المُستتر هو المُتخفي أو الذي اختبأ، أو تغطّى او غير الظاهر أو المُتواري أو غير المُعلن أو المُحتجب عن الأنظار ، وينتح عنها التجارة في البشر أو المحرمات و المخدرات ـ والتجارة في السلع المغشوشة والمنتهية الصلاحية أو غير المرخص بها والاتجار في العملات بعيدا عن المنافذ المصرفية والبنكية وغسيل الأموال ، وعمليات التهريب والإعلانات الوهمية عن الوظائف والمنتجات المُهربة.
والأعمال التي تقوم بها العمالة المُسربة أو الهاربة ، وهى نماذج من التجارة المُستترة والتي تمارس في الخفاء بعيدا عن أعين السلطات ومعلوم أن ستر العورة تغطيتها، وعكس المُستتر الظاهر والواضح والمعلوم ويندرج تحت ذلك كل التعاملات والمعاملات سواء أكانت تجارية أو خدمية التي تتم تحت إطار القانون من قبل الأشخاص الطبيعية أو المعنوية ، وهى معلومة المضمون والمحتوى بكل تفاصيلها
ونأخذ هذه المعاني من سورة الكهف في قوله تعالى {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} ،أي لم نجعل لهم حجابا يستترون منها كما يفسر لفظ المُستتر الشاعر الأندلسي الحكم بن أبي الصلت فقال شعرا :
زارني من هويت مُستترا & والبدر في الليل غير مُستتر
فيما قال الشاعر جبران خليل جبران :
فذاك عُمري وراء الحجب مُستتر &عليه سور من الأنوار قد ضربا
وقال أيضا:
لا تعرف الإثم فهي عارية & تبُدي حلاها بغير مُستتر
ويقول الشاعر ابن مشرف:
وطالب الحق بين الناس مستتر & وصاحب الإفك فيهم غير مستتر
ولذلك أقدم رؤية جديدة - قد تُصيب أو تُخطئ - حول التجارة المستترة ،ولا اعتقد أنه توجد تعاريف أخرى في معاجم اللغة العربية أو الأجنبية غير ما ذكرت .. وأُجزم بأنه لا توجد، ومن ثم علينا أن نُسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة ، فيما يتعلق بالمصطلح المتداول تحت عنوان " التجارة المستترة " حتى نصحح المفاهيم أمام الجميع ، ثم نبني عليها أفكارنا وحلولنا ومقترحاتنا ومقالاتنا وحتى قوانيننا وتشريعاتنا، وحتى لا نردد مثل الببغاء بلا وعي ،و نضر بالاقتصاد العام ،أو نؤثر سلبا على دخل بعض الأفراد والأسر، التي تمارس أنشطة معلنة ظاهرة ومعلومة على اليمين ومن اليسار ومن كل اتجاه بكل تفاصيلها وأطرافها ومرئية وقانونية في الوقت ذاته وتسمى لفظا مُستترة، وبعد هذه المقدمة الطويلة للتعريفات اللفظية واللغوية "للمُستتر " ، فهذا يتطلب منا السعة في الأفق وعمق الإدراك وبُعد النظر طبقا لفقه الواقع.
فلنعدل الخطاب الإعلامي الخاطئ في الفكر الاقتصادي حول هذه الظاهرة ، ولنضع أمام الزملاء في وسائل الإعلام الاقتصادية بأنواعها المفاهيم العلمية للظواهر الاقتصادية بما لها أو عليها من خلال الطرح الموضوعي بدون الانسياق للعاطفة و التعاريف الخاطئة ، لأن التوصيف الصحيح للمشكلة هو بداية الحل ، لأنه من الغريب أن نجد بعض من يردد مصطلح "التجارة المستترة " و يقف ضدها بصوت مرتفع ، وهو يمارسها على أرض الواقع ،ولا يعلم حجم التعاملات بها أو عدد الممارسين لها ، أو كيف تؤثر على الاقتصاد إجمالا سواء بالسلب أم الإيجاب ، وإذا كان تفسير معنى التجارة المستترة المعروف في البلاد العربية هو" تمكين شخص غير مواطن من ممارسة أعمال وأنشطة تجارية لحسابه وهو غير مرخص له بذلك، من خلال استخدام التراخيص والسجل التجاري والموافقات الصادرة للمُستتر؛ سواء أكان شخصا طبيعيا أو اعتباريا".
ومن خلال تعريفات لفظ "المستترة " فإننا نجد في هذا التعريف عدة تناقضات لأن العلاقات معروفة وغير خافية عن السلطات أوعن الأشخاص وتثبتها السجلات وتتم في العلن بدون ستر أو حجاب والدليل أنها تتم بين أطراف معلومة سواء بين مواطن ومواطن أخر ، أو بينه وبين مواطنين ووافدين.
وهذا شكل مصغر من شركات الاستثمار أو وكالات السيارات او شركات النظافة او أصحاب المصانع والمشروعات الصغيرة على سبيل المثال وهى في حقيقتها علاقة عمل لها شروط إضافية تتم برضا الأطراف وقناعتهم ومصالحهم المشتركة ،وتنعكس على الاقتصاد والدخل الإجمالي ، وأن توقفها يؤثر سلبيا على المجتمع لأنها جزء مهم من أنشطة القطاع الخاص وقياسا على ذلك هل يمكن القول بأن يكون الموظف الحكومي أو في القطاع الخاص الذي يملك ترخيصا رسميا به كل بياناته ويعمل فيه شخص آخر أو أشخاص مُستترا ؟ لأن صاحب الترخيص معلوم ويتصرف بكامل إرادته والعامل غير مختفي أو مستتر والتعاملات تتم في وضح النهار أما من حيث المضمون فإن ممارسة التجارة تخضع للقوانين التي تنظمها ويجب أن تخضع للرقابة للتأكد من سلامتها وعدم استغلال طرف لآخر ، وعدم تعارضها أو مخالفتها للنظم واللوائح وأن تحتفظ بالسجلات المحاسبية وفواتير البيع أو الشراء حتى نضمن عدم وجود تحويلات مالية للخارج منهوبة أو مسروقة أو مُختلسة ، وكذلك لابد من وجود آليات لمكافحة هذه المخالفات من المنبع إذا وجدت ،من خلال تغليظ العقوبات بالسجن أو الغرامات أو بهما معا ، وسحب سجلات المنشآت المخالفة وترحيل المخالف من الأيد العاملة الوافدة ومنع من دخولها البلاد ثانية.