الحُروب القائمة تلقي بظلالها القاتمة على الآفاق الاقتصادية العالمية في ظل تسارع معدلات التضخم ، وتُشعل نار الأسعار في كل زمان ليستفيد منها تُجار الحُروب في كل مكان ،لذلك نجد إدمان الحروب لدي بعض الدول كما تفعل أمريكا ، التي تسعى إلى تدمير البنية التحتية لأهم قطاعات الاقتصاد والأنظمة الغذائية، والرعاية الطبية، والنقل والاتصالات والطاقة ، وكل ما يُوثر على حياة المواطن، في الدول المُعتدى عليها وقطاع غزة خير شاهد، والذي يحتاج إلى مئات التريليونات لإعادة الإعمار وكذلك تضرر الدول الأخرى التي تعاني من ارتفاع الديون و نقص الموارد والعملات الأجنبية وعدم استقرار أسعار الصرف التي تؤثر على تدفق الاستثمارات .
في ظل الانقسامات حول الأزمات العالمية الراهنة والمتغيرات الاستراتيجية التي نشهدها من تصاعد الصراعات وتضارب المصالح والأطماع الغربية وتصدير المشاكل والصراعات الداخلية للخارج ، كما يحدث من إسرائيل تجاه الحرب على غزة والحرب الروسية -الأوكرانية، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتأجيج المشاكل في العراق والسودان والصومال ، وعلى الحدود السورية والليبية، والتدخل المباشر من قبل أمريكا وبريطانيا والتواجد المكثف للدول الغربية في المنطقة في مواجهة باب المندب ، الأمر الذي يلحق الضرر بالاقتصادات في أنحاء الشرق الأوسط .
حيث تزيد تداعيات الحروب من وطأة الضغوط السعرية وتفاقمها، مع زيادة تكاليف الشحن والتأمين وتأخر وصول سلاسل الإمداد الأمر الذي يشعل نار الأسعار.
وتتأثر من ذلك البلاد النامية والعربية التي تستورد الأسلحة والذخائر، مُستنزفة الجزء الأكبر من ميزانيتها على حساب خطط التطوير والتنمية لديها، وتستورد 90% من احتياجاتها أو أكثر من مدخلات الإنتاج والمواد الغذائية والاستهلاكية والطبية والدوائية.
التي تؤثر عليها مشاكل سلاسل الإمداد التي تتحكم فيها دول أو شركات عالمية تابعة لها، والتي بدأت منذ جائحة كورونا وتتخذ من الحروب ذريعة لرفع الأسعار بدون مبرر للضغط على هذه الدول وفرض السيطرة عليها، وفي الوقت ذاته تسترد قيمة ما قامت باستيراده من النفط.
في ظل وضع مأساوي لمعظم الاقتصاديات العربية الذي فرضته حالات الركود والكساد التي ضربت الأسواق منذ بدايات 2020، وتتعثر في عملية التعافي الاقتصادي حتى الآن، وزيادة معدلات التضخم المستورد، الذي تفرضه عمليات الاستيراد المتزايدة من الخارج بالأسعار العالمية، وظهور بعض المحتكرين من كبار التجار والمستوردين، الذين يتحكمون في أسعار السوق في ظل ثبات الأجور والمرتبات، وعجز الدول عن الدعم أو التعويض للفئات أو الطبقات محدودة الدخل.
التي يصاحبها رواج كبير لتجارة السلع والمنتجات المغشوشة والمُقلدة، في ظل ضعف الرقابة أو المتابعة من الوزارات المعينة ومؤسسات وهيئات حماية المستهلك والمؤسسات البلدية والصحية، التي يستثمرها بعض فاقدي الضمير،
ومن هنا يأتي دور الحكومات ومسؤوليتها من خلال عدة محاور مثل:
أولا: إحكام الرقابة لكبح جماح الأسعار التي تكوي بنارها المستهلكين بعد مشاكل سلاسل الإمداد وتفعيل أجهزة وهيئات حماية المستهلك، للسيطرة على الأسعار، ولتحقيق التوازن في الأسواق
ثانيا: العمل على ثبات أسعار السلع والمنتجات المحلية التي لا تتأثر بمستوى الأسعار العالمية
ثالثا: التركيز على تعظيم الاستفادة من امكانيات القطاع الخاص لتوفير المنتجات المحلية للحد من الاعتماد على الاستيراد وتقليل النفقات، لتغطي بعض احتياجات السوق المحلي وتحد من عمليات الاستيراد، تحسبا من الاحتمالات الاقتصادية الأسوأ التي قد تضرب دول العالم مع استمرار التوترات العالمية
رابعا: تكثيف التوعية لترشيد سلوكيات الاستيراد والاستهلاك نحو الضروريات الأساسية
خامسا: عدم ترك السوق لسيطرة المستغلين والمحتكرين وتحكمهم في حاجة المستهلكين، من خلال آليات العرض والطلب والتي تؤثر على مستوى معيشة المواطن
حتى لا يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلى زيادة القلاقل الاجتماعية في البلدان الأكثر فقرا.