عندما تكون العلاقات بين الدول مبنية على أسس ثابتة وعلى مبادئ راسخة تراعي المصالح والمنافع المشتركة فإن تطورها ونموها يمضي على خطى واثقة وهذا هو مبداء سارت عليه السلطنة منذ بداية فجر النهضة العمانية الحديثة في علاقاتها مع الدول ، وعندما نتحدث عن العلاقة بين سلطنة عمان وجمهورية سنغافورا فإننا نتحث عن تاريخ قديم يعود الى مئات السنين حيث وصلت السفن العمانية من خلال قيام التجار العمانييون بالتواصل مع سنغافورا وقاموا بنشاط تجاري معهم ، وخير دليل على ذلك الشارع الموجودة في العاصمة السنغافورية والذي اطلع عليه شارع مسقط منذ اكثر من قرن من الزمن.
الزيارة السامية لجلالة السلطان هيثم بن تيمور -حفظه الله ورعاه- الى سنغافورا مؤخرا كان لها صدى كبير و سوف تعزز هذه العلاقة بين البلدين من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف القطاعات الثقافية والاقتصادية والعلمية في مجال الابتكار والبحث العلمي وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ويسعى البلدان إلى تعظيم الاستفادة من علاقاتهما الوطيدة والصداقة الراسخة حيث شهدا خلال السنوات الماضية حراكًا على مختلف المستويات والمجالات أبرزها السياسية والاقتصادية والثقافية، عكَس رغبتيهما في دفع مستويات التعاون بينهما إلى مزيد من التقدم والتطوير، وان كنا نطمح الى المزيد من التعاون خصوصا في المجالات الاقتصادية وجلب الاستثمارات والاستفادة من التجربة السنغافورية الرائدة في مجال تطوير التعليم والابتكار والبحث العلمي و تعظيم الاستفادة من الموارد البشرية.
وتشكّل التجارة البينية بين سلطنة عُمان وجمهورية سنغافورة نحو 3 بالمائة من إجمالي التجارة الخارجية لسلطنة عُمان بنهاية عام 2022م، وسجل حجم التبادل التجاري حتى نهاية شهر سبتمبر 2023م نحو 576.4 مليون ريال عُماني؛ وفقًا للبيانات المبدئية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حيث ارتفعت نسبة التبادل التجاري بين البلبدين بنسبة 80 % مقارنة بالاعوام السابقة .
واظهرت البيانات والمؤشرات الاحصائية أن إجمالي الصادرات العُمانية إلى سنغافورة بلغ حتى نهاية سبتمبر الماضي حوالي 521.7 مليون ريال عُماني، فيما وصل إجمالي الواردات من سنغافورة لسلطنة عُمان إلى 54.6 مليون ريال عُماني. وبالتالي فإن كفة اميزات التجاري تميل الى السلطنة وهذا شي ايجابي.
وبالنسبة لأهم السلع العُمانية المصدرة من السلطنة إلى سنغافورة فإنها تتركز في منتجات النفط والغاز والميثانول ومواد البولي بروبيلين بأشكالها الأولية، وبعض المنتجات الحديدية والعطور وغيرها من المنتجات الغذائية، بينما أستوردت السلطنة من سنغافورا بعض السلع أهمها غيار المركبات وزيوت الوقود للمحركات والسفن وزيوت التشحيم وأكسيد الألمنيوم وغيرها.
تعمل في السلطنة 24 شركة سنغافورية بنهاية عام 2022م تستثمر في قطاعات عدّة أهمها الإنشاءات والتجارة والصناعة والتعدين والخدمات والسياحة والتعليم والنفط والغاز والنقل والاتصالات بإجمالي رأس مال تجاوز 55.8 مليون ريال عُماني ، ونأمل أن تزيد عدد الشركات الاستثمارية وفي قطاعات جديدة وتضيف للاقتصاد الوطني قيمة مضافة وتخلق فرص عمل بعد الزيارة الكريمة لجلالة السلطان والتي من المتوقع أن تفتح افاق كثيرة ومتعددة امام المستثمر السنغافوري.
وخلال الفترة القادمة هناك فرص ومجالات كثيرة وواعدة يمكن استثمارها لعل أهمها الطاقة المتجدّدة والأمن الغذائي والاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية وتكنولوجيا التعليم والتدريب الذكي والصناعات اللوجستية والنقل البحري وخلال الزيارة السامية تم توقيع عدد من مذكرات تفاهم تعزّز التعاون الثنائي أهمها مذكرات حول ترويج الاستثمار وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعية وتعزيز هوية العلامة التجارية للدولة عالميا حلول كفاءة الطاقة المتمثلة في مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا والطاقة الشمسية وطاقة الرياح للانتقال السريع إلى صافي انبعاثات صفرية وتعزيز أمن الطاقة ،ونأمل أن نرى هذه المشاريع والبرامج على ارض الواقع قريبا.