البرازيل : رئاسة " روسيف " تلفظ انفاسها الاخيرة

الحدث الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٣٤ م

برازيليا – ش – وكالات

تعيش ديلما روسيف ربما ساعاتها الاخيرة على رأس البرازيل، اذ استعد مجلس الشيوخ امس الاربعاء لتنحيتها من الرئاسة مع بدء آلية اقالتها بتهمة التلاعب بالحسابات العامة.
ولم يبق لروسيف (68 عاما)، الرئيسة اليسارية التي تراجعت شعبيتها، املا بمواصلة ولايتها الثانية، الا في حال قررت المحكمة الفدرالية العليا في اللحظة الاخيرة انقاذها.
وقدمت روسيف، وهي اول امرأة فازت برئاسة اكبر بلدان اميركا اللاتينية عام 2010، مساء الثلاثاء التماسا اخيرا الى المحكمة العليا، طالبة منها الغاء الآلية التي تعتبرها بمثابة "انقلاب" دستوري "بدون سلاح".
ودعي اعضاء مجلس الشيوخ الى الاجتماع اعتبارا من الساعة 9,00 (12,00 ت غ) في جلسة عامة للبت في بدء آلية الاقالة رسميا.
وتبدو نتيجة عملية التصويت التي يفترض ان تجري مساء او اثناء الليل، محسومة عمليا.
وأيد خمسون من اعضاء مجلس الشيوخ الـ81 بدء آلية اقالة الرئيسة، ما يزيد بكثير عن الغالبية البسيطة المطلوبة وقدرها 41 صوتا.
وبالتالي، وما لم تحصل مفاجآت، ستتم تنحية روسيف تلقائيا من الرئاسة لمدة اقصاها 180 يوما بانتظار صدور الحكم النهائي لاعضاء مجلس الشيوخ، الامر الذي قد يحصل في سبتمبر.
وسيحل محلها بحلول الجمعة حليفها السابق الذي اصبح خصما لها، نائبها ميشال تامر (75 عاما)، زعيم حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية الوسطي الذي خرج من حكومتها الائتلافية في نهاية مارس.
وفي حال اقالة روسيف نهائيا، سيتولى ميشال تامر الرئاسة حتى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة في 2018.
وتتهم المعارضة الرئيسة بارتكاب "جريمة مسؤولية"، وهو ما يستوجب اقالتها بحسب الدستور، بتلاعبها بالحسابات العامة لاخفاء حجم العجز في الميزانية في 2014، سنة اعادة انتخابها في عملية اقتراع موضع جدل، وفي 2015.
وتاخذ عليها عمليا وضعها عشرات مليارات النفقات العائدة الى الحكومة على عاتق المصارف العامة، واقرار نفقات غير مدرجة في قانون المالية بدون الحصول على موافقة مسبقة من البرلمان.
وتؤكد روسيف ان جميع الرؤساء السابقين لجأوا الى هذا النوع من التمويه في الموازنة، من دون ان يشكل ذلك ذريعة لاقالتهم.
واعلنت مساء الثلاثاء أن "اليوم الأخير من ولايتها سيكون في 31 كانون الأول/ديسمبر 2018"،" مؤكدة "سأكافح بكل ما أوتيت من قوة باستخدام الأساليب المتوفرة والقانونية، كل أساليب القتال".
وقالت ان تامر وحلفاءه "لا يتمكنون من الوصول الى الرئاسة بالتصويت الشعبي، فيستخدمون وسيلة الاقالة للقيام بانتخابات غير مباشرة يستبعد منها الشعب".
وتصل هذه المعركة السياسية الشرسة الى اوجها قبل اقل من ثلاثة اشهر من افتتاح دورة الالعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو التي كلفت البرازيل تنظيمها في 2007 خلال عهد الرئيس السابق لولا دا سيلفا، مرشد روسيف السياسي، وفي فترة ازدهار اجتماعي واقتصادي حققه في البرازيل.
يواجه عملاق اميركا اللاتينية الناشئ، المصنف سابع قوة اقتصادية في العالم والديموقراطية الحديثة، اليوم اخطر ازمة سياسية في تاريخه.
ويعاني البلد البالغ عدد سكانه 204 ملايين نسمة، اسوأ انكماش اقتصادي منذ عقود، مع تراجع اجمالي ناتجه الداخلي بنسبة 3,8% في 2015، وتوقع تسجيل تراجع مماثل عام 2016، وارتفاع الدين والعجز والبطالة، وتضخم يقارب 10%.
وطاولت فضيحة الفساد الضخمة التي اندلعت حول مجموعة بتروبراس العامة، قسما كبيرا من النخب السياسية، كما لطخت حزب العمال بزعامة روسيف الحاكم منذ 2003، وحزب ميشال تامر.
وصوت مجلس الشيوخ بالاجماع الثلاثاء على اقالة الرئيس السابق لكتلة حزب العمال في مجلس الشيوخ ديلسيديو امارال ومنعه من الترشح للانتخابات لمدة ثماني سنوات. وكان امارال الذي اودع السجن ثلاثة اشهر بتهمة اعاقة عمل القضاء في التحقيق حول مجموعة بتروبراس، كشف ضلوع روسيف ولولا في القضية.
وتبقى الحكومة والبرلمان مشلولين في انتظار صدور قرار بشأن الية الاقالة التي صادق النواب على المرحلة الاولى منها في 17 نيسان/ابريل بغالبية ساحقة.
وانهارت شعبية روسيف عام 2015 الى مستوى غير مسبوق لا يتخطى 10%، ويطالب 61% من البرازيليين برحيلها، بحسب استطلاعات للرأي جرت مؤخرا.
ويدعو عدد مماثل من البرازيليين الى رحيل ميشال تامر ايضا الذي لا يحظى سوى بـ1 الى 2% من نوايا الاصوات في حال تنظيم انتخابات رئاسية، ويطالبون بتنظيم انتخابات مسبقة، وهو ما لا ينص عليه الدستور.
ويعمل تامر في الكواليس على تشكيلة حكومية للنهوض بالاقتصاد، مع اعداد برنامج من التدابير التي لا تحظى بالتاييد الشعبي، وتتضمن اقتطاعات في الميزانية واصلاحات لنظام التقاعد ولقانون العمل.