قراءة بين السطور!
أصبح الابتكار والابداع محط اهتمام وتنافس بين الكثيرين من بيوت ومراكز الخبرة التعليمية والأكاديمية في جميع مؤسسات التعليم بشتى مراحلها ، إذ لم يعد معه الفضاء يتسع للتقليديين وأقرانهم من ذوي الأفكار المحدودة في تحقيق طموحات وبناء غد مشرق ، في ظل المنافسة الشديدة التي نعيشها بين تلك المؤسسات مع تسارع وتيرة الإنجازات بكافة المجالات والأصعدة ، والدور الكبير الذي تعلبه تلكم المؤسسات التعليمية في أي مجتمع من المجتمعات البشرية ، لتمهيد الطريق الى تحقيق مجتمع المعرفة الذي حل محل المجتمعات الصناعية ، من خلال بناء الانسان المجدد ذو الذكاء المشترك والعقل الفعال والمعلومة الدقيقة .. إذ لم يعد فيه للتعليم النمطي مكان، ولأن الابداع والابتكار ثقافة وقدرة عقلية تنمو وتزدهر برعايتها والعمل على صقلها وتعميقها، كان ولابد من التفكير في ادماج هذا المفهوم في كافة مراحل التعليم المدرسي، الذي يسبق مرحلة التعليم الجامعي، حتى يصبح جزءا لا يتجزأ في ممارستنا اليومية.
أعلنت المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023، وجاءت السلطنة في المرتبة 69، متقدمة عشرة مراكز عن العام الماضي. مع هذه الأخبار السارة والمفرحة والتقدّم في المراكز، حيث أشار التقرير صراحة إلى أنه ما تنتجه السلطنة من مخرجات ابتكارية يعتبر أقل مقارنة من التوقعات بالنسبة استثماراتها في هذا المجال. يعتبر المؤشر مقياساً لأداء الاقتصادات العالمية وقدرتها على الابتكار، ويتضمن الترتيب لأي دولة من خلال معايير المؤشرات الفرعية، وهي تطوير بيئة الأعمال، والبنى التحتية، وعمل المؤسسات، وتطوير رأس المال البشري ودعم الأبحاث العلمية، وإنشاء المعرفة ونشرها، بالإضافة إلى النواتج الإبداعية المنتجة.
أشارت المادة رقم (10) بالفصل الثاني من قانون التعليم المدرسي، أن البحث العلمي والابتكار والريادة من أولويات وزارة التربية والتعليم في تقديم كافة التسهيلات اللازمة للفئات المستهدفة ،ووفقا لما أوضحته المادة وهما الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية ، لكن المفاجأة الغريبة بان القانون لم يتضمن فصلا مستقلا خاص يعنى بالابتكار والريادة ، مما فتح الباب على مصرعيه بطرح العديد من التكهنات والتحليلات المرتبطة بدور مؤسستنا المدرسية في زرع ثقافة الابداع والابتكار والريادة في جيل المستقبل ، فالملاحظ أن القانون لم يذكر هذان المصطلحان إلا في موضع واحد فقط كما تمت الإشارة اليه سلفا ، كما أن القانون لم يشير بوضوح الخطط الإجرائية وأهدافها والفترة الزمنية التي سوف تنتهجها وزارة التربية والتعليم في نشر ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في مؤسساتنا المدرسية ، أضف الى ذلك ، ما هي الإمكانيات التي سوف يتم تسخيرها من أجل تهيئة الظروف الملائمة لترسيخ ثقافة بيئة الابتكار والابداع وريادة الأعمال لدى طلاب المدارس ومعلميهم ، في المقابل ، أفرد القانون فصلا خاصا ومستقلا للبحث والعلمي والتربوي كما جاء بالفصل الخامس من ذات القانون . ، ان ذلك يكشف لنا جليا بدون تزييف بان مصطلحا الابتكار والريادة لا زالا ينظر اليهما نظرة سطحية بمؤسساتنا ، وان هذه المؤسسات لا زالت بعيدة المنال من تحقيق رؤى وطننا العزيز سلطنة عمان ، والسؤال الأهم والكبير الذي يطرحه الجميع والذي يبحث عن إجابة ألا وهو ، ما هي استراتيجية وزارة التربية والتعليم في تفعيل ونشر ثقافة الابتكار وريادة الأعمال ؟؟؟؟ ما مقدار مساهمة وزارة التربية والتعليم في إيجاد مجتمع المعرفة الذي تشدو اليه أنفسنا أن نكون جزءا مهما من العالم الذي نعيش فيه؟؟؟ هل لا زال موضوع الابتكار مجرد نشاط مدرسي يكلف به أحد المعلمين للإشراف عليه ويكون تقييمه كغيره من بقية الأنشطة اللاصفية المدرسية الأخرى بنهاية العام الدراسي؟؟؟ لماذا لم يتضمن القانون الإعلان عن جائزة تقديرية سنوية للابتكار والريادة على مستوى مدارس السلطنة أو على مستوى المحافظات التعليمية؟؟ هل يوجد لدى الوزارة من خطط في مشاريعها الإنمائية بأنشاء مختبرات للابتكار بجميع المدارس الحكومية؟؟؟ ما هي خطط الوزارة في تطوير المناهج الدراسية محورها الأساسي تشجيع التفكير الإبداعي والمجازفة في التعلم والبحث؟؟؟؟ ما هي خطط الوزارة في توفير بيئة تعليمية تشجع على البحث والتطوير وتقديم الدعم للطلاب والمعلمون والوظائف الفنية الأخرى المرتبطة بالتعليم المدرسي، والراغبين في تطوير أفكارهم ومشاريعهم ونقلها على أرض الواقع وليست مجرد أفكار على ورق؟؟؟؟
وختاما...أننا نحس أنفسنا أننا نسير في مفترق طرق، فقوانينا التي نصدرها لا زالت بعيدة كل البعد عن تحقيق آمال وطموحات واهداف رؤية عمان للتنمية المستدامة 2040، فكنا نتوقع أن يتم تسخير كافة الإمكانات المادية والبشرية والمالية لمؤسساتنا التعليمية من أجل تحقيق رؤية تنموية مستدامة يشارك فيها الجميع، ومن أجل الجميع.