البريمي - العُمانية
تتميز الحياة الاجتماعية في سلطنة عُمان بوجود العديد من العادات والتقاليد الحميدة التي ما زالت تُشَكِّلُ أهمَّ ملامح الحياة الاجتماعية في كل بُقعة منها، سواءً كان ذلك في القرية أو المدينة أو السهل والجبل أو البادية وغيرها.
ويتجسد في شهر رمضان عدد من العادات التي ما زالت تحتفظ بطابعها ومكانتها وأهميتها في نفوس أبناء المجتمع، بل يحرصون على التمسك بها واستدامتها من خلال غرسها في نفوس الأبناء، إذ يأتي من ضمنها عادة الإفطار الجماعي.
وتتميز العادة هذه بابتعادها عن الطابع الرسمي، إذ يغلب عليها طابع البساطة في تفاصيلها المختلفة، واهتمامها بالقيم السامية التي أوصى بها الدين الإسلامي، والتي تتمثل في المحبة والإخاء، والتعاضد، والتكاتف، والتسامح وغيرها من القيم التي كان المجتمع العُماني، وما يزال متمسكًا بها، ويعتبرها جزءًا أصيلًا في الشخصية العُمانية.
وقال الدكتور غانم بن علي الحساني -تربوي بتعليمية البريمي- إنَّ عادة الإفطار الجماعي من العادات الحميدة في المجتمع العُماني، بل إنَّها تُعد بمثابة المؤتمر الاجتماعي السنوي، وهو فرصة مميزة لأبناء المجتمع لتبادل الزيارات، وتوطيد أواصر المحبة والقربى بين أبناء المجتمع في أجواء رمضانية تتميز بطابعها الخاص الباعث للفرح والطمأنينة، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على نفسية الإنسان المسلم، فتراه مبادرًا للخير في مختلف الجوانب.
وأضاف أنَّه مع التغيّرات التي شهدتها ملامح الحياة المتمثلة في دخول تقنيات الاتصال الحديثة وما صاحبها من وجود العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، فقد باتت الحاجة مهمة لوجود مثل هذه اللقاءات المباشرة بين الأهل والأصدقاء، للتناقش والتحاور في مختلف الجوانب، وزيادة الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.
وأوضح علي بن سعيد الكندي -مصوِّر- أنَّ عادة الإفطار الجماعي ساهمت في تقريب المسافات بين الأصدقاء الذين حالت مشاغل الحياة دون لقائهم بصورة مستمرة، إذ تجد أنَّ الكثير منهم يحرصون في شهر رمضان المبارك على أن يسجّل حضوره في مائدة الإفطار الجماعي.
وبيَّن أنَّ هذا اللقاء يُعد فرصة مميزة للتناقش في العديد من الموضوعات التي تُلامس الحياة الاجتماعية سواءً على مستوى الأسرة أو القرية، أو في نطاق الأصدقاء وزملاء العمل وغيرهم، لا سيما أنَّ شهر رمضان خصهُ الله -عزَّ وجل- بخصائص جعلت الناس يتسابقون في ميادين الخير.
جدير بالذكر أنَّ مظاهر الإفطار الجماعي تأخذ صورًا عديدةً منها على المستوى العائلي، وأخرى على مستوى الأصدقاء، وهناك ما يكون على مستوى أهل القرية أو المنطقة السكنية الواحدة، أو تجمع عدد من المناطق السكنية القريبة، إذ تجدُ الصغار والكبار من المواطنين والمقيمين أيضًا يجتمعون على مائدة واحدةٍ، بل إنَّ ما يميز هذه العادة هو تشارك الحضور في تجهيز المائدة، سواءً بطبخها أو من خلال إحضار أصنافٍ منها من المنازل.