عندما أنشاءت هيئة حماية المستهلك قبل حوالي عشر سنوات استبشر المستهلكون خيرا على اعتبار ان هناك جهة رسمية سوف تحميهم من جشع التجار ومن الغش التجاري والتدليس و من استغلال بعض الشركات والموردين ، وستقف هذه المؤسسة معهم وتدافع عن حقوقهم وفعلا كانت بداية الهيئة قوية جدا واستطاعت ان تقف سدا منيعا أمام كل من حاول استغلال المستهلك وقامت بفضح عدد كبير من الشركات التي استغلت نفوذها وتلاعبت بالاسعار ولم توفي بالتزاماتها خاصة بعد صدور قانون حماية السمتسهلك والذي تضمن مواد وبنود تفصلية واعطى للهيئة صلاحيات واسعة ومهام محددة.
وكانت الهيئة نموذجا يحتذى من قبل المؤسسات الحكومية الاخرى ورغم عمرها القصير الا انها استطاعت ان تثبت وجودها وتخلق لها سمعة طيبة لدى المجتمع وكانت مضرب المثل في التفاني واداء الواجب في حينه بل ان حتى التجار كانوا يعملوا لها ألف حساب ويستجيبون لقراراتها مباشرة دون تردد فمجرد سماع إسم حماية المستهلك يتردد على مسامعهم تراهم يخافون ويعملون لها ألف حساب.
الا إنه بمرور الوقت بدأت الهيئة تدريجيا تفقد بريقها بعد ان تم سلب عدد من صلاحياتها والتي وزعت على جهات اخرى واصبحت هيئة حماية المستهلك والتي كنا نعول عليها الكثير غير قادرة على ممارسة صلاحيتها وربما المصالح الشخصية لدى بعض المتنفعلين كانت سبب رئيس في عدم مقدرتها على أداء مهامها بكل حرية رغم صدور قانون الحماية من الغش والاستغلال الالكتروني. وغيرها من القوانيين ذات العلاقة.
وبدأنا نسمع عن قصص كثيرة عن قيام بعض التجار بإستغلال المستهلك والذي هو الحلقة الاضعف دائما وهناك قصص ومواقف تكاد تتكرر يوميا والتي يكون ضحاياها مستهلكين اوعملاء وثقوا ببعض الشركات او المحلات التي تعاملوا معها فعلى سبيل المثال بعض المستهلكين الذين يقومون ببناء منازل لهم يقوموا بتفصيل بعض الاثاث و الديكور و النوافذ والابواب من محلات المتخصصة والتي عادة يكون اصحابها من بعض الجاليات العربية او الاسيوية فيتم الاتفاق على سعر معين ويحدد في العقد كافة التفاصيل مثل نوع ومواصفات المنتج أو الخدمة ومدة تنفيذ العمل ويقوم الزبون بدفع عربون مقدما .
وتبداء رحلة التعب والمعاناة والمماطلة بعد مرور فترة قصيرة من الاتفاق على العمل أو تقديم الخدمة فيخل صاحب المحل بالاتفاق من خلال إستخدام ادوات رديئة تختلف عن تلك التي تم الاتفاق عليها أو أنه يتأخر في تسليم المواد والمنتجات والخدمات ويبداء الجدال بينه وبين صاحب العمل ، وعندما يعجز صاحب العمل في الحصول على نتيجة يلجاء الى حماية المستهلك والتي تقوم بدورها بإستدعاء صاحب المحل وفي كثير من الاحيان يرفض الحضور ، تقوم الهيئة برفع الموضوع الى الادعاء العام وقد يصل الامر الى وصول الموضوع الى المحكمة ويظل معلق أحيانا لسنوات بينما المحل أو المؤسسة تمارس عملها بكل حرية وقد يقع عميل أخر فريسة وضحية أخرى ويعيش في نفس هذه الدوامة .
في بعض الاحيان يضطر صاحب العمل التوجه الى محل اخر لتكملة الاعمال او انه يشتري مواد اخرى بتكاليف اضافية طبعا صاحب العمل يكون متفق مع مقاول البناء على وقت محدد الا انه لا يستطيع تسليم المنزل دون الانتهاء من كافة الاعمال وفي هذه الحالة يخسر كثيرا فلا هو يحصل على امواله و لا على المواد التي اتفق عليها .
من هنا الجميع يناشد بأن تعود هيئة حماية المستهلك مثلما كانت عند انطلاقتها وان تعطى لها جميع الصلاحيات التي سلبت منها لكي تستطيع ممارسة مهامها بكل قوة واقتدار ، خاصة واننا في كل مرة نشهد قضايا غش وتدليس واحتكار ورفع اسعار واستغلال لا يستطيع المستهلك لوحده ان يواجهها والتصدي لها.