سالم العبدلي يكتب: البسور من التقليد إلى الصناعة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/يوليو/٢٠٢٣ ١٢:٣٢ م
سالم العبدلي يكتب: البسور من التقليد إلى الصناعة

مهنة إعداد الفاغور او ما يسمى بالتبسيل (غلي بسور النخيل ومن ثم تجفيفها) هي مهنة قديمة توارثها الابناء جيلا بعد جيل وتعتبر من الموروث الحضاري للسلطنة بالاضافة الى كونها من المظاهرالجميلة التي تشهدها بعض الولايات خصوصا محافظة شمال الشرقية في فصل الصيف وبداية القيض واكثر الولايات شهرة بمهنة التبسيل هي ولاية بدية نظرا لوجود اعداد كبيرة من نخلة المبسلي وهو الصنف الاكثر استخداما في التبسيل وعادة يجتمع افراد الاسرة او العائلة الكبار والصغار يتعاونون فيما بينهم لجني المحصول في منظر رائع جدا .

  ومنذ بداية النهضة الحديثة صدرت التعليمات بدعم هذه الحرفة وتشجيع ودعم القائمين عليها من اجل الاستمرار والمحافظة عليها ، وتأكيدا لاهتمام الحكومة بهذا الموروث وحرصها على استمراره صدر المرسوم السلطاني رقم (44/76) بشأن دعم انتاج البسور العمانية، والمرسوم السلطاني رقم (56/77) الذي اسند بموجبه عملية شراء البسور العمانية إلى وزارة التجارة والصناعة آنذاك (وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار حاليا )، كما تم تكليف وزارة الزراعة والثروة السمكية آنذاك (وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه حاليا) بالتعاون معها لايجاد الحلول المناسبة لاستغلال البسور صناعيا.

الا انه وللاسف الشديد لم تتطورمهنة التبسيل على مر السنين لا في طريقة اعدادها ولا في كيفية تسويقها او الاستفادة منها ولا الجهة التي يصدر اليها حيث ظلت الهند الجهة الوحيدة التي تصدر اليها البسور العمانية بطريقة تقليدية جدا حيث تعباء في شوالات ( جواني) بعد تجفيفها ومن ثم تصدر كمادة خام .

المزارع البسيط والذي يتعب ويبذل جهد كبير من اجل المحافظة على هذه المهنة لم يستفيد من الدعم الذي قدم خلال السنوات الماضية الا النزر اليسير فكان المستفيدين الرئيسين من هذا الدعم هم بعض التجار والمصدرين وقد صرفت ملايين الريالات على هذه العملية على مر الخمسين سنة الماضية دون ان تتطور ، ودخلت العمالة الوافدة في المتاجرة فيها وحصلت على مبالغ طائلة منها.

الشيء المبشر أن هناك بوادر لتطوير هذه المهنة وجعلها ذات مردود اقتصادي ونقلها من مهنة تقليدية الى صناعة يمكن ان يستفيد منها المزارع والتاجر وتعزز من الردود الاقتصادي على المستوى الوطني فمنذ تحويل ملف البسور الى الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة ومن خلالها الى شركة تنمية نخيل عمان بدأ التفكير في كيفية تطوير هذا المنتج وجعله ذا قيمة اقتصادية من خلال اقامة بعض الصناعات التي تعتمد على البسور.

وخلال الندوة العلمية التي عقدت مؤخرا في ولاية بدية والتي كانت بعنوان "فرص الاستثمار في صناعة الفاغور بسلطنة عُمان"، على هامش فعاليات موسم "التبسيل" لإنتاج "الفاغور"والتي تضمنت تقديم عدد من أوراق عمل، قدمها بعض المختصين والباحثين ركزت هذه الاوراق على تجربة سلطنة عُمان في مجال إنتاج وتسويق البسورالتبسيل.. الواقع والإمكانات والتمويل كذلك البحوث العلمية في الصناعات التحويلية المتعلقة بالفاغور "البسور" وغيرها من المواضيع المهمة تم الكشف عن عدد من الجهود المبذولة لتطوير هذه المهنة.

وقد أنشأت شركة خاصة بالاهتمام والعناية بالبسور وجعلها ذا قيمة اقتصادية من قبل بعض المواطنيين في ولاية بدية في خطوة جيدة وموفقة كونها لأول مرة تكون هناك جهة إسثمارية متخصصة فقط في التصنيع الغذائي المرتبط بالبسور وهي -شركة بسور- والتي استعرضت تجربتها المتعلقة بالصناعات التحويلية وتحسين إنتاج البسور وقد شاهدنا على هامش المعرض بعض المنتجات التي بدات الشركة في تصنيعها من البسور مثل بديل السكر والكونفكلس والبسكويت الخاص بالايسكريم ومنتجات اخرى مبشرة ونتوقع خلال الفترة القادمة ان يتم تطوير هذه الصناعات والاهتنمام بالقيمة المضافة.

من هنا ينبغي تكاتف كافة الجهود الحكومية والاهلية وشركات القطاع الخاص من اجل دعم وتطوير هذه الصناعات وجعلها منافسة ولابد من إستمرار الدعم الفني والمالي لهذه المهنة على الاقل على المدى المنظور لكي تستطيع القيام على ارجلها والمنافسة كما لابد من تشجيع و دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تقوم على صناعة المنتجات المشتقة من البسور وما للبحث العلمي والابتكار من اهمية فينبغي التركيز على ايجاد منتجات جديدة ومبتكرة تعتمد على البسور.