قرية زكريا .. روايات من التاريخ الشفوي عن نكبة 48

الحدث الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢٢:٥٦ م

القدس المحتلة - زكي خليل
سلط الباحث المختص في شؤون اللاجئين صلاح عبد ربه الضوء على قرية زكريا التي هجر اهلها في العام 1948 الضوء من خلال بحث مستفيض عنها معتمدا على التاريخ الشفوي وعلى الرواة من ابناء القرية بشهادات مكتوبة له.
تقع قرية زكريا التي أقيم عليها الآن مستوطنة (زخاريا ) شمال غرب الخليل، جنوب الخط الحديد بين القدس والرملة، خلال فترات العهود المتعاقبة على فلسطين كانت تابعة للقدس، والرملة، وسقطت عام 1948 و هي تابعة لمحافظة الخليل، وتاريخها يعود للعصر الكنعاني شأنها شأن الاغلبية العظمى من القرى الفلسطينية، وارتبطت معركة اجنادين بين الروم والمسلمين بالقرية التي وقعت الى جوارها واضحى الموقع يعرف باسم "الجنابتين وهي خربتان تابعتان لزكريا، و بالقرب من (جنابا) الفوقا يقع مقام (الصالحي) وهو المكان الذي دفن به الصحابة الذين استشهدوا في (أجنادين) التي انتصر فيها الفاتحون الجدد يوم 30/7/634م.
ويؤكد عبد ربة ما هو معروف، من أن زكريا كانت من أوائل القرى الفلسطينية التي ظهر فيها التعليم، وانتقل التعليم من الكتاتيب إلى المدرسة الابتدائية في العشرينات من القرن الماضي، وفي أواخر العشرينات كانت ابتدائية كاملة و مختلطة.
ومن الأمور التي يفخر بها أهالي زكريا المشتتين الآن أن القرى المجاورة كانت تحضر إلى زكريا لكتابة الرسائل أو فكها أو تحرير عقود الزواج أو حجج البيع و الشراء، أو التعاويذ الدينية، وما زال الناس يتندرون حتى الآن على استخدام أهالي زكريا المبالغ به للغة الفصحى، و لاستخدامهم لحرف الكاف بالفصحى، وليس بالعامية الفلسطينية المعروفة.
وينقل عبد ربة عن أحد الرواة، أن أهل زكريا كانوا مغرمين باقتناء الكتب مثل تفاسير القرآن، وكتب الطبري وابن مالك، والبخاري، على سبيل المثال، وكانوا يتابعون في الثلاثينيات والأربعينيات مجلتي (الرسالة) و (الثقافة) المصريتين، وهو أمر ربما كان مفاجئا لأهالي قرية فلسطينية صغيرة لا ترى على الخارطة .
ومن خلال العديد من الروايات فان القرية امتازت بأن وضع النساء فيها كان وضعا مميزا في كيفية التعامل معهن حيث كانت (البنت) في زكريا تتعلم مع (الولد) في نفس المدرسة، وكانت تقوم المرأة بأعمال الأرض جنبا إلى جنب مع الرجل.، لكن المرأة كانت (خادمة للرجل، و لكن الوضع تغير بعد اللجوء) كما تقول الراوية -هنية أحمد يونس-.
وكان الأهالي يسمعون أخبار حرب عام 1948 عن طريق الراديو الموجود لدى مختار القرية، وقبل التشريد بقليل أصبح هناك راديو آخر لدى (أحمد يونس العيسة)، وكان من يريد أن يسمع الأخبار يذهب إلى حيث يضع المختار الراديو في الطابق الثاني من بيته على الشباك المشرف على الجامع، وعادة ما يتم فتح الراديو للناس بعد انتهاء الصلاة.
وأيضا كان الأهالي يتابعون الأخبار عن طريق المجاهدين الذين يذهبون و يعودون أو يمرون من القرية، أو عن طريق الصحف مثل (الجامعة الإسلامية) و(الدفاع). حيث من كان يأتي من يافا أو من الخليل مثلا يحضر معه الجرائد.
وكثير من الرواة لم يكونوا يتوقعون أن تؤدي الحرب إلى نكبة، وأنهم كانوا يتوقعون أن (يفزع) العرب و يوقفون اليهود عند حدهم..!
وبعد سقوط مدينتي الرملة واللد في تموز عام 1948 تهددت زكريا مثل عشرات القرى التي تقع في المناطق الجنوبية من فلسطين، و بعد قيام "إسرائيل". تعرضت زكريا للقصف المدفعي المباشر في منتصف تشرين أول من نفس العام.و لكن لم يحل ذلك بداية من تمسك الأهالي بقريتهم وعدم لجوئهم منها. و استمرت الحياة في القرية وكان مقاتلون من القرية يقاتلون ضد العصابات الصهيونية في مناطق أخرى ساخنة، وجمعت تبرعات من الأهالي وتم شراء بنادق للدفاع عن القرية. ولكن حسب بعض الرواة أن أخبار استشهاد مقاتلين من القرية في مواقع أخرى بدأ يؤثر على الوضع داخل القرية حتى دخول الصهاينة للقرية.