صادق خان .. سني أم شيعي ؟!!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٥٤ م
صادق خان .. سني أم شيعي ؟!!

جمال زويد

" اسمي خان ولست إرهابيا " هي أول عبارة تحدث بها صادق خان فور انتخابه لمنصب عمدة لندن في نهاية الأسبوع الفائت ممثلاً لحزب العمال البريطاني وكأول مسلم يعتلي هذه العمادية في المملكة المتحدة ، بفوز مستحق على منافسه ممثل حزب المحافظين الحاكم زاك جولد سميث حيث حصل خان البالغ من العمر (45) عاماً على مليون و310 آلاف و143 صوتا، مقابل 994 ألف و614 صوتا لمنافسه نجل الملياردير سميث وعمره (41) عاماً . أي بفارق 315 ألف و529 صوتا.
"اسمي خان ولست إرهابيا" حرص عمدة لندن الجديد أن يبدأ بها حديثه ليبث من خلالها رسالة رد على حملة التشويه والتسقيط التي تم ممارستها ضدّه إبّان الانتخابات من منافسيه وغيرهم ومنهم منافسه الرئيسي زاك جولد سميث الذي طالما اتهم صادق خان بأنه "أعطى منصة أوكسجين وغطاء للمتطرفين" في إشارة لتخويف الناخبين من خطر الإسلاميين ، والاستفادة من ( فوبيا الإسلام ) التي تتزايد في العديد من الدول الأوروبية لكن ذلك لم يفلح وفاز في الاقتراع أول مسلم بريطاني من أصل باكستاني بهذا المنصب الهام جداً .
صادق خان المنحدر من أسرة باكستانية هاجرت من باكستان إلى لندن في العام 1970ترتيبه الخامس بين ثمانية أشقاء هم سبعة أولاد وبنت واحدة ، تعلم حياة البساطة من والديه أمان الله وسهرون خان حيث كان يعمل أبوه سائق حافلة وأمه تعمل خيَّاطة، وكانوا يقطنون مسكنا بسيطا في جنوب العاصمة لندن . ولذلك قال العمدة الجديد إنه لم يتخيل أبدا أن "شخصا مثله يمكن أن يُنتخب رئيسا لبلدية للندن" .
"اسمي خان ولست إرهابيا " هي عبارة معروفة – ربما – يستذكرها الكثيرون من الفيلم الهندي الشهير "اسمي خان ولست إرهابيا " من إنتاج عام 2010 وإخراج كاران جوهر وفارون دهاوان وبطولة شاروخان ، ويتناول عنصرية المجتمعات الغربية التي عانى مثلها صادق خان بسبب ديانته التي هو يعتز ويفتخر بها ولايتردد في الإعلان عنها حتى أنه بعد أن أصبح في عام 2005 عضوا في مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال ممثلا لمنطقة توتينغ ؛تحدث في أول خطاب له كعضو بالبرلمان عن كيف أن أبيه علمه حديث النبي محمد، عن أن الشخص الذي يجد شيئا خطأ عليه أن يعمل على تغييره.
وصادق خان الذي تخرّج من جامعة نورث لندن بعد دراسته للقانون وبدأ رحلته كعضو في المجلس البلدي عن حي توتينغ ؛ كان أيضاً أول وزير مسلم ينضم لمجلس الوزراء البريطاني ، ففي عام 2009 تقلّد منصب وزير النقل والمواصلات فيها ، كمحطة أخرى من محطات جدّه وكفاحه ورحلات تحقيق الطموح .
وبعيداً عن كل مواقفه ، سواء مانؤيدها أو نعارضه فيها ؛ فإن اللافت في فوزه الجمعة الفائتة بمنصب عمدة لندن انشغال أذهان وعقول مجاميع ليست قليلة من عموم مجتمعاتنا العربية والإسلامية بالجواب على سؤال : هل صادق خان سني أو شيعي ؟! في دلالة واضحة على حجم المرض الطائفي الذي استشرى في كياناتنا ونخشى أن نقول أن علاجه بات بعيد المنال .
من تابع ردّات الفعل ( المجتمعية ) العربية والإسلامية على هذا الفوز سيدرك حجم النخر الطائفي وتصنيفاته وتصدّره لكثرة من المشاهد التي كان ينبغي أن نقفز فيها على علاّتنا وأسقامنا ونتماهى مع الحدث ومايستحقه من تأمل وتحليل بعيد عن حصر كامل الحدث أو المشهد في سؤال : هل هو سني أو شيعي ؟! بينما نهمل سيرة نجاحه وكيفية كفاحه والطريقة التي وصل بها إلى أن يكون عمدة لندن ، مدينة الضباب التي يعشق السفر إليها مئات الناس من شتى أنحاء المعمورة ، وبالطبع العرب والمسلمين ليسوا استثناء في ذلك . إنها صبغة – للأسف الشديد – كست غالب المشهد .
سانحة :
كثير من نجاحاتنا وإنجازاتنا وكذلك قضايانا ومشكلاتنا ، نعمل فيها ذبحاً حينما نهتم بقشورها أكثر من مضامينها .