السياحة الحاضر الغائب ..بين الاستثمار والتنوع الاقتصادي.. إشكالية كبيرة في التنمية الاقتصادية خاصة في الدول النامية التي تسعى لزيادة مواردها المالية ودخلها من العملات الأجنبية ، في إطار تنويع مصادر الدخل
وقد تواترت في مقالات الكُتاب الاقتصاديين المتخصصين بأن السياحة هي قاطرة التنمية في الاستثمارات و في تنويع مصادر الدخل، ولكن لم نسمع بعدها إلى أين وصلت تلك القاطرة ؟ أو أنها راحت أدراج الرياح؟
لأن الواقع يجسد أن مؤشرات التراجع في قطاع السياحة قد ارتفت منذ جائحة كورونا منذ عام 2020 ، وقد فشلت حتى الآن معظم السياسات الاقتصادية في تصحيح مسار قطار التنمية السياحية، ووضعه على الطريق الصحيح وصولا إلى محطة التعافي الاقتصادي، على الرغم من أن السياحة لديها القدرة الأسرع على التعافي ، وهذا الذي يميزها عن كل القطاعات الاقتصادية الأخرى، ولكنها تعاني من القصور في التخطيط الاستثماري السياحي المستقبلي ، مع عزوف المستثمرين من القطاع الخاص المحلي عن المشاركة الفاعلة ، تخوفا من المخاطرة في الاستثمار السياحي ، اعتمادا على الجهود الحكومية التي قد تعاني هي الأخرى من نقص موارد التمويل الكافية أو لافتقاد الرؤية المستقبلية أوهما معا.
في ظل زيادة التوترات الجيوسياسية في بقاع مختلفة من العالم التي أحدثت أزمات اقتصادية جديدة ، أثرت بشكل كبير وواضح على زيادة الخسائر في القطاع السياحي ومجال الطيران ، مما زاد الوضع سوءا والأزمة تفاقما .
لارتباط صناعة السياحة بالقطاعات الاقتصادية، مثل الطيران والسفر والنقل والفنادق والاستهلاك والترفيه ،وقدرتها على زيادة فرص العمل الجديدة ، خاصة في القطاع الخاص ، وسيما أن هذه القطاعات تعاني من فقر الاستثمارات المحلية والأجنبية .
لأن السياحة في معظم الدول العربية تعاني من النقص الحاد في المرافق العامة والخدمية المزودة بالتكنولوجيا وكذلك المرافق الثقافية والترفيهية،
بالإضافة إلى عدم وجود المشروعات السياحية العملاقة نظراً لقلة المصادر التمويلية المحلية أو الخارجية لهذه المشروعات ،لأنها تتطلب الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية والتوسع فيها بكل الصيغ القانونية المتاحة.
كما فعلت مصر مؤخرا بفتح الاستثمارات أمام الأجانب في مشروع رأس الحكمة المطل على سواحل البحر الأبيض المتوسط، التي وتتميز بقربها ومواجهتها المباشرة للسواحل الأوروبية التي تمثل أسواقا سياحية مستهدفة،
بعد أن تأخرت هذه الاستثمارات كثيرا خاصة أن مصر تملك جميع المقومات السياحية ومعها ثلث آثار العالم وأقدمها ومنها ما هو من عجائب الدنيا السبع ، إلا ان حصتها من السياحة العالمية لا تتعدى1,2 % وهو أمر مستغرب ومستهجن ،
وهو مؤشر على ضعف الإدارة وفشل التسويق في الوصول إلى الأسواق السياحية العالمية ، لذلك فإن التحديات ضخمة وكثيرة ومتنوعة إذا ظلت الآليات قاصرة وغير قادرة على الانطلاق الفعلي والعملي لجذب السياحة ،ليس في مصر فقط بل في كل دول المنطقة .
لذلك لابد من التحرك لزيادة الاستثمارات في هذا القطاع لتطوير وتنويع المقومات السياحية وتغيير قالبها التقليدي المعتاد من خلال عدة محاور:
الأول : إعادة بناء المواقع السياحية القائمة وتجديدها وربطها بالتقنيات الحديثة ،وتزويدها بالمرافق والخدمات الضرورية، لتعزيز قدرتها على الجذب والمنافسة ،
الثاني : تخطيط تجمعات سياحية جديدة ذات طابع اقتصادي لتحطيم عائق الأسعار المرتفعة والمغال فيها والتي يطلق عليها "الأسعارالسياحية " حتى نتمكن من جذب فئات جديدة من السائحين من مختلف دول العالم حتى تكون السياحة متاحة أمام الجميع وألا تقتصر على الأغنياء فقط
الثالث : تكثيف عمليات التسويق للتعريف بالمقاصد السياحية الجديدة والوصول لأسواق السياحة العربية والأجنبية
الرابع : استقطاب نوافذ للترويج السياحي تعتمد على القوى الناعمة في الخارج جنبا إلى جانب مع التسويق التقليدي في وسائل الإعلام المختلفة
الخامس: تخفيض رسوم المطارات أمام شركات الطيران العالمية وكذلك رسوم التأشيرات السياحية
السادس: استحداث فعاليات رياضية وفنية وثقافية وترفيهية تلبي احتياجات الفئات المستهدفة من السائحين ، وكذلك لجذب فئات جديدة من السياح
السابع :استضافة صالونات بحثية على مدار العام في العلوم والثقافة والفنون تضم الرموز العالمية في هذه المجالات من مختلف دول العالم بكل توجهاتهم الفكرية وفق جداول زمنية ومكانية توضع على خريطة المناشط السياحية العالمية