الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ 68 لـ "النكبة" وسط تأهب أمني إسرائيلي

الحدث الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢٢:٥٦ م

القدس المحتلة – نظير طه
صادف يوم أمس الأحد الموافق الذكرى السنوية الـ 68 للنكبة الفلسطينية التي شكّلت عملية تحوّل مأساوي في خط سير حياة الشعب الفلسطيني بعد سلب أرضه ومقدراته وممتلكاته وثرواته، وما تعرّض له من عمليات قتل ممنهج وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وتأتي ذكرى النكبة هذا العام، وسط تأكيدات شعبية على التمسّك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجّروا منها قبل نحو سبعة عقود من الزمن، في ظل دعوات لإحياء الذكرى بالنفير العام في وجه المحتل في كافة مناطق التماس داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو عن ثمانمائة ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كانوا يشكلون آنذاك حوالي نصف الشعب الفلسطيني ليتجاوز عددهم الآن قرابة الخمسة ملايين لاجئ، يعيش معظمهم في مخيمات الشتات في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المضيفة لهم (الأردن، لبنان، سورية والعراق).
وبلغ عدد المُهجّرين الفلسطينيين منذ 1948 حتى عام 2000 حوالي خمسة ملايين فلسطيني، إضافة إلى مليون من الضفة والقطاع محرومين من حق العودة إلى أراضيهم، حيث تمثل قضية اللاجئين أقدم وأطول مأساة إنسانية للاجئين في العصر الحديث.
كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من خمسمائة قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.
وأُنشئت دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية التي قامت العصابات الصهيونية بتدميرها وقتل أهلها وتهجير من تبقى منهم بقوة السلاح، منذ صدور مشروع التقسيم لفلسطين يوم 29 نوفمبر 1947 وحتى احتلال الضفة الغربية في يونيو 1967.
وبلغ عدد القرى المهجّرة 530 مدينة وقرية استولت العصابات الصهيونية على أراضيها التي تبلغ مساحتها حوالي 18,6 مليون دونم، كما اقترفت تلك العصابات ما يزيد على 35 مجزرة لكي يتحقق لهم الاستيلاء على فلسطين.
وبينت الملفات الإسرائيلية التي تم الكشف عنها خلال السنوات الأخيرة، أن 89 في المائة من القرى قد هُجرت بسبب عمل عسكري وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، وأن 10 في المائة بسبب الحرب النفسية "نظرية التخويف وإثارة الرعب"، حيث لجأ الفلسطينيون آنذاك إلى أماكن أكثر أمناً بعيداً عن قراهم وبلداتهم، ظناً منهم بأن هذا الوضع مؤقت وسينقضي سريعاً قبل عودتهم مجدداً إلى منازلهم التي غادروها بكل ما فيها.
وتشتت الفلسطينيون في أعقاب النكبة وأُقيمت مخيمات للاجئين في بلدان ودول عربية عدة، وتولى الأهالي في الداخل الفلسطيني، والهيئات الخيرية المضيفة للاجئين خارج فلسطين، الإشراف على تلك التجمعات أو المخيمات، وتقديم الخدمات الأساسية والإنسانية من ألبسة وأغطية وخيام إبان النكبة حتى تأسيس وكالة الغوث الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وقد اعترفت الأمم المتحدة بمسؤوليتها عن اللاجئين الفلسطينيين، وكان هذا القرار مدخلاً لقرار تشكيل وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى في مايو 1950، أو ما تعرف بـ "أونروا".
ومازال اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في الداخل والشتات، وبعد مرور 68 عاما على نكبتهم وتهجيرهم من الأرض، يذكرون آثار الفاجعة، غير أن قوة الشوق والحنين للعودة باتت تهدم كل جدران النسيان، فيعتزم من بقي من أولئك الذين عايشوا النكبة بالذات ومن تبعهم من الأجيال المتعاقبة العودة إلى الأرض واستعادة حقوقهم.
وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا الخامس عشر من مايو عام 1948 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية؛ إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.
وقد رفعت أجهزة الأمن الإسرائيلية حالة التأهب في صفوف قواتها استعدادا لاحتمال قمع مظاهرات ونشاطات في ذكرى نكبة فلسطين. وتتوقع سلطات الاحتلال الإسرائيلي حدوث مواجهات مع متظاهرين فلسطينيين في مواقع الاحتكاك الدائمة، عند حاجز قلنديا العسكري شمال القدس المحتلة، وحاجز حوار جنوب نابلس وعند حاجز 300 بشمال بيت لحم ومخيم عايدة للاجئين، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وستنظم مظاهرات ومهرجانات لإحياء ذكرى النكبة في المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبحسب الصحيفة فإن الشرطة الإسرائيلية تستعد لاحتمال حدوث مواجهات في الجليل والمثلث.
وتحل ذكرى النكبة هذا العام في ظل الهبة الشعبية الفلسطينية، والمواجهات المتكررة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وعند الشريط الحدودي الأمني المحيط بقطاع غزة.
ودعت حركتا حماس والجهاد الإسلامي "كل الشباب الفلسطيني في الضفة والقدس وقطاع غزة إلى الانخراط في فعاليات إحياء ذكرى النكبة وتفعيل الانتفاضة".
وقالت الحركتان في بيان صحفي مشترك، إنهما "تحييان الدعوات لتفعيل الانتفاضة في الضفة المحتلة وعلى حدود قطاع غزة التي أطلقها شبان فلسطينيون في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني وذلك اليوم الأحد".
وكان الفلسطينيون في الداخل أحيوا ذكرى النكبة يوم الخميس الفائت، في موازاة احتفال الاحتلال بما يعتبره "استقلال إسرائيل"، تحت شعار "يوم استقلالكم هو يوم نكبتنا"، ومن خلال مسيرة العودة التي جرت هذا العام في قرية وادي زبالة المهجرة في النقب وبمشاركة الآلاف.