علي المطاعني يكتب : صلاة الجمعة ومعضلة الإكتظاظ

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/أغسطس/٢٠٢٣ ١٥:٢٧ م
علي المطاعني يكتب : صلاة الجمعة ومعضلة الإكتظاظ
علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تبذل فيه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية جهودا مقدرة في تنظيم صلاة الجمعة في المساجد في سلطنة عُمان في إطار إدارة هذا الجانب بشكل جيد يتناسب وقدسية هذه الصلاة وإتساقا من الأمر الرباني الوارد في سورة الجمعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) صدق الله العظيم ، إلا أن ثمة إشكالات برزت وأعلنت عن وجودها بقوة يتطلب معها أن تعيد الوزارة النظر في منح تراخيص للجوامع التي لم تمنح قبلا هذه التراخيص لأداء صلاة الجمعة في الأحياء والمناطق المزدحمة بالسكان حيث أصبحت الجوامع التي تملك التراخيص لا تفي بإستيعاب أعداد المصلين الذين يضطرون للصلاة خارج الجوامع وتحت وهج حرارة الشمس التي تصل أحيانا إلى أكثر من 45 درجة مئوية أو يمتنعون عن الذهاب أصلا لإدراكهم بعدم وجود أماكن شاغرة .
مؤلم في الواقع أن نرى المصلين وهم يتصببون عرقا ويتعرضون لإحتمالات إصابتهم بضربات الشمس ، وهناك بالفعل جوامع قائمة وموجودة ومؤهلة لإستقبال الصلاة بيد أنها لم تمنح التراخيص لكونها تقع بالقرب من الجوامع المرخصة ، وهنا تكمن المعضلة التي افرزتها حقيقة أن الوزارة لم تضع في حساباتها زيادة السكان في تلك المناطق التي تشهد هذا الإزدحام حيث يتراجع تيروميتر الأمن والسلامة كنتيجة حتمية .
ففي معظم الدول العربية والإسلامية فإن الصلاة تقام في معظم المساجد المتوسطة والصغيرة ما بقيت قادرة على إستيعاب المصلين كما ينبغي.
على ذلك فإن الواقع يملي فتح عدد كبير من المساجد والسماح بإقامة صلاة الجمعة فيها ولإمتصاص الإزدحام الشديد المشاهد حاليا .
وبما أن الأمر كذلك فإن الواقع يتطلب تجاوز بعض الشروط الصعبة ، فإذا كان وكلاء المساجد سوف يتعهدون ويلتزمون بالشروط التي تتطلبها إقامة صلاة الجمعة فما الذي يضير الوزارة من منح الموافقة بناء على ذلك سيما وأن لها تجربة جيدة في تنظيم الصلوات وصلاة الجمعة أثناء جائحة كورونا ، وقد شهدنا وقتها إلتزاما جيدا بهذه الضوابط ، إذن التجربة العملية والميدانية السابقة تبدد أي هواجس تصطف بجوار أي منع للموافقة .
فاليوم وبالأرقام نجد بأن عدد المساجد والجوامع المسجلة في السلطنة أكثر من 16 ألف جامع ومسجد ، وقليل منها تملك تراخيص أقامة صلاة الجمعة ، وهذا ينسحب على كل الولايات تقريبا مما يعني أن المشكلة عامة ولا تقتصر على ولاية بعينها .
بالطبع نتفق تماما مع الإشتراطات التي تضعها الوزارة فهي تهدف لتحقيق الصالح العام وتوفير أقصى درجات الراحة والسعادة للمصلين ، لكن من الأهمية بمكان إعادة النظر في بعضها لمواكبة التطورات التي أملتها الزيادة الطبيعية للسكان .
نأمل من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مراعاة هذا الجانب الذي يتطلب ان يكون متوافقا ومتسقا بدقة مع النمو السكاني وتزايد أعداد العمالة الوافدة في السنوات الأخيرة ، وللوزارة بطبيعة الحال الحق في إضافة ماتراه مناسبا من ضوابط وإشتراطات تحقق راحة المصلين وعدم تعرضهم لما أشرنا إليه .