ما يقلق المستهلك/ المريض، وهي نوعية الدواء العمانية مقارنة مع الأدوية الأصلية، لكن الزبيدي يقطع الشك باليقين، فيوضح أن الشركة تلتزم بأعلى معايير الجودة المعتمدة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وتقوم بشكل دائم بدراسات التوافر الحيوي علي منتجاتها في مراكز معتمده في الأردن والتي تثبت ان الدواء المصنع لديها مشابه تماما للدواء الأصلي من حيث الجوده والفاعلية، وتقوم الشركة بتسليم هذه الدراسات الى وزارة الصحة لاعتمادها خلال مراحل التسجيل مما يمكنها من توفير دواء ذي جوده عالية ولكن بسعر منافس حسب السعر الذي تعتمده وزاره الصحة، لاسيما أن عمل الشركة يتلخص في تصنيع الأدوية المكافئة (أو الجنيسة) التي تغطي معظم الحالات المرضيّة، بحيث تتيح للمرضى الحصول على أدوية شبيهة بالأدوية الأصليّة من حيث جميع الخصائص، كالتركيبة الكيميائيّة والمواد الفعّالة والجرعة والقوّة وطريقة التعاطي، وبأسعار أرخص من الدواء الذي يأتي من الخارج.
وأن تكون الأدوية متجانسة لا يعني بالضرورة أن تكون الأدوية المكافئة نسخة مطابقة للمنتج الأصلي تماماً، بل يكفي أن يكون المنتجان متكافئين صيدلانياً، إذ من الممكن وجود الاختلافات الكيميائية التي لا تؤثر على تركيبة الدواء والمواد الفعّالة فيه.
لذلك، يمثّل الدواء المصنع في السلطنة بديلاً نوعيّاً عن البضائع المستوردة، واستطاع فعلياُ أن ينال ثقة الناس والأمر في تطور مستمر، ويشير الزبيدي إلى أن حصة الدواء العماني من سوق الأدوية في السلطنة تقريبا 40% في الوقت الحالي بالنسبة للأدوية الجنيسة. ويؤكد أن الشركة الوطنية للصناعات الدوائية حققت إنجازاً منقطع النظير في هذا المجال، حيث تستحوذ على ثلث حصة السوق المحليّة من الأدوية المكافئة. "ونحن نكثف جهودنا للاستحواذ على حصة أكبر في المستقبل القريب، وذلك من خلال توسيع مصنعنا بواقع 25% خلال هذا العام.حيث نورّد للسوق المحلية منتجاتٍ بقيمة تزيد عن 4 ملايين ريال عُمانيّ للقطاعين الحكوميّ والخاص، الأمر الذي من شأنه تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج وضمان استفادة السلطنة من التقنيات المستحدثة في هذا المجال".

رفد الاقتصاد الوطني

وعلى صعيد المساهمة المباشرة للقطاع في رفد الاقتصاد الوطنيّ، فأكد الزبيدي تطابق رؤية الشركات العمانية المصنعة للأدوية مع الرؤية الصحية 2050 والتي تتبناها وزارة الصحة. "وكان لنا مقترحٌ بالتعاون مع الوزارة حول توفير نسبة كبيرة من الأدوية اللازمة في الأسواق عبر تصنيعها محلياً وفق معايير عالمية لرفد القطاع الصحي بمنتجات ذات جودة عالية وقيمة مضافة". مؤكداً أنّ هذه الأهداف الطموحة ستؤدي إلى دخول تقنيات حديثة إلى البلاد ودفع عجلة التنمية وتوفير العديد من الفرص الاستثماريّة والوظيفيّة للكوادر الوطنيّة. ومن اللافت في هذه الأيام أنّ مختلف القطاعات الاقتصادية تترابط فيما بينها بشكلٍ وثيق، الأمر الذي من شأنه أن يخلق توازناً وانسجاماً وأثاراً إيجابية لتطور كلّ قطاع على غيره من القطاعات.

ميزة تنافسية

وقال الزبيدي إنّ وجود مصنّعٍ محليّ للمواد والمستحضرات الدوائيّة يعدّ ميزة تنافسيّة في أي بلد من البلدان. ومن هنا فإنّ الدور الاساسي الذي تؤديه هذه الصناعة يكمن في تعزيز عمل القطاع الصحيّ من خلال توفير منتجات عالية الجودة في الأسواق المحليّة، مؤكداً أن الشركة باتت تصدر 60% من منتجاتها إلى الأسواق الخارجيّة والمساهمة في زيادة عائدات السلطنة. فضلاً عن تنويع خطوط الإنتاج مع وصول عدد المنتجات إلى أكثر من 130 منتجاً تغطي معظم الأشكال الصيدلانيّة المسجلة.
وعلى صعيد تطوير الكوادر الوطنيّة للمساهمة في دفع عجلة النمو والتطور في البلاد، يقول الزبيدي "إنّنا نحرص على توفير دوراتٍ تدريبيّة متخصصة للطلاب العُمانيين بالتعاون مع مختلف المؤسسات التعليميّة كجامعة السلطان قابوس، وكلية عُمان الطبيّة، وكلية الصيدلة في نزوى، وجامعة صحار، والكلية التقنيّة العليا، وذلك بهدف رفد قطاعنا بالكفاءات المستقبليّة التي ستتولى قيادته نحو آفاقٍ جديدة من النجاح والازدهار". وهذا أمر حيوي جداً للوصول إلى الأمن الصحي الوطني بالاتكال على الطاقات الوطنية.

