الانترنت .. ساحة الحرب الاكثر شراسة بين داعش وواشنطن

الحدث الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٢١:٤٢ م
الانترنت .. ساحة الحرب الاكثر شراسة بين داعش وواشنطن

وكالات - ش

منذ بدء الهجوم على العراق نشطت عدة حسابات على موقع تويتر تدعي أنها تمثل "داعش" في العراق وسوريا، وتنقل مباشرة آخر تطورات عمليات التنظيم، بالإضافة إلى نشر صور عن تحركاته. وأطلق مسلحو داعش حملة على وسائل التواصل الاجتماعي. وينشر التنظيم، خاصة على موقع تويتر، صورا وبيانات لإبراز قوته العسكرية وتقدمه الميداني في العراق.

وبجانب الهاشتاغات يصدر التنظيم مقاطع فيديو ترويجية محترفة يتبع تنظيم داعش خطة منظمة وينتقي المواد التي يقوم بنشرها. ويختار التنظيم صورا قد يكون لها وقع قوي، يفترض أن يولد شعورا بالخوف لدى أعدائها، وأن يحصل على إعجاب مجموعات متطرفة أخرى. وعلى عكس غيره من التنظيمات ، مثل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، لا يهتم داعش كثيرا بصورته لدى العامة. ونادرا ما ينشر صورا لأعماله الخيرية أو الخدمات التي يوفرها في المدن التي يسيطر عليها.

واستفاد داعش من تجربة تنظيم القاعدة الذي حافظ على نشاط شبكاته على شبكة الإنترنت منذ عقدين، ليطور تقنيات تواصل أكثر تنسيقا دفعت دولا أوروبية إلى التعبير عن قلقها البالغ من أن تتحول الشبكة العنكبوتية إلى ساحة معركة رئيسية في الحرب على الإرهاب. والتقى مسؤولو حكومات أوروبية في اللوكسمبورغ منتصف شهر سبتمبر 2014 لمناقشة سبل التصدي للتطرف على الإنترنت. وأعرب مسؤولون أوروبيون عن قلقهم من أن التجربة التي راكمها عدد كبير من قياديي داعش الذين نشطوا سابقا في خلايا القاعدة قد يتم استثمارها في تطوير الترسانة الرقمية لتنظيم الدولة الإسلامية.

درس الخبير في قضايا الإرهاب الرقمي جيف باردين أنشطة مجموعات جهادية على مختلف مواقع ومنتديات التواصل الاجتماعي طيلة السنوات الثمان الماضية، وخلص إلى أن داعش يجند شهريا أكثر من 3400 عنصر عبر حملات الكترونية غاية في التنسيق. هؤلاء المجندون حسب باردين هم مقاتلون قادرون على القيام بأي أنشطة مسلحة دون أن تتمكن دول غربية من تتبع تحركاتهم لانشغالها بإعداد خطط ميدانية قد تمهد لهجوم بري محتمل.

انطلاقا من نحاح التنظيم في استخدام تكنولوجيا الاتصالات للترويج لنفسه وتجنيد عناصر جديدة داعمة كثفت الادارة الاميركية وعمالقة الانترنت الجهود لصد دعاية داعش على الشبكة ومواقع التواصل، لكن لا يزال من الصعب تقييم النتائج. منذ بداياته يستخدم تنظيم داعش الانترنت لتجنيد مقاتلين حشدت الادارة الاميركية دعم الشركات الكبرى لمواقع التواصل على غرار تويتر او فيسبوك، التي ضاعفت اغلاق حسابات يستخدمها المتطرفون . هذا الاسبوع صرح المدير السابق لمجلة تايم ونائب وزير الخارجية للشان العام ريتشارد ستينغل في مؤتمر "اعلن تويتر انه اغلق حوالى 200 الف حساب. لكنه في الواقع اغلق عددا اكبر بكثير". تابع ستينغل في المؤتمر بعنوان "كسر صورة تنظيم الدولة الاسلامية" ان موقع "يوتيوب محا ملايين تسجيلات الفيديو. وخصص موقع فيسبوك مئات الموظفين للعمل على مدار الساعة لازالة المضمون المسيء".

