نشهد جميعا ترنح القطاع الخاص في أغلب إن لم يكن في كل الاقتصادات النامية من آثار جائحة كرونا اللعينة ، والمعالجات المبتسرة والجزئية للحكومات التي فاقمت من الأزمة وساعدت على استمرارها بعد أن دفن البعض رأسه في الرمال- مثل النعام - هربا أو خوفا من المواجهة
لأن القطاع الخاص حتى ينجح تلزمه مجموعة اقتصادية تضم قيادات وعقول اقتصادية وتجارية مرنة و متمرسة وقادرة على الإدارة والتوجيه والمبادأة وتحقيق تكافؤ الفرص والمبادرة لاقتحام المشاكل ومواجهتها ومحاصرتها على أرض الواقع .
بداية من عدد الشركات المتعثرة وتعقيدات الحلقات البيروقراطية التي تنمو وتترعرع وتتكاثر من بين ثناياها ظواهر الفساد المالي والإداري، التي تجبر الكفاءات الوطنية ورؤوس الأموال المحلية إلى الهروب للخارج، وتمثل عامل طرد للمستثمرين ، و من ثم نقص تدفقات الاستثمارات الأجنبية ، وتأخر الوصول إلى التعافي الاقتصادي في مدى قريب .
وهى من أكبر العقبات والعراقيل أمام القطاع الخاص الفاعل الذي يُفترض أن يقود التنمية بكل أشكالها، والذي يمكن أن يوفر فرص العمل الحقيقة التي تستوعب أكبر عدد من الشباب العاطل والباحث عن العمل، واستثمار طاقاتهم المهدرة في عمليات البناء والتنمية .
إذا وجدت السياسات الاقتصادية التي تتبني استراتيجية لتطوير القطاع الخاص و تفعيل دوره في النشاط الاقتصادي.
في ظل انعدام كفاءة الحكومات في استغلال الموارد الاقتصادية بشكل أمثل في معظم الدول النامية ، وفشل معظم الخطط الاقتصادية ، لأن القطاع العام قائم على الدعم الحكومي المستمر والحماية من المنتج الأجنبي المماثل، واحتكار الأنشطة الرئيسية التي تنافس القطاع الخاص المحلي ،التي أدت إلى انحسار مساهمة القطاع الخاص في الاقتصادات الوطنية وفي الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم إفراغ عملية التنمية الاقتصادية من مضامينها الاقتصادية والاجتماعية.
وهذا الوضع شجع القطاع العام على التكاسل والاتكالية وأصبح مُترهلا ومتخما بأعداد هائلة من البطالة المقنعة غير المنتجة والتي تمثل عبأ على ميزانيات الدول ، والاستمرار في مسلسل إهدار طاقات العاملين واستنزاف موارد الدولة .
خاصة إذا كنا نعاني من الافتقار إلى العقليات الاقتصادية التي تعي المفاهيم والنظريات الاقتصادية التي توضع على أساسها السياسات والاستراتيجيات الفاعلة والداعمة لمشروعات القطاع الخاص ،التي تواجه تحديات جمه مع العام الجديد 2024 تتمثل في الفقر المدقع في القيادات الإدارية المُؤهلة والمُتمرسة للتعامل مع مُتطلبات العصر ومُستجدات تطوير وتنمية القطاع الخاص بالفكر والإرادة - والتي نجحت فيها بجدارة النمور الأسيوية - بعد أن عجزت غرف التجارة والصناعة في معظم الدول النامية عن توجيه وإدارة القطاع ليسهم بفاعلية في إحداث نقلة اقتصادية ونوعية حقيقة ، تُحدث آلياته وتشريعاته التي تلبي متطلبات التنمية المنشودة وتغطي احتياجات المجتمع .
والتخفيف من معاناة الأيد العاملة – وهى معول النهضة والتقدم في كل الاقتصاديات - التي تعرضت في السنوات الأخيرة وفي أحسن الأحوال إلى تخفيض الأجور، ثم للطرد والفصل والتسريح العشوائي والديون والسجن ، الأمر الذي يهدد الاستقرار والأمن الاجتماعي .
حيث اهتمت بعض غرف التجارة والصناعة بالفاعليات الهامشية من خلال تبادل الزيارات وإقامة الندوات وتثمين القرارات الحكومية وفي أحسن الأحوال توقيع مذكرات التفاهم الخالية من المضمون،
لذلك على الجمعيات العامة العادية أو غير العادية مساءلة مجالس إدارات الغرف التجارية عن الإنجازات الفعلية التي تتحقق سنويا ،من حيث حجم الاستثمارات التي نجحت في تحقيقها ،والترويج للصادرات وحجمها، وعدد الدورات التدريبية للأيد العاملة الوطنية التي تكسر حدة الفجوة المهاراتية في سوق العمل
كما أن القطاع الخاص لا يمكنه مواجهة تحديات العام الجديد بدون إعادة تنظيم آليات العمل بغرف التجارة والصناعة والخروج من النمط التقليدي الأجوف لأنشطتها، والتوجه عمليا إلى إنشاء شعب متخصصة لكل مجموعة من الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية المتقاربة أو المتشابهة، للمساعدة في دمج بعضها لتعزيز قوتها الخدمية والإنتاجية والتمويلية والتصديرية والاستيرادية ، وتحسين قدرتها في التعامل مع الدول والتجمعات الاقتصادية للاستفادة من مميزات الإنتاج الكثيف ، واستيعاب مخرجات ومستجدات الثورات الصناعية في العالم .
بما يحقق التنويع الاقتصادي الحقيقي ، و توسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية، وإثراء الشركة التجارية وتنوعيها ، والتركيز على الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، التي تعزيز دور القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ،في العام الجديد 2024.