لم يكن نخلة تامر الرجل الذي حزم أمتعته وترك قريته الوادعة في شمال لبنان، قاصدا البرازيل قبل 90 عاما يعلم انه سيصير والدا لرئيس البرازيل .. هذا العملاق الجغرافي الذي تزيد مساحته على ثمانية ملايين كيلومتر مربع.حتى اللغة التي يتحدثها السكان، لم يكن نخلة تامر يعرف عنها سوى اسمها، مع ذلك أقنعه أخوه الذي سبقه في الهجرة بالمجيء إلى بلد السامبا حيث عانى في البداية الفقر قبل أن تتحسن ظروفه ويشتري مزرعة لإعالة أولاده الذين صاروا ثمانية.رزق الأب المهاجر في الـ 23 من سبتمبر 1940 بولد سماه ميشيل. ربما لم يكن الأب يبني طموحات كبيرة على الولد "آخر العنقود"، لكن بعد مرور 75 عاما سيصبح ذلك الولد رئيسا لدولة البرازيل نتيجة تصويت البرلمان الخميس على إقالة الرئيسة ديلما روسيف بتهمة التلاعب بأموال الدولة.تغريدة نشرها ميشال تامر على صفحته الرسمية حول تسلمه إشعارا بأنه أصبح الرئيس المؤقت للبلاد.
ذكر موقع "ويكيليكس" أن الرئيس المؤقت الجديد فى البرازيل، ميشال تامر، كان عميلا لصالح الاستخبارات الأمريكية. ووفقا لـ"ويكيليكس"، كان الرئيس البرازيلى المؤقت الجديد يزود السفارة الأمريكية فى البرازيل بمعلومات عبر برقيات، ويمكن تصنيف محتواها بأنه "حساس" و"للاستعمال الرسمى فقط" ونشر الموقع وثيقتين، إحداها أرسلت من ساو باولو، إلى عدة جهات أمريكية منها القيادة الجنوبية للجيش الأمريكى فى ميامى، يناقش فيها ميشال تامر الوضع السياسى فى البرازيل خلال فترة الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا. وفى البرقية التى يعود تاريخها إلى 11 يناير 2006 والمدرجة فى خانة "حساس لكن غير مصنف"، ملخص محادثات أجراها تامر مع المسؤولين الأمريكيين عندما كان لا يزال نائبا عن حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية.
وادعى موقع ويكيليكس فى تغريدة على تويتر أن تامر كان "مخبرا لدى السفارة للاستخبارات الأمريكية". وتذكر الوثائق الدبلوماسية سفارة الولايات المتحدة فى برازيليا دون الخوض فى تفاصيل عن وضع ميشال تامر. ولم تحدد البرقية التى نشرها موقع ويكيليكس رتبة وهوية المسؤولين الأمريكيين الذين قدم إليهم تامر المعلومات.
واعتبر تامر، وفقا للمعلومات، أن انتخاب الرئيس الأسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا فى عام 2002 أوجد "أملا كبيرا" لدى الشعب، لكنه أشار إلى أن رئاسته كانت فى المقابل مخيبة للآمال. وانطلاقا من ذلك كان حزب تامر يدرس إمكانية تقديمه كمرشح للإنتخابات الرئاسية عام 2006. ولم يكن مستبعدا، وفق الظروف، إجراء تحالف مع حزب العمال (اليسارى) الذى ينتمى إليه دا سيلفا وديلما روسيف. وأنهى تصويت تاريخى فى مجلس الشيوخ البرازيلى الخميس مهمات الرئيسة روسيف، وبات نائبها تامر (75 عاما) رئيسا، فى زلزال سياسى أنهى 13 عاما من حكم اليسار فى أكبر دولة فى أمريكا اللاتينية.
عرف المحامي ميشال تامر قاعات الدرس جيدا، ليس فقط عندما كان طالبا، بل بوصفه أستاذا جامعيا لمدة عقدين من الزمن، لكن الشغف بممارسة السياسية بدأ يتجسد واقعيا في يوميات ابن المهاجر، منذ بداية الثمانينيات.وفي سنة 2001 أصبح تامر رئيسا لحزب الحركة الديموقراطية. وقاده طموحه السياسي للتحالف مع حزب العمال الذي تنتمي إليه الرئيسة المقالة روسيف عام 2007.وحين انتخبت روسيف أول سيدة تتولى رئاسة البلاد، اختير تامر نائبا لها. وهو المنصب الذي سيكون بوابة يلج منها ذو الأصول اللبنانية إلى القصر الرئاسي.وقبل أن يكون نائبا للرئيسة، انتخب ميشال تامر رئيسا لمجلس النواب ثلاث مرات.
تصف روسيف إقالتها من طرف البرلمان بأنها "انقلاب" دستوري دبره تامر.وكان الرجل على وفاق مع الرئيس المقالة في السنوات الأولى من حكمها، لكن يبدو أن خلافات كانت تدور في الخفاء بين الاثنين قبل أن تصبح واضحة للرأي العام منذ السنة الماضية.
واتهم تامر الرئيسة حينها بتهميشه والنظر إليه كـ"ديكور"، وتجاهله في اللقاءات والقرارات المهمة.يقول ميشال تامر إن أولوياته الآن بوصفه رئيسا للبلاد هي التصدي للانكماش الذي يعاني منه اقتصاد البلد، وإنهاء حالة الشلل التي تسود البرلمان بسبب المعارك السياسية التي شهدها قبل أن يصوت على قرار إطاحة الرئيسة.تامر أب لخمسة أبناء رزق بهم من ثلاث زوجات. وإلى جانب اشتغاله في السياسة، هو أيضا شاعر، وسبق له أن نشر ديوانا شعريا. وخلف خبر تولي تامر الرئاسة في البرازيل ردود فعل متباينة على تويتر.