ولم تعد الادارة الاميركية وخصوصا مركز مكافحة الدعاية في الخارجية، تسعى الى اصدار رسائل تحمل بصمة الحكومة الاميركية، بل تريد "اعلاء اصوات معتدلة ذات مصداقية في اوساط المجتمع المدني" بحسب كبيرة مستشاري اوباما للامن القومي ليزا موناكو. كما تلجا القيادة المركزية للقوات الاميركية في الشرق الاوسط (سنتكوم) الى خدمات عسكريين من القوات الخاصة ومتعاقدين من خارج السلك لتنفيذ "برنامج متماسك من التحركات على الانترنت"، بحسب البنتاغون.

وصرح المتحدث باسم البنتاغون الميجور ادريان رانكين غالاواي لوكالة فرانس برس "الهدف هو توجيه معلومات صحيحة الى الجمهور المحلي لاحباط اكاذيب وخدع تنظيم الدولة الاسلامية".
اعتبر ستينغل ان تلك الجهود ناجعة، وقال "اصبحت الرسائل المعارضة لتنظيم داعش اكثر بخمسة اضعاف من تلك المؤيدة له" مشيرا الى تدني حجم الدعاية لصالح التنظيم المتشدد على الانترنت بنسبة 40%.
غير ان الخبراء منقسمين بهذا الشأن. "مما لا شك فيه ان انصار تنظيم داعش على تويتر وغيره يواجهون ضغوطا كبرى وان نشاطهم اقل بكثير من العام الفائت او حتى مطلع العام الجاري" بحسب احد كاتبي تقرير بارز عن نشاط التنظيم الجهادي على تويتر. اضاف ان انصار التنظيم "تراجع عدد متابعيهم وقل عدد تغريداتهم".

لكنهم في الواقع "ما زالوا قادرين على نشر دعايتهم في اوساط نواة متشددة من الموالين تشهد تقلصا، لكنهم يواجهون مزيدا من الصعوبات في نشرها على نطاق واسع وايصالها الى مجندين محتملين"، بحسبه. كما لفت خبير شؤون الجهاديين في مركز بروكينغز للبحوث ويل ماكانتس الى ان ضغوط شبكات التواصل الكبرى اتت بثمارها بحيث "حول انصار تنظيم داعش اهتمامهم الى منصات اصغر، على غرار تطبيق تيليغرام، لنشر دعايتهم". لكنهم "يحاولون الحفاظ على وجودهم على المنصات الكبرى لانها المورد الفعلي للمجندين الجدد".

غير ان بعض الخبراء اقل تفاؤلا بكثير على غرار ريتا كاتز مديرة شركة "سايت" الاميركية التي باتت مرجعا في مراقبة مواقع الجهاديين على الانترنت. فهي تعرب عن الغضب المتواصل ازاء الذين يؤكدون استشفاف تباطؤ لنشاط المتطرفين على الانترنت. وقالت ان "منشورات تنظيم داعش على الانترنت ازدادت الى الضعفين على الاقل منذ العام الفائت" مذكرة باطلاق منشورات "القسطنطينية" بالتركية و"المنبع" بالروسية او اسبوعية "النبع" الاخبارية". اضافت ان "العثور على هذه المنشورات على تويتر وفيسبوك وتيليغرام وتامبلر، الخ شديد السهولة". لذلك تعتبر كاتز المحاولات لمعرفة ان كان التجنيد والاحاديث المتبادلة "انتقلت الى تيليغرام جهودا مهدورة". فبرايها ان انشطة التجنيد التي يبذلها الإرهابيون واحاديثهم "لم تتراجع على الاطلاق" مؤكدة ان "هؤلاء الاشخاص ما زالوا حاضرين على الانترنت وما زالوا يجندون".

كذلك ابدى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) جيمس كومي الحذر ازاء قدرات التجنيد والدعاية التي يملكها المتطرفون في الولايات المتحدة. قال "تراجع عدد الساعين الى مغادرة" الولايات المتحدة للانضمام الى الجهاديين في الشرق الاوسط. لكن "قدرة تنظيم داعش على تحفيز واثارة حماسة النفوس المضطربة ما زالت قائمة في الولايات المتحدة" بحسبه. واضاف "لدينا اكثر من الف حالة نحاول فيها تقييم" موقع الفرد على مسار التشدد من مجرد "استهلاك" المضمون المتوافر على الانترنت الى "الانتقال الى الفعل.