قدرات إنتاجية
وتشمل خطوط إنتاج الشركة الوطنية للصناعات الدوائية عدة اشكال صيدلانيّة كالحبوب بواقع 700 مليون قرص سنوياً، والكبسولات، بواقع 400 مليون كبسولة سنوياً، والشراب والمحاليل بواقع 11 مليون عبوة سنوياً، والأكياس الصغيرة بواقع 60 مليون كيس سنوياً. وتتضمن محفظة منتجاتها أكثر من 130 منتجاً تغطي معظم الأشكال الصيدلانيّة المسجلة في السلطنة وتشمل علاجات أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، وارتفاع الدهون، والمضادات الحيوية، ومضادات الحساسية، وأمراض الجهاز الهضمي، والمسكنات وخافضات الحرارة، ومضادات الالتهابات، ومضادات الاكتئاب، وغيرها. والشركة على وشك طرح 20 دواء جديداً في الأسواق بعد الانتهاء من إختبارها واعتمادها من الجهات المعنيّة.
وهذه الأرقام تعد واعدة جداً لقطاع الأدوية في السلطنة، لاسيما أن الشركة تأسست في العام 2001، وباشرت أعمالها في عام 2002 كأول شركة لتصنيع الأدوية في عُمان. واستطاعت منذ انطلقها أن تتسجل في جميع دول مجلس التعاون الخليجيّ، والعراق، والمملكة الأردنيّة الهاشميّة، واليمن، وليبيا، وكينيا. وهي بصدد توسيع أنشطتها التسويقيّة في عددٍ من الدول الأخرى في قارة إفريقيا.

عقبات كثيرة
تتشابه العقبات والتحدّيات التي يواجهها القطاع الدوائيّ مع معظم دول العالم، "إذ تكمن معظمها في إجراء الأبحاث المستفيضة والمكلفة جداً لإيجاد الصيغ العلاجية المناسبة للمشاكل الصحية والأمراض التي تختلف مسبباتها ، بالإضافة إلى البقاء على إطلاع دائم حول آخر المستجدات والتقنيات العلمية ذات الصلة بالحقل الطبيّ. كما لا نستطيع إغفال صعوبة التعامل مع المتطلبات التنظيمية المتغيّرة دائماً لتسجيل وإعتماد المنتجات الطبيّة حول العالم ومن هذا المنطلق، فإنّ لدينا رؤية واضحة وإستراتيجيّة هادفة للتعامل مع كلّ ما يواجهنا من صعاب، بحيث يتمّ دراستها ونقاشها من قبل موظفينا وخبرائنا المختصين من أجل وضع الحلول المناسبة لها. كما أنّ لدينا مختبرات عصريّة ومجهزة بأحدث التقنيات وإدارة مختصة للبحث والتطوير بهدف إجراء الأبحاث والدراسات الخاصة لإيجاد الصيغ الدوائيّة الملائمة لعلاج مختلف الأمراض".
ومن الصعوبات أيضاً بعض المعلومات الخاطئة التي يتداولها البعض اعتماداً على معلومات غير دقيقة، بسبب التفسير الخاطئ لبعض القرارات، و"على سبيل المثال صدرت أنباءٌ صحفية قبل فترة قصيرة عن المديرية العامة للصيدلة والرقابة الدوائية التابعة لوزارة الصحة العُمانية مفادها أنّه قد تمّ سحب أقراص أومافين من السوق وذلك لوجود قطعٍ من مادة الألمنيوم فيها. لكن ما لم يكن واضحاً أن ما حصل هو العثور على جزء من التغليف الخارجي للمنتج في التجويف الخاص بالأقراص وليس في الأقراص نفسها، وقد كان ذلك في عدد محدود من الحالات. وفي إطار التزامنا المتواصل بتحقيق أعلى معايير السلامة والجودة، فقد قمنا باسترجاع دفعات محدودة من الدواء من السوق وبالتنسيق مع وزارة الصحة. لكن الكثيرين تناولوا الموضوع من دون التدقيق في تفاصيله".
ولذلك، يضيف الزبيدي:"أعود وأؤكد تقيّدنا الدائم بالمعايير الدولية المتبعة في تصنيع منتجاتنا التي يتمّ تسويقها في أكثر من اثنتي عشرة دولة حول العالم. كما أنّنا نقوم بتطبيق أنظمة دقيقة وصارمة للتحقق من جودة المنتجات وإمتثالها لكافة متطلبات أحكام ممارسات التصنيع الجيد (cGMP)، فضلاً عن القيام بالمراجعات الدورية للمواد المستخدمة وأنظمة التصنيع والمراقبة. وأخيراً، فإنّنا نؤكد على أن كافة معداتنا ومرافقنا ومنتجاتنا وإجراءاتنا والتي تشمل عمليات التنظيف تخضع لعمليات مراجعة وتدقيق منتظمة من جانب الهيئات التنظيمية المختصة لضمان إمتثالنا بكافة أحكام ممارسات التصنيع الجيد".