بالعلم والمعرفة ترقى وتتقدم الأمم والشعوب وبالعلم يتحقق الإنجاز وتصنع المعجزات وتزدهرالامم والحضارات فكل مرحلة من مراحل التنمية تحتاج الى من يخطط لها ومن يديرها بجودة عالية و نظام التعليم الذي كان صالحا في بداية السبعينات من القرن الماضي لم يعد مجديا في هذا الوقت نظرا لتغير الظروف والاحوال ، ويعتبر التعليم في وقتنا الحاضر من أهم أولويات دول العالم ،فالحديث عنه يعني الحديث عن الاقتصاد والمعرفة والتطور والتنمية .
إن استثمار العنصر البشري في عملية بناء الامم حاضراً ومستقبلاً ،وفي ظل التطور المعرفي والعلمي والتقني الذي شمل مختلف مناحي الحياة البشرية لن يتأتى الا من خلال تجويد وتطوير التعليم والذي أصبح ضرورة قصوى وملحة لمواكبة ذلك التطور والتقدم المتسارع ، فالتعلم والتعليم هما سبب رئيسي من أسباب الرقي والتطور لدى الدول المتقدمة .
والانسان لا يختلف من حيث تكوينه العضوي من مكان الى اخر وانما الفارق يكون فقط بمدى تهيئة البيئة و الظروف المناسبة ومدى توفر الادوات الضرورية التي تعينه على التسلح بالمعرفة والعلم النافع المفيد ، ورؤية عمان 2040 ركزت على تجويد و تطوير التعليم ضمن محاورها الرئيسة الثلاثة وهي: “الإنسان والمجتمع” و”الاقتصاد والتنمية” و”الحوكمة والأداء المؤسسي” حيث يحتوي كل محور على مجموعة من الركائز التي تثريه وتساهم في تطويره موضوعيًّا.
ولم يعد الهدف من العملية التعليمية مجرد جمع المعلومات والتلقين والحفظ ، بل تعدى الأمر إلى اجراء التجارب والبحوث والدراسات و تطبيق المعلومات والمعارف بحيث تسعى المدرسة الى تغيير المفاهيم التعليمية التقليدية السابقة إلى عملية تعليمية متطورة ومتجدده تحقق إشباعاً لحاجات الطالب المعرفية والنفسية والاجتماعية ،فالطالب يتعلم المعرفة ليصبح قادراً على العمل والإنتاج و الدخول الى سوق العمل ،ولن يتحقق هذا إلا بتجويد التعليم ، والعمل على تحسين مخرجاته والاستفادة من آخر ما توصل إليه العقل البشري من إبداع وتطور وإنجاز.
تجويد التعليم يجب ان يشمل كافة عناصر العملية التعليمية وهي الطالب والمعلم والمنهج وأخيرا المؤسسة التعليمية نفسها هذه العناصر ينبغي ان تتكامل مع بعضها البعض بحيث كل عنصر ينسجم مع الاخر ويدعمه، فالنسبة للطالب لابد ان يؤمن الجميع بأنه هو محور العملية التعليمية فبدونه لا وجود للمعلم ولا للمنشاة التعلمية.
كما ان الطالب بطبيعته متحمس لاكتشاف عالمه الواسع فينبغي ان تتوفر له البيئة والظروف المناسبة والجو المهيأ داخل أروقة المدرسة لكي يتمكن من ممارسة هوياته وصقل مواهبه وإظهار قدراته الكامنة إضافة الى اهمية النظر الى المنحنى التكاملي في تقديم الخبرات التربوية التي تتوجه لتنمية شخصية المتعلم فكرياً ومهارياً وانفعاليا ً من اجل ان يخرج الطالب من مؤسسته التعلمية وهو ناضجا فكريا متسلحا بالعلم والمعرفة ولا يمنع ان نستفيد من تجارب الاخرين في هذا الجانب فهناك نماذج متميزة وناجحة في هذا المجال كالتجربة اليابانية والتجربة السنغافورية والتجربة الفنلندية وتجربة كوريا الجنوبية بحيث يتم تطويع هذه التجارب بما يتناسب مع قيمنا ومبادتنا الإسلامية.
ورغم الجهود المبذولة والامكانيات المتوفرة والمبالغ الطائلة التي يتم صرفها سنويا على قطاع التعليم والتي تصل اى ملايين الريالات الا اننا وللاسف الشديد لازلنا نقبع في ذيل قائمة الدول فيما يتعلق بجودة التعليم بل ان هناك دولا نتفوق عليها في الامكانيات المادية الا نها تسبقنا في مستوى التعليم من هنا ينبغي إعادة النظر في منظومة التعليم بشكل عام وتقييم الواقع الحالي إذا ما اردنا مواكبة المرحلة القادمة وتنفيذ رؤية عمان 2040 عن جدارة واستحقاق.