واشنطن -
منذ أن أعادت المحكمة العليا العمل بعقوبة الإعدام في العام 1976، اختارت الولايات الأمريكية بأغلبية ساحقة استخدام الحقن القاتلة في إعدام السجناء:
وتعد الحقنة المميتة ببساطة أكثر إنسانية. وفي اســـتطلاع «يوجــوف» الذي أجــــري في فبراير 2015، قالت أغلبية الأمريكيين إن من بين الأساليب المختلفة لتنفـــيذ حكم الإعدام «الحقنة المميتة» وهي الطريقة الوحيدة التي لا تعد «عقوبة قاسية وغير إنسانية».
تدقيق
في أواخر مايو من العام الفائت أصبحت نبراسكا، يوم الخميس، الولاية رقم 19 التي تقوم بإلغاء عقوبة الإعدام. وقد كانت عقوبة الإعدام جزءًا من النظام القانوني الأمريكي قبل وجود نظام قانوني أمريكي؛ حيث كانت هذه العقوبة مقبولة في المستعمرات، وقامت مستعمرة خليج ماساتشوستس بإعدام سجين في العام 1630، على الرغم من أنها لم تكتب فعـــليًا قوانينــها فيما يخـــص عقوبة الإعدام حتى وقت لاحق. ولكن هذه العقوبة وضعت تحت التدقيق في أوقات مختلفة من تاريخ الولايات المتحدة، بما في ذلك حظرها الصريح من قبل المحكمة العليا بين العامين 1972 و1976؛ بسبب نفقتها العالية، والفوارق العرقية التي تتسبب بها، وخطر إعدام الأبرياء. في عام 1972، منعت المحكمة العليا في الولايات المتحدة عقوبة الإعدام، قائلة إن الطريقة التي تمت ممارستها من خلالها شكلت «عقابًا تعسفيًا» ينتهك التعديلات رقم 8 و14 في القانون. وفي العام 1976، قضت المحكمة بأن الولايات أصلحت سياسات عقوبة الإعدام الخاصة بها، وبدأت الولايات بعدها بإعدام السجناء من جديد. وقد أعدمت الولايات مجتمعة 1407 أشخاص منذ إعادة العمل بعقوبة الإعدام.
وحدثت الغالبية العظمى من عمليات الإعدام في الغرب الأوسط والجنوب. وتعد ولاية تكساس متقدمة بكثير على أي من الولايات الأخرى في استخدام هذه العقوبة. ونفذت هذه الولاية حكم الإعدام بحق 524 شخصًا منذ العام 1976، وهو ما يعادل خمسة أضعاف الولاية التي جاءت في المركز الثاني على هذا الصعيد، وهي أوكلاهوما، التي أعدمت 112 شخصًا.
بلغت عمليات الإعدام الأمريكية ذروتها في العام 1999، عندما نفذ الحكم بـ 98 شخصًا. ولكنها أصبحت في انخفاض منذ ذلك الحين، ومثَّل العام 2014 أدنى مســـتوى لاســتخدام هـــذه العقــــوبة في 15 عامًا.
وكان جزء من السبب في حدوث هذا الانخفاض هو أن عددًا أقل من الناس حصلوا على حكم بالإعدام، وتم إلغاء عدد أكبر من أحكام الإعدام الصادرة بحق متهمين سابقين؛ إما لأنه تمت تبرئتهم بالكامل، أو لأن الحكومة وافقت على استبدال عقوبة الإعدام بعقوبة السجن مدى الحياة. وفي الواقع، في كل عام منذ 2001، تمت إزالة عدد أكبر من الناس من قائمة المحكوم عليهم بالإعدام. وحدث ذلك إما عن طريق إعدامهم، أو موتهم بطرق أخرى، أو تغيير أحكامهم.
وألغت 19 ولاية عقوبة الإعدام حتى الآن. وفي حين تمتد بعض قرارات الحظر هذه على طول الطريق إلى ما قبل الحرب الأهلية، قامت سبع ولايات بإقرار حظر هذه العقوبة فيها على مدى السنوات التسع الفائتة فقط.
قيود
من جانبها فرضت شركة «فايزر» العملاقة للأدوية قيودا على منتجاتها لمنع اســـتخدامها في تنفيذ أحكام الإعدام. وقالت مجلة «نيويورك تايمز» إن القواعد الجديدة تعني أنه لم يعد هناك المزيد من المصادر المتفق عليها للأدوية المستخدمة في الحقن المميتة وهو الأسلوب الأكثر شيوعيا للإعدام في الولايات المتحدة. وذكرت الشركة في بيان «نعترض بقوة على استخدام أي من منتجاتنا في عملية الحقن المميت بالنسبة لعقوبة الإعدام».
وقالت الشركة ومقرها نيويورك: «نفرض قيودا على التوزيع لمنتجات محددة يتم اعتبارها من قبل بعض الولايات من القواعد المتعلقة بالحقن المميتة». وتقلصت المصادر الرسمية للعقاقير الضرورية لذلك في السنوات الأخيرة، مما دفع بعض الولايات الأمريكية في المقابل إلى اللجوء إلى عقاقير أخرى أو وسائل أخرى للإعدام مثل الكرسي الكهربائي أو الإعدام رميا بالرصاص.
