لا ننكر أن القطاع الخاص يعاني في الحصول على الأيد العاملة الماهرة من العمال الوطنيين والوافدين على حد سواء لافتقارها إلى نمط المهارات المتجددة التي تواكب التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ، التي تتوافق مع احتياجات أسواق العمل، وتلبي احتياجاته ،وهذه هي الإشكالية التي لم نتوصل حتى الآن لفك طلاسمها , خاصة مع زيادة المطالبات بتنفيذ خطط التوطين في الوظائف المتاحة التي تشغلها الأيد العاملة الأجنبية في العديد من الدول، بدون تدبير، من تتوفر لديهم المهارات الفنية القادرة على الانخراط بالعمل بدون إخلال بمستوى الإنتاج والإنتاجية
لأن وأجب السلطات هو تدبير فرص العمل التي تستوعب الباحثين عن عمل ،ولا شك في ذلك ، ولكن الإشكالية هي نقص المهارات والخبرات التي تلبي حاجات الأسواق مع وجود أعداد هائلة من الباحثين عن عمل من غير المدربين أو المؤهلين لهذه الوظائف ، وعلينا أن نفهم جميعا هذه المعادلة الصعبة،لأن فجوة المهارات تشكل أهم التحديات التي تواجه التنمية الاقتصادية في دول الشمال المتقدم أو دول الجنوب، حيث تؤثر مباشرة على قدرات وإمكانات المنشآت الإنتاجية والخدمية ،وعلى النمو والابتكار، زمن ثم تخفض من قدراتها على المنافسة، والاستجابة للمتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية،
لذلك لابد من التحرك السريع لمراجعة أوضاع شركات القطاع الخاص ، وإنشاء قاعدة بيانات بغرف التجارة والصناعة ، لتحدد من خلالها الاحتياجات الحالية والمستقبلية لأسواق العمل من المهارات التكنولوجية وآليات التدريب المتاحة حتى نتمكن من تنفيذ برامج و خطط التدريب المناسبة وكذلك حصر الانشطة والقطاعات التي تعاني من الفجوات المهاراتية بنسب مختلفة أو متباينة خلال السنوات القادمة ، لأن التسلح بالشهادات الجامعية و الدراسات العليا لا يعني توافر المهارات، أو أن فرصَ العمل ستكون متوفرة بكثرة او بسهولة ،
لأن الاعتماد على الشهادات الجامعية فقط ، أو على المعدل المرتفع عند التخرج وانتظار وظيفة بناء على ذلك، لا يجدي ،إنما العمل الدؤوب على تطوير المهارات والتقدم لفرص التدريب التي يحتاجها السوق سريع التطور والانفتاح على العالم، هي أقوى ما يمكن أن يتسلح به الشباب لاقتحام أسواق العمل الخارجية والمحلية، وهذا يحتم علينا التركيز على ربط تطوير المهارات باستراتيجية التنمية والتشغيل ، و الربط بين التعليم والتدريب بمتطلبات سوق العمل ،كمدخل ضروري لتطوير وتنمية المهارات، والسياسات التنموية التي تدفع بالصناعات والخدمات والتجارة والتكنولوجيا وزيادة الاستثمارات ،باعتبار أن التدريب العملي هو طوق النجاة لسد فجوة المهارات، حيث إن الخبرة العملية الحقيقية والمكتسبة ذاتيا ، هي التي تساعد الشباب على اكتساب المعرفة والمهارات ذات الصلة ، وعلينا أن نعترف بالتقصير في هذا المجال، لأن نقص المهارات من مظاهر الاختلال، ومؤشر لعدم الكفاءة في أسواق العمل سواء المحلية أم الدولية ، ويزداد الأمر سوءا واختلالا عند تطبيق سياسات إحلال بدون دراسات علمية مسبقة ،وانسياقا للمشاعر أو العواطف ،وهو الأمر الذي فطنت الدول الأوروبية مبكرا ، حينما شجعت الهجرة إليها وعملت على العقول المهاجرة من الدول النامية وتوطينها ، لتغطية النقص في أسواقها ،وحتى لا تتأخر أو تتعثر خططها التنموية ،ولذلك حققت تقدما اقتصاديا ، تفوقت من خلاله على غيرها من أصحاب العقول الإدارية الجامدة التي لا تستطيع أن تفكر في أبعد من مواقع أقدامها ، وتسببت في الإضرار بالاقتصاديات النامية ،ولسوف تسمر الفجوة قائمة إذا لم تتبن الشركات أطر تنظيمية تعتمد مهارات التكنولوجيات الحديثة والرائدة، مع استقطاب أصحاب المواهب والقدرات ورفع كفاءتها، و تبني سياسات التقييم المستمر للوظائف ، للتحفيز من خلال الأجور المنصفة لأصحاب المهارات والخبرات المتقدمة والمواهب المتميزة، وكذلك بتحسين جودة مخرجات التعليم والتدريب ، و تطويرها لتركز على مهارات التفكير النقدي والتحليل الإبداعي ،لأنه بدون التغلب على هذه الإشكاليات فإن الاقتصاد بأكمله سيدفع ثمنا باهظا عندما لم يكن بإمكانه تجهيز سوق العمل بذوي المهارات المناسبة لمختلف الوظائف والمهن ، التي تمكنه من المنافسة القوية في السوق ، خاصة إذا فرضت بعض الحكومات تشريعات لحماية الأيد العاملة الوطنية ، بدون إعدادها الإعداد الجيد ، وما ينتج عن ذلك من تحميل شركات القطاع الخاص تكاليف باهظة لا يقابلها قيمة اقتصادية مضافة