كان –
العلاقة بين الآباء والأبناء هي العنوان المحوري للفيلم الألماني «توني اردمان» للمخرجة مارن ادي التي تقدم عملها الروائي الثالث، وهي تمتلك أسلوبها ولغتها وأيضا القضايا التي تشتغل عليها بالذات تلك التي تحمل مضامين اجتماعية عالية الجودة ذات بعد إنساني عالمي.
المحور الذي تشتغل عليه حول حكاية «توني» الأب الكهل الذي تعاني زوجته المرض، أما ابنته فهي مشغولة بعملها ومشاريعها الكبرى التي حولتها إلى «حيوان متحرك» كل شيء بمواعيد وكل شيء مرتب بلا أحاسيس حتى العلاقات مع أهلها ومع زملائها.
حينما يموت كلبه يفكر الأب أن يقضي عند ابنته التي تعمل مع إحدى الشركات الكبرى في العاصمة الرومانية بوخارست.. وحينما يصل إليها يجدها مزدحمة بمواعيدها وعملها ومحاولتها إرضاء رؤسائها في العمل من أجل مزيد من المشاريع والاتفاقيات وبالتالي مزيد من المناصب القيادية.
عندها يحدثها عن معنى وأهمية فهم الحياة وأن ما تقوم به هو شيء بعيد عن الحياة والاستمتاع بها، ويقرر أن يغادرها، ولكنها تعود إلى حياتها المزدحمة بالعمل والمواعيد. ولكننا نكتشف أنه لم يغادر بوخارست إلى ألمانيا بل ظل في بوخارست وراح يطاردها في كل مكان ويتقرب من زملائها في العمل والتعامل مع الأمور بكثير من السخرية بالذات حينما يضع أسنانا اصطناعية كبيرة وباروكة شعر ويطلق على نفسه أسماء عنده، وفي كل مرة تكتشف تلك الفتاة بأن والدها يحاول أن يهدئ من إيقاعها ومنحها الفرصة لفهم اكبر من الحياة.
وفي كل مرة محطة وحكاية وكم من التعاليم التي تجعل الابنة تحقق إضافة في الأحاسيس والمشاعر، حتى نصل إلى حفل يدعى إليه الأب بوصفه سفيرا لألمانيا إلى إحدى الأسر بمناسبة عيد الفصح ويحاول أن يجعلها اعتيادية وبسيطة وتتفكك من عجرفتها والتزامها الحاد والقاسي. ويفلح في أن يجعلها تغني وهي لحظة محورية وأساسية مهمة.
فيلم ثري بالمضامين بالذات على الأزمة الكبرى التي تعيشها الكثير من الدول الأوروبية حول العلاقة بين الآباء والأبناء وحالة العقوق الحاد والغربة بين أفراد الأسرة الواحدة حتى تم استبدال الأبناء بالكلاب.