أهداني صديق عماني دراسة لمجموعة من الشباب العماني المعني بقضايا الاقتصادي وسوق العمل في السلطنة، طرحت الدراسة العديد من المقترحات التي تستحق التعامل معها بجدية وسرعة، للاستفادة منها، في علاج اختلال سوق العمل وتنظيمه ،ومنها رؤيتهم حول بدائل لنظام الكفيل الذي أشرت إليه في عشرات المقالات بجريدة الشبيبة العمانية ومجلة طريق المستقبل وجريدة الشرق القطرية.
تقول دراسة الشباب العماني الواعد والتي لن نتدخل فيما قدموه من طرح ولن نزيد عليه الآن،- وهى معي لم يريد الاستفادة منها - لأن رسالتهم واضحة حيث تقول المبادرة: " تطرقت العديد من المنظمات الدولية ومنظمة حقوق الإنسان للحديث عن نظام الكفالة المعني بطلب العمالة الأجنبية، وذكرت هذه المنظمات أن هذا النظام ينافي المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ويتعارض مع أنظمة العمل التي تستند على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق المهاجرين
وأن نظام الكفالة ليس منصفا لأي طرف وغير مستدام ، فالوافد لا يجد حقوقه الأساسية المنصوص عليها في اتفاقيات العمل الدولية ، ولا يتمكن المواطن من الحصول على فرص عمل عادلة، لأنه ينافس عمالة رخيصة غير ماهرة ومستعدة للعمل في أسوأ الظروف، لذلك تزيد نسبة البطالة لدى المواطنين الشباب بشكل كبير، ومن جهة أخرى فإن الحكومات نفسها لا تستفيد من هذا النظام فهذا النوع من العمالة لا يٌنفق ما يحصل عليه من دخل في الاقتصاد المحلي لأنه يدرك أن وجوده مؤقتا، ولا يوجد مسار للتجنيس أو الإقامة الدائمة، أو حق التملك إلا لفئة محدودة جدا من النخبة الثرية، وبدون نظام واضح وشفاف، ولذلك يظهر للمتابع أن نسبة التحويلات قياسا على الناتج الإجمالي عالية جدا، وخصوصا في عُمان، وبشكل عام تصل التحويلات المالية للوافدين في دول الخليج 119 مليار دولار وهوما يشكل 26.8 % من الإجمالي العالمي للتحويلات المالية، بينما اقتصاديات الخليج مجتمعة لا تصل إلا على 15 ضعفا، مقارنة بحجم النتاج الإجمالي "،
ثم طرحت المبادرة سؤالا جوهريا مهما، حول لماذا يجب التخلص من هذا النظام ، خاصة أن اقتصاديات الخليج لم تتخذ خطوات جريئة بإعادة هيكلة سوق العمل بشكل جذري ، وظلت تركز على سياسات التوطين للوظائف مثل ( السعودة و التعمين و البحرنة )،ورغم استشعارها لخطورة الوضع من الناحية الديموغرافية والثقافية ، إلا أنها لم تدرك أنه يشكل خطرا اقتصاديا يستدعي التغيير، إلا بعد أن تراكمت نسب البطالة ، وأصبحت تشكل تهديدا على النظام السياسي واستقراره ، خصوصا بعد ما يسمى الربع العربي في 2013 والأحداث التي صاحبتها"
وأوضحت المبادرة الشبابية" أن هناك نتائج متوقعة من إلغاء نظام الكفالة تتمثل في نوعين الأول : و هو الأثر الوقع على الاقتصاد المحلي ، والنوع الثاني انعكاس ذلك على العمال المهاجرين،
أما النتائج الواقعة على الاقتصاد فمن المتوقع أن إصلاح الأنظمة التي تنظم هجرة العمال_ كنظام الكفالة – يمكن التقليل من عدد العمال الأجانب القادمين بشكل غير نظامي ، وينتج عن ذلك ارتفاع نسب التعمين ، ورفع إنتاجية العمالة الوافدة الماهرة ، وسترتفع مرونة سوق العمل أيضا، بالإضافة إلى أن إلغاء نظام الكفالة سيضع حدا لتجارة التأشيرات ويقلص المشاكل الأمنية بسبب هروب العمالة الأجنبية ، وبالتالي سيتحقق الاتزان في البنية السكانية بين المواطنين والأجانب أما عن الآثار المتوقعة على العامل الأجنبي ، فإنه من المتوقع أن تتحسن ظروف العمل وأن تتغير طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل بعدما كانت غير متكافئة ، وأن يضمن العمال حقوقهم الأساسية والشخصية ، ويستطيع العامل الأجنبي استقدام أفراد أسرته بدون الحاج إلى تصريح من رب العمل، ما يعني إنفاق ما يحصل عليه من دخل في السوق المحلي على الخدمات مثل المطاعم والمقاهي وتجارة التجزئة والنقل وغيرها ، فضلا عن حصوله لبعض الامتيازات ، كإمكانية تملك العقارات في الأحياء التجارية مما سينعش سوق العقارات ، وحتى الحكومة تستفيد من حيث وجود شريحة اجتماعية لديها قدرة شرائية عالية تُستهلك في السوق المحلي ، وقادر على دفع الضرائب مثل ضريبة الدخل والقيمة المضافة ، وكذلك ستكون هذه العمال ماهرة ومعلمة وتشكل إضافة نوعية جديدة للاقتصاد ، بما لديها من خبرات ورؤوس أموال وعلاقات مع العالم الخارجي ، وبناء على ذلك فإن إلغاء نظام الكفيل سيتيح في محصلته جدوى للاقتصاد المحلي ، وللعمال الأجانب والحكومة على حد سواء .
وعرضت مبادرة الشباب الواعد عددا من النماذج المقترحة كبديل لنظام الكفيل ومنها: " الإقامة المؤقتة والدائمة ، وهو نظام يسمح للأجانب من فئة معينة الحصول على إقامة مؤقته محددة المدة أو إقامة دائمة عن طريق المنحة من الحكومة أو بمنحها لمن تراه مستحقا، كأن تمنح الحكومة التجار والأثرياء الذين تجاوزت استثماراتهم في السلطنة بالملايين أو من حققوا إنجازات أو خدمة استثنائية تجاه الوطن ، أو للطلاب المتفوقين جدا لتعزيز التنافسية ، وبذلك يسمح هذا النوع بالاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم ن وتشجيعا لهم على البقاء في أرض السلطنة ،
والنموذج الثاني هو عن طريق الشراء بأن يقوم المقيم بدفع مبلغ مالي عادة يكون كبيرا تحدده الحكومة مقابل الحصول على إقامة مؤقتة لخمس أو عشر سنوات قابلة للتمديد مقابل أن يستفيد من الخدمات والتسهيلات المتوفرة في الدولة
أما اخيار الثالث فهو عقد العمل وهو ركيزة العلاقة بين صاحب العمل والعامل وتكون الجهة المانحة للإقامة هي الحكومة، وهذا الخيار الأخير هو الذي اقترحته منظمة العمل الدولية كبديل لإلغاء نظام الكفالة، كم أن المقترح الأخير قد يجنب الحكومة الانتقادات الدولية خصوصا من المنظمات الحقوقية.