جدل
في شهر أبريل الفائت عقدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة جلسة للنظر في دستورية الإعدام بالحقنة القاتلة، والذي يثير جدلا حادا في قضية أساسية يمكن أن يكون لها انعكاسات أوسع على صعيد عقوبة الإعدام في البلاد.
وكانت المحكمة العليا قد نظرت في المسألة في 2008، واعتبرت في حينها أن الإعدام بالحقنة القاتلة ليس مخالفا للتعديل الثامن للدستور، والذي يضمن الحماية من العقاب «الوحشي وغير المعتاد».
لكن العقاقير المستخدمة لتنفيذ العقوبة تغيرت منذ تلك الفترة بعد رفض مختبرات طبية، ولا سيما الأوروبية منها، استخدام منتجاتها لغايات الإعدام. وإزاء هذا الوضع، قررت الولايات الـ32 التي لا تزال تطبق العقوبة، استخدام عقاقير جديدة لم تتم تجربتها مسبقا. العقاقير الجديدة هذه، كانت عاملا أساسيا في فشل ثلاث عمليات إعدام في العام 2014. وقد توفي دينيس ماغواير في 16 يناير 2014 بعد 26 دقيقة من حقنه بجرعة العقاقير المميتة، اختناقا. وفي 29 أبريل، توفي كلايتون لوكيت بعد 43 دقيقة أمضاها وهو يئن. وفي 23 يوليو توفي جوزف وود بعد 117 دقيقة.
وكان القاسم المشترك بين تلك العمليات الثلاث، اعتماد مادة ميدازولام، المستخدمة لأغراض التخدير قبل العمليات الجراحية. وأوضح الطبيب المخدر ديفــيد ويزل، أن ميدازولام يســـتخدم مع مــــادة تؤدي إلى الشلل المؤقت في ولاية فلوريدا، ما يؤدي إلى عدم معرفة ما إذا كان المحكــوم قد شـــعر بالألم أم لا. وأكد أن ميـــدازولام لا يؤدي إطلاقا إلى «الغيبوبة العميقة».
وأوضح ديل بيخ، وهو محام لثلاثة محكومين بالإعدام في ولاية أوكلاهوما، يطالبون بالنظر في دستورية الحقنة القاتلة، أن «عمليات الإعدام الفاشلة تمت في جو من التجارب والتسرع من قبل سلطات الولايات المعنية، ومن دون إشراف طبي».
الحقنة الأولى
في يوليو الفائت أعلن متحدث باسم إدارة السجون في ولاية ميزوري الأمريكية أن سلطات الولاية أعدمت متهما، أدين بقتل امرأة عمرها 19 عاما، في 2001. وهذه أول عملية إعدام تنفذ في الولايات المتحدة منذ أن أيدت المحكمة العليا استخدام الحقنة المميتة في تنفيذ أحكام الإعدام. وقال مايك أوكونيل المتحدث باسم إدارة السجون في ميزوري إن ديفيد زينك (55 عاما) أعلنت وفاته في الساعة 7:41 مساء، بعدما حقن بجرعة قاتلة من العقاقير في سجن بالولاية. وقال كريس كوستر النائب العام بولاية ميزوري في بيان «أخذ ديفيد زينك بقسوة حياة المرأة الشابة ومن المناسب أن يدفع حياته ثمنا لذلك». وقضت المحكمة العليا الأمريكية في 29 يونيو بأن استخدام أوكلاهوما للحقنة المميتة لا ينتهك الحظر الذي يفرضه الدستور الأمريكي على العقوبة القاسية وغير العادية. وأدين زينك، وهو خامس شخص يعدم في ميزوري هذا العام، بقتل أماندا مورتون وهي من مدينة سترفورد بميزوري. وعثرت الشرطة على جثة مورتون في مقبرة. وأشارت وثائق قضائية إلى أن مورتون تعرضت للخنق وقد كسرت رقبتها وقطع حبلها الشوكي بسكين. وفي أكتوبر الفائت أعدمت ولاية تكساس الأمريكية رجلا عمره 35 عاماً، أدين بقتل مهاجر مكسيكي بالرصاص وسرقة ثمانية دولارات منه. وقال مســـؤول بإدارة الســــجــون إن خوان غارســــيا أُعلنــت وفــاته بحقنة مميتة في غرفة الإعدام بهانتسفيل.
وتنفيذ الإعدام هذا هو الرقم 529 في تكساس، منذ أن أعادت المحكمة العليا الأمريكية عقوبة الإعدام في العام 1976، لتصبح الولاية هي الأكثر تنفيذاً لحكم الإعدام بين كل الولايات الأمريكية.
وأدين غارسيا عندما كان عمره 18 عاماً بقتل هوجو سولانو (32 عاما) في حادث سرقة عام 1998، في هيوستن، حيث قال مكتب المدعي العام في تكساس، إن غارسيا قام وثلاثة من شركائه بسلسلة جرائم عنف منها السرقة في منطقة هيوستن. وأضاف «عندما رفض سولانو تقديم أي أموال أطلق عليه غارسيا النار أربع مرات في الرأس والرقبة فقتله». وقبل إعدامه، أصدر غارسيا تصريحاً طالب فيه الصفح من أسرة سولانو.