عدم الاستقرار في الشرق الأوسط سوف يتسبب في رفع أسعار الطاقة، ورفع معدل التضخم، وخفض النمو الاقتصادي عالميا. ومع الخوف من استمرار و اتساع الصراع الحالي في فلسطين ، فقد تصل أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل قابلة للزيادة وينعكس ذلك على النمو الاقتصادي العام المقبل بالانخفاض إلى ما بين 0.6% و0.7%، وهى مؤشرات الركود الاقتصادي القادم وفق تقديرات الاقتصاديين ، فهل تؤثر الأحداث في فلسطين على اقتصاديات العالم؟ ، أم أن الاقتصاد سيفرض نفسه على الأحداث ؟..
لذلك الجميع يُجمع على أن اتساع الحرب ليس في مصلحة أحد، لكن هذا لا يعني أنها لن تتسع رقعتها أو تتمدد ،ولا يمكن التكهن بالسيناريوهات المحتملة لأن الحروب قد تندلع من غير رغبة المتحاربين أو رضاهم ، وإنما باضطرارهم إليها ، نتيجة للمتغيرات أو المستجدات العالمية المتسارعة والمتطورة ، بعيدا عن القدرات العسكرية التي يكون لها الأثر القوي والعميق في السيطرة على بعض الأطراف المتحاربة مع تدخل القوات الأمريكية وخبراؤها التي تُخطط وتُنفذ وتُدير المعارك كما يحدث في أحداث غزة الآن وما نشاهده من ارتال الناقلات التي تنقل إلى إسرائيل الذخائر وآلات الدمار المتقدمة ، على الرغم من أن الاقتصاد الإسرائيلي من أول و اكبر المتضررين اقتصاديا، لأن اقتصادها لا يتحمل حربا تتعدى عدة أيام ، لأن تعبئة قوات الاحتياط المقدرة بنحو 360 ألف شخص، وإغلاق نظام التعليم وإغلاق الشركات، يلحق خسارة في الناتج المحلي الإجمالي نحو 0.6% أي حوالي 11.8 مليار شيكل (3 مليارات دولار) وذلك إذا استمرت الأزمة لمد شهر، ولكن إسرائيل يتم تعويضها من خلال الدعم الغربي والأمريكي السريع والمتواصل ، ولا ننسى أن أمريكا تدمن صناعة الحروب في مدد زمنية ما بين 10 أو 15 عاما للتخلص من المعدات والذخائر التي سينتهي عمرها الافتراضي ، وكذلك للتجارب الحية لترسانة الأسلحة الجديدة ميدانيا ،خاصة بعد أن نفذت كل الذخيرة التي تملكها إسرائيل وكل ما قدمته لها أمريكا من ذخائر وآلات الدمار وتطلب المزيد الذي يقدم لها كهدايا مجانية في مقابل قتل المزيد من الفلسطينيين ، لذلك لن تأبه إسرائيل كثيرا بالنتائج الاقتصادية أو السياسية قبل أن تستوفي أو تحقق أهدافها كاملة على الأرض لتهجير وتدمير غزة على من فيها وما فيها، لتصبح المشكلة الأكبر في الاقتصادات العربية بدون استثناء التي كانت تعاني من الضعف والهشاشة منذ البداية ، ولذل حذرت الأمم المتحدة، من أن معدل الفقر لدولة فلسطين سيرتفع بنسبة 34%.
وسيرزح نصف مليون شخص إضافي تحت وطأته في حال استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لفترات قادمة، وقد قدرت منظمة العمل الدولية فقدان 390 ألف وظيفة إلى الآن ، كما هناك قلق عالمي من تفاقم الأزمة التي سوف تلحق أضرارا واسعة بالاقتصاد العالمي ،الذي يعاني من ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم.
ومع استمرار الأزمة والحرب يتأثر إنتاج النفط في بعض المناطق ، خاصة إذا أغلقت ممرات نقل الطاقة من الخليج وشمال أفريقيا إلى أوروبا، لأي سبب كان، الأمر الذي يتسبب في نقص المعروض من النفط والغاز وارتفاع الأسعار ، الذي ينعكس على الاقتصادات الأوروبية تحديدا ، إذ سيرتفع معدل التضخم مرة أخرى، بعد أن بدأ في النزول عن مستوياته السابقة ، قد يقود إلى الكساد التضخمي ، الذي يتميز بنقص الطلب على المواد، ونقص السيولة وزيادة البطالة الناتجة عن التباطؤ الاقتصادي، والانعكاسات أشد وطأة على الاقتصاديات العربية المنهكة ،التي تعيش اقتصاديات الحرب نتيجة للاحتقان المستمر في المنطقة بسبب وجود إسرائيل في قلب الوطن العربي ـواتخاذها التدابير لشراء السلاح والذخائر والمعدات العسكرية التي ترهق ميزانياتها ، لمواجهة حالة الحرب وتداعياتها غير المتوقعة وغير المدروسة ، خاصة أن شرر الحرب وشظياها تتناثر من هنا أو هناك، وتمثل ضغوطا على اقتصاديات المنطقة